بعد التاسع من نيسان عام 2003 وفي بلد مثل العراق هل هنالك تبادل سلمي للسطلة؟ نعم بكل تاكيد، هل جاء ذلك التبادل السلمي نتيجة لانتخابات نزيهة الى حد كبير؟.. نعم بكل تاكيد فقد شهدت بذلك الامم المتحدة قبل غيرها، هل هنالك اجواء ديمقراطية تنشد الحرية وتسعى لترسيخ الوعي ؟ نعم بكل تاكيد رغم كل ما يواجه العراق من صعوبات مختلفة.. فذلك ما لايمكن لعاقل ان ينكره ممن يتابع الوضع العراقي ولو بشكل عام، لكن المشكلة التي تلوي ذراع العملية السياسية في العراق بشكل عام هي استحداث ما يسمى بمجلس الرئاسة الذي كان من المعلن في بداية تشكيله منحه صلاحيات شرفية.. لكنه بعد ذلك تحول الى سلطة متشعبة الصلاحيات قادرة على شل العملية السياسية برمتها!
فمجلس الرئاسة قادر على ايقاف العديد من نشاطات السلطة القضائية وكذلك قادر على ايقاف كل يمكن ان تقوم به السلطة التشريعية من قرارات اضافة الى ذلك فهي تشارك السلطة التنفيذية مهاما كثيرة جدا مما يفرغ العملية الديمقراطية من محتواها ويصبح منصب رئيس الوزراء الذي هو من حصة الاغلبية السياسية في البرلمان لكي تمارس دورها السياسي يصبح رقما سهلا في تلك المعادلة العجيبة الغريبة التي تؤشر لخلل واضح في مجمل المشهد السياسي في العراق. كثيرون اصبحوا يتحدثون عن رئاسات اربع في العراق وليست رئاسات ثلاث فمجلس الرئاسة اصبح يمثل لوحده سلطة اخرى عبارة عن مزيج من السلطات الثلاث! وهذه قضية مثيرة للاستغراب!
واذا ما كانت العملية السياسية في العراق تؤشر لبداية ديمقراطية جديدة غير مسبوقة في العراق وبالتالي فهي بحاجة الى طمأنة الجميع على ما لهم من حقوق ووضع الامور في ميزان خاص ربما ليس هو السياق الطبيعي للحراك الديمقراطي في ايّ دولة ديمقراطية في العالم مما يعني ذلك القبول بالدور المحوري الذي يؤديه مجلس الرئاسة في الفترة السابقة فانه وبعد مرور فترة تشريعية كاملة دامت قرابة الاربع سنوات الى جنب ما سبقها من وضع انتقالي استمر هو الاخر قربة الثلاث سنوات بعد مرور هذه الفترة لاداعي للتمسك بمجلس الرئاسة والتمسك بصلاحياته التي تحول الاقلية السياسية الى اكثرية وتنسف العمل التشريعي بقرار من هذا العضو او ذاك ناهيك عن التباين الملحوظ في وجهات النظر في مجلس الرئاسة بحد ذاته والذي يحوله الى نسيج غير متجانس يؤدي البعض فيه دور الثلث المعطل الذي يفرغ الديمقراطية من محتواها.
واذا ما بقي الوضع على ما هو عليه فانه من الافضل ان ينتقل العراق من النظام الديمقراطي البرلماني الى النظام الديمقراطي الرئاسي الذي تكون فيه الية اختيار الحكومة عن طريق البرلمان اما رئيس الجمهورية فيتم اختياره باجراء انتخابات رئاسية بشكل مباشر من قبل الشعب مما يتيح لرئيس الجمهورية شرعية حقيقية من الشعب تسمح له بالاحتفاظ بهذا الكم الهائل من الصلاحيات والدور الاستثنائي الذي يقوم به وهذا ما هو معمول به في كثير من دول العالم ذات التاريخ الدميقراطي الطويل، اما ان يبقى الوضع على ماهو عليه فهذا يعني مزيدا من الارباك للحالة العراقية بشكل والتي هي بحاجة الى لململة اطرافها التي لازالت مبعثرة الى حد كبير.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات