ارتفع معدل النمو الاقتصادي في تشيكيا في الربع الثالث من هذا العام بمقدار 1.5% فقط، الأمر الذي يقلّ عما توقعه المحللون والجهات المختصة، التي رأت في هذا المعدل دليلاً جديدًا على بدء تباطؤ أداء الاقتصاد التشيكي واتجاهه نحو الانكماش.


إلياس توما من براغ: أعلن مكتب الإحصاء التشيكي أن وراء الأداء الضعيف للاقتصاد التشيكي تراجع الإنفاق الاستهلاكي المحلي، فيما ظلت الصادرات حتى الآن القاطرة التي تجرّ الاقتصاد المحلي، مما يعني، حسب المحللين، أن الاقتصاد التشيكي يقف الآن على رجل واحدة، هي الصادرات، وبالتحديد قطاع إنتاج السيارات، لأن بقية الفروع والقطاعات تشهد تراجعًا أيضًا.

أمام المعطيات الضعيفة المسجلة في الربع الثالث، لا يستبعد بعض المحليين أن يكون معدل النمو في الربع الأخير من هذا العام حوالى الصفر. أما عن عام 2011 ككل، فينتظر أن يكون معدل النمو 1.9%، في حين سيكون خلال العام المقبل 0.3% فقط.

يؤكد نائب رئيس اتحاد الصناعة والنقل التشيكي راديك شبيتسر لـquot;إيلافquot; أن الاقتصاد التشيكي يشهد تباطؤًا، وأن هذه النزعة تقوى باستمرار، ولذلك فإن التطورات قد تجلب في نهاية العام أخبارًا غير إيجابية. أما في العام المقبل فلا يتوقع أي تحسن.

بالتوازي مع هذا التقويم السلبي للتطورات، يرى الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس أن عقدًا ضائعًا ينتظر تشيكيا وأوروبا بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية، التي تشهدها منطقة اليورو، معتبرًا أن أحد الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة تكمن في الترتيب المنهجي الخاطئ للاتحاد الأوروبي.

ورأى أن النظام القائم في الاتحاد الأوروبي يشبه الترتيب الشيوعي، الذي كان قائمًا، أي تحكم السياسة بالاقتصاد، ولهذا يتوجب على أوروبا أن تشهد تغييرات مماثلة لما جرى في بلاده بعد سقوط النظام الشيوعي.

وحذر من أن عدم القيام بذلك سيجعل أوروبا موجودة على أطراف الاقتصاد العالمي قائلاً: quot;إذا كان عليّ أن أكون متشائمًا بشكل واقعي، ولست متفائلاً، بغير واقعية، فإنني أخشى أن أوروبا، ومعها جمهورية التشيك، بانتظارهما عقد ضائع مشابه لما شهدته اليابان في التسعينياتquot;.

ووصف العقد، الذي ينتظر أوروبا، بأنه العقد الخالي من النمو الاقتصادي، وعقد عمليات التوفير والشطب في الميزانيات، والعمل بحزم من إجراءات الإنقاذ وأيضًا عقد القلاقل الاجتماعية.

ورأى كلاوس المشهور بمواقفه السلبية من اليورو ومن تعميق التكامل الأوروبي أن المعطيات الاقتصادية المنشورة تظهر وبشكل مقنع بدء التراجع أو على الأقل حدوث تباطؤ في الأداء الاقتصادي، معتبرًا أن أسباب الأزمة الحالية ليست اقتصادية الطابع فقط. واعتبر أن الحضارة الغربية خلقت نموذجًا اقتصاديًا واجتماعيًا أعلت فيه مطالب الأفراد ومختلف المجموعات ذات المصالح والدول على الأداء الاقتصادي، مع أن الأمر كان يجب أن ينطلق من هذا الأداء، وليس العكس.

وأكد أن أوروبا إذا كانت تريد أن تقف على رجليها فيتوجب عليها أن تتغير بشكل جوهري قائلاً:لنقل ذلك بوضوح، فإما أن تتم عمليات تحول في أوروبا مشابهة لما قمنا به سابقًا أو تصبح أوروبا على أطراف بقية العالم الذي يتطور بديناميكية.

ورأى أن السياسيين الأوروبيين لا يأخذون بعين الاعتبار أن أوروبا تقف أمام مفترق مصيري، ويعتقدون بشكل خاطئ أنه يكفي إجراء تدخلات تجميلية فقط لإحداث التغيير.

وعبّر عن قناعته بأن الحل موجود في عودة السياسة إلى أوروبا، لكنه شدد على أنه لا يقصد هنا سياسة المؤسسات العليا للاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأضاف أن السياسة يمكن أن توجد فقط في الأماكن التي فيها ديمقراطية، أي على مستوى الدول، وليس على مستوى القارة. أما الأساس للسياسة وللديمقراطية فيشكله الناس، وليس الشعب الأوروبي، الذي لا يوجد عمليًا، ولا يمكن له أن يوجد حسب قوله.