أفادت شبكة quot;جنكquot; الإخبارية الباكستانية أن النزاع الدموي الذي إندلع بين أعضاء حركة طالبان باكستان إثر مقتل زعيمها بيت الله محسود يوم الأربعاء الماضي لم يكن محض إقتتال لخلافته فحسب، بل الأموال الطائلة والذخيرة الهائلة والتي تقدر بثلاثة مليار دولار أثارت فتنة النزاع بين الخلفاء المرشحين، فكلهم أجمعون دون شك ملهفون للفوز بالمال والسلاح والرقيق المُدرب ليتمكنوا من ممارسة ومواصلة الفساد.
أفادت تقارير أنه يوجد 3500 فرد مدرب بينهم إنتحارييون كانوا يقومون ويقعدون باشارة من بيت الله محسود، بين هؤلاء الأفراد من له علاقات وثيقة بتنظيم القاعدة والرجل الثاني أيمن الظواهري. وطبقاً لمعلومات اسخباراتية أخرى فإن هذه الأموال تم حفظها في مغارات تحت أرضية في المناطق القبلية المتاخمة للحدود الأفغانية وفي بنوك في باكستان وفي دول الخليج حيث حّول محسود هذه الأموال إلى الخارج للإستثمار في مجال العقار، وعندما عرضت عليه الحكومة الباكستانية صفقة مالية كبيرة مقابل الإستسلام وإخضاع السلاح، إستفز قائلاً quot;أي أموال لدى باكستان.. بل أنا الذي أمتلك الأموالquot;. وكانت الحكومة قد إعترفت في الماضي أن محسود لديه من الأموال ما يؤهله بتحريض أو شراء أي زعيم في المناطق القبلية لينضم إلى جانبه , وطبقاً لتصريح أحد كبار الضباط الباكستانيين فتنظيم القاعدة وعناصر أخرى أجنبية أقنعت محسود أن منطقة جنوب وزيرستان القبلية quot;مسقط رأس محسودquot; ستصبح في القريب العاجل أمارة إسلامية مستقلة وسيكون هو أميرها الأول، حتى أن محسود كان يشرف شخصياً تأكيداً على تسليم المرتبات الشهرية إلى منازل كل مقاتل في حركته بمبلغ 200-300 دولار شهرياً، وكان يستلم دفعات مالية ضخمة من مركز القيادة في أفغانستان وتفيد معلومات استخباراتية أن ميزانية بند المعاشات السنوية لمقاتليه تبلغ ما يقارب 7,5 مليون دولار، كما أنه أوثق زمام شبكة شديدة المتانة لها عناصر في وزيرستان ومدينة كراتشي ينتمون لقبيلة محسود وعناصر جهادية أخرى في مناطق جنوب إقليم البنجاب الباكستاني تم تكليفهم بنهب البنوك وإختطاف الرهائن من أجل تقاضي الأموال وكانوا يرسلون تلك الأموال مباشرةً إلى محسود، حيث قام عناصره قبل عامين بنهب مبلغ 1,75 مليون دولار من أحد مصارف تبديل العملة الأجنبية في كراتشي وبعد تدخل علماء وكبار رجال الدين أعاد محسود من المبلغ فقط 200 ألف حياءً منهم.
وفي تقرير تحقيقاتي آخر أثار الدهشة أن محسود وأمثاله نشر الزعزعة وعدم الاستقرار في المناطق القبلية باسم العقائد ظاهراً وباطناً كان تمرداً يهدف إلى إستقلالية المنطقة على شكل دويلة جديدة وأن لأفغانستان علاقة مباشرة بذلك لتتقطّع باكستان وتصبح دويلات ماحيةً وجودها الحالي، حيث برزت هذه المعلومات والتقارير عن عناصر للحركة تم القبض عليهم خلال العمليات الأخيرة. كل شيء محير للغاية، ولكن الأشدة حيرة من أي شيء على الإطلاق، هي وكالات المخابرات الباكستانية التي تتقاضى أموال دسمة من خزينة الدولة بالطبع تحت بنود سرية غير قابلة للإحتساب ولا تُسئل عن ما أنجرت!
ماذا فعلت هذه الوكالات خلال كل هذه الفترة؟ على أرض البلاد شبكة إرهابية كبيرة تدير المال وتتلقى مساعدات من الخارج كيف بقيت الاستخبارات غير شاعرة بذلك ؟ كيف أهملت مراقبة شبكة على هذا النطاق، في حين لايخفى على أحد أن الهجمات الإنتحارية لم تأتي فجأة وصدفة بل تزامنت مع الأزمة الإقتصادية الشديدة التي تعاني منها باكستان بالإضافة إلى أزمة شح إنتاج الطاقة الكهربائية الأمر الذي تسببت في إغلاق معظم المصانع في باكستان، ومئات الآف أحيل إلى البطالة، قصم الغلاء والفقر كاهل المواطن وهناك أخبار عن إنتحار أسر جماعياً من الفاقة.
في هذه المحنة يرفض زعيم جماعة تخريبية عرض الحكومة بالصفقة المالية مقابل السلام بل ويستفز ويسخر ويتشمت quot;أن الحكومة لا تملك المال.. بل أنا الذي أمتلك المالquot;. ليس هناك درس أكبر من هذا لمن يريد أن يتعظ، وعلى باكستان أن تراجع حساباتها قبل الندم.

شاهد خان - إسلام آباد