الحديث الذي جري علي لسان رئيس وزراء إسرائيل يوم الأحد ( 14 يونية ) من داخل جامعة بار إيلان واستمر ثلاثون دقيقة حول السلام والتطبيع ومحاصرة إيران وأخيراً عن قيام الدولة الفلسطينية، ليس له إلا معني واحد فقط هو استبعاد مخطط السلام الذي يدعو له الرئيس الأمريكي بالارتكاز علي وقف كافة عمليات البناء في المستعمرات وقيام الدولة الفلسطينية، ومن قبله ازدراء مبادرة السلام العربية التي ضمنت السلام مقابل الأرض بالإضافة إلي علاقات طبيعية مع إسرائيل من جانب كل الدول العربية و ربما الإسلامية..

قال نتنياهو بلا حرج ولا لعثمة..

لتذهب كافة الجهود العربية والأوربية والأمريكية إلى الجحيم، جهود اليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف هي الباقية والنفاذة..

إسرائيل بقيادته ليست راغبة في السلام كما يعرفه العالم، لكنها ساعية إلي امن شعبها فقط ولتذهب بقية شعوب المنطقة إلي حيث ألقت..

توسيع المستعمرات والاستيلاء علي أراضي جديدة ورفض عودة اللاجئين وطرد الأقلية العربية من داخل إسرائيل ومواصلة تهويد القدس العاصمة الأبدية الموحد لإسرائيل، هو الذي سيفرض نفسه وليس الحق المشروع للشعوب العربية في الحياة..

نتساءل ويتساءل معنا كثيرون :

علي أي أساس بني روبرت جيبس المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض ترحيبه بما اسماه موافقة نتنياهو علي قيام دولة فلسطينية؟؟ ووصفه لما جري علي لسانه من جمل خالية من المضمون بأنه quot; خطوة مهمة إلي الأمام quot;..

كيف لم يدرك مستشاري المكتب البيضاوي أن هذه الخطوة مقصود بها أن تربك مخطط الإدارة الأمريكية لمدة عامين علي الأقل، حتى يبدأ استعدادها لانتخابات الكونجرس..

واشنطن تعتبر أن مجرد إشارة نتنياهو لـ quot; دولة فلسطينية لها علمها ونشيدها quot; يُعد من وجهة نظرها نصراً بالغ الأهمية يمكن البناء عليه، بينما العالم كله يعي مقدماً أن هذه الإشارة مسلوبة المعني وفارغة من المضمون كما قالت صحيفة جيرزاليم بوست في اليوم التالي ( الاثنين 15 يونية ).. فلا السلطة الفلسطينية ولا الدول العربية المعتدلة ولا الدول الأوربية ستشارك في تمهيد الطرق لقيام دولة فلسطينية بلا هوية أو سيادة أو مقومات حياة، دولة تتمتع فقط بالعلم والنشيد وعضوية الأمم المتحدة.. تكون وظيفتها الأساسية حماية أمن إسرائيل وشعبها الذي تحتل قواتها المسلحة أرضه!!..

ضرب نتنياهو بمبادرة السلام العربي عرض الحائط، لأن الفلسطينيون لم يعترفوا بعد بأن إسرائيل دول يهودية فقط.. لأن العرب لم يتبادلوا معها تبادل التمثيل الدبلوماسي.. وبدا وكأنه لم يسمع عن الخطوط العريضة لفحوى خطاب الرئيس الأمريكي، لأن أولوية العمل عنده تبدأ من ضرب إيران لحرمانها من استكمال ملفها النووي.. وقدم بديلاً عن هذه وتلك رؤيته عنصرية متطرفة تعمد أن يغلفها بالقوة المعنوية أولا، وان لم يعترف الآخرون بصوابيتها وألمعيتها فهو علي استعداد لاستخدام القوة المادية لفرضها عليهم!!..

خلاصة خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي :

انه لا يريد السلام لأنه لم ينتخب لأجل تحقيقه..
أنه يسعي لتعزيز عنصرية إسرائيل وتطرفها..
أنه ينوي فرض رؤيته ليس فقط علي الأقربين وإنما أيضاً علي الأبعدين..
لا يعترف بان دولته تحتل ارضي فلسطينية وسورية ولبنانية..
يقول للجميع أنا هكذا أريد كل شيء ولا فرط في أي شيء، وعليكم أن تقبلوني علي هذه الصورة شئتم أم أبيتم..
ما يهمنا في هذا المقام رد الفعلين الفلسطيني العربي!!..

لأننا نتوقع أن تتعامل إدارة الرئيس أوباما مع أفكار نتنياهو بايجابية ونتوقع أن تحاول التوصل معه إلي تفاهم متدرج يبدأ من موافقته علي قيام دولة فلسطينية، وربما تسعي بعض الأطراف الأوربية ndash; باريس ولندن - إلي محاولة إقناعه بالتخفيف من غلوائه فيما يتعلق بشروطه التعجيزية حيالها..

لكننا علي ثقة تامة أن تبديد نتنياهو ndash; ولا أقول تحقيره - للمساعي العربية الرامية إلي إقامة سلام في المنطقة، يتطلب :

1 ndash; فلسطينياً توحيد الكلمة والموقف والتوجه، بالتأسيس علي مبدأ المقاومة المتاحة لكل فصائل الشعب الفلسطيني دون استثناء أو إقصاء أو ازدراء..

2 ndash; عربياً اتخاذ قرار بسحب المبادرة العربية، والإعلان عن ذلك من فوق منبر الجامعة العربية..

فهل هذا كثير؟؟ أم انه غير ممكن؟؟..

الدكتور حسن عبد ربه المصري

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]