الاكتظاظ دفع القطاع الهندي الخاص إلى الإبداع |
في وجه عجز الحكومة الهندية عن السيطرة على الانفجارات السكانية التي تخنق المدن، أمسكت إثنتان من أكبر شركات البلاد بزمام الأمور، وقررتا تشييد مدينة عصرية لعمل الموظفين وسكن قسم كبير منهم، وهذه فقط البداية في مشروع عملاق ورائد على نطاق العالم، إذ ستُشيد 20 أخرى أكبر في المستقبل القريب.
لندن: الإختناقات المرورية، وانقطاع التيار الكهريائي بالساعات، وتزايد رقعة السكن العشوائي، والمجاري المفتوحة.. مثلما هو الحال في مدن الهند، وتطول قائمة المشاكل في شيناي رابع أكبر مدن البلاد، حيث يعيش 8 ملايين شخص في جنوب البلاد.
والآن، مدفوعًا بإخفاق الحكومة في توفير الخدمات العامة كما ينبغي، قررت اثنتان من أكبر الشركات الخاصة التحرك منفردتين، فبدأتا تشييد مدينة laquo;بديلةraquo; تضم 100 ألف من العاملين وأسر ثلثهم تقريبًاوتتوافر لهم فيها سائر الخدمات من محطات توليد الكهرباء والمستشفيات والمدارس ومحطات القطار ومناطق التسوق الى معمل لمعالجة مياه المجاري.
إزاحة كاملة للحكومة
تنقل laquo;تايمزraquo; البريطانية عن سانجيتا برازاد، مدير laquo;ماهيندراraquo;، وهي الشركة التي تتولى بناء المدينة على بعد 55 كيلومترًا من شيناي: laquo;على نحو ما فنحن نزيح الحكومة بالكامل ونقوم بدورها. لكن هذه الأخيرة سعيدة بهذا في الواقع. فالمدن الهندية تعاني الانفجارات السكانية الخارجة عن السيطرة. والفكرة بالنسبة إلينا هي أن نأخذ الموظفين بعيدا عن كل هذاraquo;.
ويجري الآن العمل على قدم وساق في المدينة الجديدة التي ستقوم على مساحة 1550 فدانا. وتقف خلف هذا المشروع الطموح laquo;ماهيندراraquo;، وهي إحدى أكبر عشر شركات في البلاد، وتعمل في مختلف المجالات من الماكينات الزراعية الى الطائرات الخفيفة، مع laquo;إنفوسيسraquo; عملاق برمجيات الكمبيوتر المعروف.
المستقبل الآن
تأخذ المدينة الجديدة مقاييس العصرية والتوفيق بين الراحة والبيئة في الاعتبار. فهي مبان حديثة تشكل شوارع وساحات مخططة بدقة وتحفها الأشجار والخضرة وتلتف بكاملها داخل غابة هائلة وبحيرات. والواقع أن نحو 23 ألف شخص يعملون هنا الآن في مكاتب ومصانع تفي بمتطلبات المستقبل.
وتقول laquo;ماهيندراraquo; إن 100 ألف شخص سيعملون في المدينة الجديدة بحلول العام 2006 منهم حوالي 35 ألف شخص، يسكنون فيها بشكل دائم في رقعة تمتد على مساحة 325 فدانًا، اشترتها laquo;ماهيندراraquo; وlaquo;إنفوسيسraquo; في 1997. وتتوافر لهم هنا سائر حاجياتهم من المتاجر والمطاعم الى مختلف أماكن الترفيه. وسيكون عدد موظفي الشركتين العاملين والساكنين فيها حوالي 12 ألفًا.
والمشروع، الذي كلّف 620 مليون دولار حتى الآن، يجتذب حاليًا نحو 40 شركة أخرى، بما فيها أوروبية ويابانية، مثل laquo;بي إم دبليوraquo; وlaquo;رينو - نيسانraquo;، تدفع ايجارات عالية لمكاتب ومصانع ومساكن لموظفيها. وعلى هذا النحو فيمكن القول إن المدينة بدأت تموّل مهمة إكمالها بنفسها. وكانت laquo;ماهيندراraquo; قد ضمنت الدعم الرسمي للمشروع ببيعها 11% من أسهمه لحكومة التاميل نادو، وساعد هذا بالتالي في الحصول على تراخيص التخطيط والبناء.
أول الغيث قطرة
مع توسع الاقتصاد الهندي بسرعة عالية ومدهشة (8 في المائة سنويًا) ومئات الملايين ينزحون من الأرياف الي المدن المكتظة عن آخرها بالسكان أصلاً، يصبح مثل هذا المشروع ضروريًا إذا كان للقطاع الخاص أن يتنفس نوع الهواء النقي اللازم لازدهار البلاد ككل.
لهذا السبب فقد بدأت laquo;ماهيندراraquo; العمل في بناء مدينة أخرى في ضعف حجم الأولى، اختارت موقعها في ضواحي جيبور في شمال شرق البلاد. وهي تضع الآن خرائطها لأخرى ثالثة قريبة من شيناي أيضًا.
وكشفت عن طموحاتها لتشييد عدد من المدن الأخرى المماثلة، التي سيبلغ عددها في المستقبل القريب العشرين. ولهذا يصحّ القول إن المدينة الجديدة التي تقارب الاكتمال الآن ما هي الا قطرة الغيث الأولى.
التعليقات