تعد الأبعاد الدولية ذات الطبيعة المستمرة من المؤثرات الحية في التواصل الفكري والثقافي في حوار الأخر، وهذا التواصل الحي الثر يقود إلى ضرورة تفعيل النصوص الدولية من اجل أن تخرج قواعد قانونية مقننة في صلب وثيقة دولية تحمي هذا التواصل وتشجعه وتعمل على إمداده بمستلزمات التواصل الصحيح المبنى على أسس موضوعية وهيكلية مؤسساتية قادرة على إشباع التواصل بصيغ معيارية وتفضيله وطرق إستراتيجية تعيد العرف الدولي في مجال التواصل وتديمه وتلقي الضوء على ايجابياته ولتتخلص من سلبياته وصولا إلى تقنينه.
1- دور السفارات
السفارات احدى أهم منجزات التعامل الدولي، وجاء إقرار السفارات في معاهدة وستفاليا عام 1648 حين أقرت المعاهدة جملة مبادئ أهمها إقامة السفارات بين الدول الأوروبية آنذاك، ثم أخذت هذه الظاهرة الدولية تتسع لتشمل دول العالم كافة،ويأتي دور هذه المؤسسات الدولية لتضع تقنية تبادلية في رفد الواقع الدولي عبر تبادل الخبرات والزيارات والمؤتمرات من اجل توصيل الفكرة الوطنية وتعزيزها وتوسيع تطبيقها على العالم،وهنا نقف لنتساءل، ماهي الثقافة التواصلية عبر السفارات،هل هي في مواجهة العولمة ام ضمن تيار العولمة؟
في واقع الحال الثقافة التواصلية تكون ذات طابع مميز عن طريق السفارات لأنها تديم صلة الوصل بالأخر ولأنها تنمي العلاقات الدولية وتمد هذا التواصل بغذاء فكري فعال قادر على مجاراة الواقع ودراسته بموضوعية، ويبقى دور السفارات في نشر الثقافة الوطنية واكتساب ثقافة الاخرميزة وفائدة ثرة تغني التجارب الحية وتعزز من قدرتها على التواصل، وهي ليست صور للعولمة بقدر ما هي احدى الواجهات التبادلية في العلاقة الايجابية مع الأخر من خلال السفارات، خاصة في البلدان البعيدة او التي تمتلك تراثا غنيا بالتجارب، وهذا يستبعد فرضية العولمة بكل إشكالها لان العولمة هي اختزال الموجود عالميا وتوزيعه بصورة واحدة دون مراعاة للقيم والأفكار والتراث وغيرها من العوامل..
2- المؤتمرات
تشكل المؤتمرات الدولية بعدا دوليا أخر يضاف لتعزيز الثقافة التواصلية وفق إستراتيجية مخططة ومدروسة وقد نظمت اليونسكو على وجه الخصوص مؤتمرات على الأصعدة العالمية والإقليمية بحضور بعض رؤساء الدول و الوزراء و المفكرين المرموقين حيث تدارست خلالها مجموعات عمل متنوعة الاختصاصات مختلف الطرق بتطوير التبادلات والحوار بين الثقافات.
التنسيق مع السفارات العربية والأجنبية بخصوص التعاون الثقافي وسبل تطويره معها والاجتماع مع الممثلين الثقافيين فيها لبحث الأمور والاهتمامات المشتركة يقود كله إلى اعتماد المؤتمرات ذات الطبيعة الإنسانية والفكرية البناءة باعتبارها منبرا لحوار الحضارات وتبادل الثقافات وتعزيز التنمية الدولية في مكافحة من يعارضون هذا التبادل الثقافي بحجه أو بأخرى.
ومن خلال اعتماد الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي في الدورة 31 للمؤتمر العام، المنعقد عام 2001، أعادت الدول الأعضاء في اليونسكو التأكيد على قناعتها بأنّ التنوع الثقافي يشكل أحد جذور التنمية.
هذا الإجراء يتفق ومقررات العهد الدولي وخصوصا في المادتين (13) و(15) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
1- ينبغي أن يتمتع كل شخص بالقدرة على التعبير عن نفسه وإبداع أعماله ونشرها باللغة التي يختارها، وخاصة بلغته الأصلية.
2- لكل شخص الحق في تعليم وتدريب جيدين يحترمان هويته الثقافية احتراما كاملا.
3- ينبغي أن يتمتع كل شخص بالقدرة على المشاركة في الحياة الثقافية التي يختارها وان يمارس تقاليده الثقافية الخاصة، في الحدود التي يفرضها احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
متطلبات التواصل الثقافي من الناحية الدولية
لاغناء عملية التواصل الثقافي من اوجه دولية، فان الواقع الدولي يتطلب أربعة فروض يمكن من خلال تماسكها ووحدتها تحيقيق القدر المتيسر من التواصل وهذه الفروض يمكن إيجازها بالاتي:
إقامة شراكات عالمية بين الدول
تعزيز دور السفارات الايجابي من خلال المؤتمرات والندوات
تحييد الدور الثقافي من التعرض لحقوق سياسية او مدنية.
بناء فكر تعددي مستقل على أسس وطنية ودولية لاتتعارض مع سيادة الدول
هذه المتطلبات ان تحققت أمكن الحديث عندئذ عن إقامة حوار حضاري وتواصل ثقافي غني وثر في الميادين التي تخدم الإنسانية والعالم أيضا.
زياد عبدالوهاب النعيمي
التعليقات