السلطات تقول بجاهزيته قريبا والخبراء يشككون
مترو الجزائر لن يكون عمليا نهاية العام؟

كامل الشيرازي من الجزائر
علىبعد ثلاثة أشهر من تسليمه استنادا إلى ما التزمت به السلطات، لا يزال مشروع مترو الأنفاق في الجزائر يحبس الأنفاس ويثير كثيرا من التساؤلات حول مدى جاهزيته في اليوم الموعود، ففيما يؤكد وزير النقل الجزائري quot;عمار توquot; أنّ نسبة تقدم أشغال إنجاز أول خط مترو في البلاد تقدر بـ95 بالمئة، ويصرّ على أنّ أولى عرباته ستسلم في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإنّ خبراء يشككون في هذا الكلام، ويقولون إنّ المترو الذي جرى الشروع فيه قبل 26 عاما وعرفت أشغال انجازه تأخيرات قياسية، لن يكون عمليا نهاية العام اعتمادا على معلومات ومعاينات، بل ويذهب فريق منهم إلى أنّ المشروع سيتأخر إنجازه إلى غاية العام 2014 ( ؟! )، وهو ما يعني أنّ هذا المشروع سيدخل منعطفا لا منتهيا، رغم رصد السلطات مخصصات وصلت بحسب مصادر غير رسمية إلى حدود المليار دولار، إلى جانب ما جرى توفيره من إمكانات بشرية وتقنية ضخمة.

وتبعا للتأخيرات الكثيرة الحاصلة وما ترتب عليها من استنزاف للخزانة العامة، كشف مصدر مقرّب من الملف النقاب عن خلافات غير معلنة طفت على السطح وتخص مشكلات تقنية ولا تناغم في الرؤية بين الشركات الجزائرية والأجنبية المنخرطة في المشروع، وهي مجموعات ألستوم الفرنسية، والإيطالية توديني العامة للإنشاء، فضلا عن الألمانية سيمنس أي جي والتركية يابي مركزي والإسبانية سي أي إف، ناهيك عن شركات جزائرية خاصة، وبحسب المصدر فإنّ ألستوم وزميلاتها تريد مراجعة قيمة العقود المبرمة مع السلطات الجزائرية بسبب ما ترجعه إلى قيامها بـquot;أشغال مكلّفةquot; استنزفت كثيرا من الجهد والوقت، وتقول المعلومات إنّ الوسائل التي جرى اقتناؤها لتجهيز المترو ليست متناسبة مع مقاسات القاطرات الـ24، ما سيتطلب تعديلات عديدة تتطلب طبعا وقتا إضافيا وهذا الأخير لن يكون محدودا، ما جعل خبراء يجزمون بعدم إمكانية تسليم المترو في آجاله المحددة واحتمال تسجيله لتأخير إضافي بست سنوات أخرى ، وهذا ما سيشكل في حال تأكده حرجا وإزعاجا للحكومة الجزائرية التي التزمت بتسليم المشروع بعد أشهر معدودة.

ويُنتظر أن تبلغ طاقة مترو الأنفاق الأول من نوعه في البلاد 200 ألف راكب في الساعة، وقد تصل إلى نحو نصف مليون راكب، علما أنّه سيغطي 30 محطة تجتاز أهم أحياء الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية التي شهدت في السنوات الأخيرة اكتظاظا بالسكان وحركة نقل مزدحمة على مدار ساعات اليوم.

وتبعا للأهمية الإستراتيجية التي يتمتع بها قطاع النقل في المجال الاقتصادي والتجاري، تركّز الحكومة الجزائرية على تطوير مشاريع نقل عملاقة، لذا رصدت مخصصات ضخمة زادت عن 18 مليار دولار لتحديث وتطوير قطاع النقل بشكل يسمح بالتكفل بنحو 80 مليون راكب سنويا في آفاق سنة 2010، ولهذا الغرض، اقتنت الجزائر 17 قاطرة من إنتاج إسباني بنحو 102 مليون يورو، على أن تبدأ استخدامها تدريجيا اعتبارا من الأشهر القليلة المقبلة، على منوال قطار الدفع الذاتي المكهرب (أوتوراي) الذي أعطيت إشارة انطلاقه، الثلاثاء، ومن المقرر أن يربط هذا القطار الجديد الذي يبلغ طوله 6ر75 مترا عاصمة الجزائر بمدينة الشلف (220 كلم غرب) خلال ساعتين ونصف من الزمن بسرعة قصوى تعادل 160 كلم في الساعة علما بأن تذكرة السفر تباع ب300 دينار. ويتوفر القطار على عربات مكيفة وسيقوم باربع رحلات يوميا بسعة نقل تقدر ب199 مسافرا، كما سيتم بالتزامن تجديد أربعة طرق لعربات القطار السلكي لتحسين فعاليتها، مع بناء عربات ترام لنقل 150 ألف مسافر يوميا، سيتم استكمالها في الربع الأول من عام 2009، بالتزامن مع إقامة خط سريع لسكة الحديد في عاصمة الجزائر، مع الإشارة إلى أنّ تكلفة إنجاز الترامواي الواحد تقدّر بحوالى 300 مليون دولار.

وتشكل مشاريع إنجاز القطارات الكهربائية الخفيفة،أحد أهم المشاريع التي تركّز عليها الحكومة الجزائرية، ويرتقب أن تضمن نقل 6 آلاف مسافر في الساعة مرورا بوسط المدينة ذي الكثافة الحضرية العالية وحيث تتمركز أهم المصالح الخدماتية التي يقصدها المواطنون يوميا، بحيث سيكون بمثابة همزة وصل بين مختلف وسائل النقل الأخرى، بحكم اتجاه السلطات إلى إنشاء محطات مشتركة لكل من القطار الكهربائي الخفيف والحافلات وسيارات الأجرة، وتوشك أشغال التهيئة الجارية حاليا لوضع السكة الحديدية للقطارات الكهربائية الخفيفة، ما سيمكن الجزائريين من استعمال هذه الوسيلة في أجل أقصاه 24 شهرا، علما أنّ الاتحاد الأوروبي منح 25 مليون يورو لتقويم وتحديث وإعادة تأهيل قطاع النقل في الجزائر.

وكانت وزارة النقل الجزائرية، أعلنت قبل ثلاثة أشهر أنّها قررت تعميم استعمال القطارات الكهربائية الخفيفة (الترامواي) بحلول 2010، في سياق مخطط حكومي لتغيير خارطة النقل على مستوى 16 مدينة كبرى، ويتعلق الأمر بانجاز مشروعات لانشاء خطوط كهربائية مزدوجة وأخرى ذات اتجاه واحد وتهيئة مرافق السكك الحديدية، بغرض تغيير وجه البلاد التي ضاق سكانها وملوا من مختلف كليشهات النقل الفوضوية السائدة حاليا، وتسعى السلطات إلى إتمام أولى عمليات كهربة شبكة السكك الحديدية بين العاصمة وضواحيها الشرقية والغربية أواسط العام الجاري، بما يكفل توظيف القطار المكهرب الأول في سبتمبر/أيلول القادم، وتراهن الجزائر على تسريع وتيرة مخططها، لذا تنوي استكمال شراء 94 قاطرة، بينها 30 قاطرة كندية لقاء 82 مليون دولار، ناهيك عن جلب 64 قاطرة سويسرية بقيمة 280 مليون يورو، لاقتناعها بأنّ تحسين كفاءة خدمات النقل، من شأنه خلق فرص للعمالة وتحفيز قدرة الاقتصاد على المنافسة.