أعدت ألمانيا خططًا سرّية للحيلولة دون إجراء استفتاء في بريطانيا حول العلاقة بالاتحاد الاوروبي وسط مخاوف من أن قد يخرج مثل هذا الاستفتاء الجهود الرامية إلى إنقاذ منطقة اليورو من أزمتها عن السكة، كما تكشف وثيقة مسرّبة حصلت عليها صحيفة الديلي تلغراف.


المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل

إعداد عبد الإله مجيد: تقول صحيفة الديلي تلغراف إن الوثيقة المسرّبة، التي أعدتها وزارة الخارجية الألمانية، تميط اللثام عن خطط جذرية لتشكيل هيئة أوروبية جديدة، بمقدورها السيطرة على اقتصادات الدول الضعيفة في منطقة اليورو.

كما تكشف الوثيقة عن أن الاقتصاد الألماني، أكبر الاقتصادات الأوروبية، يعد نفسه ليخلف دول أوروبية أخرى أكبر من أن تُنقذ بحزمة مساعدات، عن سداد ديونها، وبذلك إعلان إفلاسها من الناحية العملية.

ومن المتوقع أن يثير ذلك مخاوف من أن تمتد الخطط الألمانية للتعامل مع أزمة منطقة اليورو إلى تقويض السيادة الوطنية إلى دول أخرى تمهيدًا إلى قيام quot;سوبر دولةquot; أوروبية، تعتمد نظمها الخاصة في ما يتعلق بالضرائب والإنفاق.

وستُخفض مرتبة بريطانيا إلى مستوى مجموعة جديدة من دول الاتحاد الأوروبي غير المنتمية إلى منطقة العملة الأوروبية الموحدة. ويتوجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اليوم الجمعة إلى برلين لإجراء مفاوضات مكثفة مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وسط خلاف بينهما حول طريقة التعاطي مع منطقة اليورو. ومن المتوقع أن تؤكد ميركل لكاميرون أن بريطانيا ليست بحاجة إلى استفتاء بشأن تعديل معاهدة الاتحاد الأوروبي، رغم مطالبة زعماء في حزبه باستعادة مزيد من السلطات التي تنازلت عنها بريطانيا للاتحاد الأوروبي.

ويشعر رئيس الوزراء البريطاني بإحباط متزايد لرفض ألمانيا تقديم معونة مالية أكبر إلى إيطاليا والبلدان الأخرى، التي تواجه متاعب مالية في غمرة مخاوف من آثار الأزمة شديدة الضرر على الاقتصاد البريطاني.

وتهدد عدوى منطقة اليورو بالانتقال إلى إسبانيا وفرنسا. وكان سعر الفائدة على سندات الحكومة الإسبانية وصل يوم الخميس إلى quot;حافةquot; نقطة الأزمة. إذ باعت الحكومة الإسبانية سندات أجلها 10 سنوات بسعر فائدة قدره 6.975 %، وهو سعر يقلّ بهامش ضئيل عن الـ 7 % التي استدعت تقديم إغاثة دولية في بلدان أخرى.

وتطرح وثيقة وزارة الخارجية الألمانية، التي تقع في 6 صفحات، خططًا لإنشاء صندوق نقد أوروبي، ينتقص من سيادة الدول الأعضاء. وستكون للصندوق سلطة وضع البلدان المعتلَّة تحت حراسته القضائية وإدارة اقتصاداتها بنفسه.

الأكثر إثارة للجدل هو أن الوثيقة تعلن أن تعديل معاهدة الاتحاد الأوروبي خطوة أولى quot;سيتطور فيها الاتحاد الأوروبي إلى اتحاد سياسيquot;. وتختتم الوثيقة بالقول quot;إن النقاش حول طريق التقدم نحو اتحاد سياسي يجب أن يبدأ، ما إن تُحدد معالم الطريق نحو استقرار الاتحادquot;.

كما تتحدث الوثيقة بصراحة عن تحديد دائرة التغييرات، التي تجري على معاهدة الاتحاد لتسريع الإصلاحات. وتشير الوثيقة إلى أن ميركل ستقول لرئيس الوزراء البريطاني quot;إصرف النظر عن إجراء استفتاء حول الاتحاد الأوروبي في بريطانياquot;.

وتقول الوثيقة quot;إن قصر سريان التغييرات التي تُدخل على المعاهدة على دول منطقة اليورو سيجعل المصادقة عليها أسهل، لكنها ستكون مطلوبة مع ذلك من سائر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (وبالتالي قد يكون من الضروري إجراء استفتاءات أقل، الأمر الذي يمكن أن يشمل بريطانيا أيضًا).

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن مسؤولين في الحكومة البريطانية تأكيدهم على صرف النظر عن مطلب سابق بإعادة سلطات تنازلت عنها بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي مقابل التعديلات التي تريدها ألمانيا على معاهدة الاتحاد، وهي خطوة ستثير غضب نواب محافظين، بحسب الصحيفة. وقال مصدر حكومي كبير إنه يستبعد أن يكون هناك من يريد جادًا السير في هذا الطريق.

ودعت مؤسسة quot;أوبن يوروبquot; للأبحاث كاميرون إلى مطالبة ميركل بثمن مقابل quot;خطتها عميقة الأثرquot;، التي تحتاج موافقة كل الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأن يكون هذا الثمن منح بريطانيا حق الفيتو. وقال ستيفن بوث مدير قسم الأبحاث في مؤسسة quot;أوبن يوروبquot; إن ذلك سيكون quot;الخطوة الأولى نحو رؤية للاتحاد السياسي، ستكون لها آثار بالغة على مستقبل الاتحاد الأوروبي برمته، وبالتالي موقع بريطانيا فيهquot;.