رداً على رضا المشرقي

صدر في منبر القدس العربي بتاريخ 12/2/2007 رسالة بعنوانquot;الدين عند الغرب والدين عندناquot; لرضا المشرقي. هذه الرسالة هي في الواقع رد على رسالتي المفتوحة إلى الرئيس مبارك بعنوان quot;المواطنة هي الحلquot;، التي أرسلتها إلى القدس العربي لكنها لم تنشر وبدلاً من نشرها، صدر عليها رد يبدو أنه كتب قبل نشرها في quot;إيلافquot;. ما يهمني هو توضيح بعض المغالطات التي وردت في هذه الرسالة التي استشهدت برسالتي ووضعت بعض جملها بين قوسين، إنه عكس ما يقوله رضا المشرقي، فالغرب فصل الدين عن الدولة قولاً وفعلاً، في الحياة السياسية، فبإمكان أي مواطن مهما كان دينه أو حتى لو لم يكن له أي دين أن يرشح نفسه للسلطتين التنفيذية والتشريعية. البروتستانتية والكاثوليكية دينان مختلفان وعدوان، فالفاتيكان الذي اعترف بالإسلام وفتح معه الحوار الإسلامي المسيحي، لكنه يرفض حتى الآن الاعتراف بالبروتستانتية أو فتح حوار معها، ومع ذلك فإنquot; كنيديquot; الكاثوليكي ترشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية البروتستانتية بنسبة 85% ونجح، بل وكان أنجح رؤساء الولايات المتحدة،وquot;فابيسquot; يهودي، ولكنه ترأس حكومة فرنسا واليهودية والكاثوليكية دينان متعاديان تاريخياً، ولا يمثل اليهود في فرنسا إلا 00،1 بالمئة من السكان، وquot;جوسبانquot; البروتستانتي ترأس حكومة فرنسا ورشح نفسه لرئاستها، والبروتستانت لا يمثلون إلا 1% من سكان فرنسا، وبإمكان المسلم والبوذي أن يرشح نفسه للبرلمان أو لرئاسة الجمهورية في أي بلد في الغرب الذي فصل الدين عن الدولة ولا يعرف إلا يعترف إ بالمواطن المتمتع بجميع حقوق المواطنة بدون استثناء، فهل يحق لقبطي في مصر أن يرأس الوزارة أو يترشح لمنصب رئاسة الدولة؟!، وليس هذا فقط، بل إن الأديان في الغرب العلماني محمية أكثر منها في البلدان الإسلامية ذات الحكومات الدينية، فالمسلمون في فرنسا(العلمانية الكافرة) مثلاً لهم الحق في بناء المساجد،في حين أن الأقباط في مصر يذوقون الأمرين لترميم كنيسة ناهيك عن بناء كنيسة جديدة، و الحكومة الإيرانية تمنع سكان طهران السنة من بناء مساجد خاصة بهم ليصلوا فيها الجمعة، لأن السني والشيعي لا يصليان وراء بعضهما البعض، والشيعة مقموعون في معظم دول الخليج ومحرومون من بناء مساجد خاصة بهم، وقدأفتي د. يوسف القرضاوي بعدم الزواج من نسائهم، فكيف يحرم القرضاوي الزواج من المسلمة الشيعية في حين أن ديننا الحنيف أجاز للمسلم الزواج من اليهودية والنصرانية إقتداء برسولنا صلي الله عليه وسلم؟؟!! يقول رضا المشرقي:quot;الدليل على أن الغرب ليس علمانيا هو أن الشوارع والمستشفيات تحمل أسماء القديسينquot;. وهذه لعمري مغالطة كبيرة، فالغرب فصل الدين عن الدولة، ولكنه لم يرم بتراثه الرمزي في المراحيض، وأي ضيّر في أن تكون الدولة علمانية، وأسماء شوارعها ومستشفياتها بأسماء القديسين؟!،فلتكن دولنا العربية والإسلامية علمانية وتطلق على جميع شوارعها ومستشفياتها أسماء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وأولياء الله الصالحين. المغالطة الثانية والخطيرة لأنها عكس الحقيقة تماماً، زعم رضا المشرقي :quot;أن بعض المسلمين رفع قضية بمستشفي يطالبه فيها بإزاحة الصليب الذي استفز أمه حسب تعبيره، عندما كانت تعالج في المستشفي، قائلاً: إن وضع الصليب يتنافى مع علمانية البلاد، جاءه الحكم من القضاء المستقل عكس ذلك معتبراً أن الصليب في المؤسسات العامة دليل هوية وعامل وحدة للبلادquot;.لاحظوا أنه لم يذكر اسم البلد ولا اسم المستشفي لأن هذه القضية لا وجود لها أصلاً إلا في خياله المريض، ولا يمكن لمحكمة في أي بلد غربي تعتبر أن الصليبquot;عامل وحدة للبلادquot;، والواقع أن كل شعب غربي هو خليط من الأديان من الكاثوليك والبروتستانت و المسلمين والبوذيين واليهود وحوالي 30% من مواطنيه يعلنون أنه لا دين لهم. فكيف تتجرأ محكمة غربية وتقول أن الصليب quot;عامل وحدة للبلادquot;؟ والحقيقة أنه قبل عشر سنوات رفع أب تركي قضية في برلين ضد مدرسة كان الصليب معلقاً في فصلها، زاعماً أن ابنته تتأذى من رؤية الصليب، وحكمت المحكمة الألمانية برفع الصليب من المدرسة، وقد صرح المستشار الأماني آنذاك هلمت كول، رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي، بأنه يستغرب من حكم المحكمة، ولكنه قال: القضاء مستقل. فهل يمكن لي أن أطالب في بلدي مصر بمنع الحجاب لأن الأقباط تتأذي منه ويستجيب القضاء؟. وهكذا قلب صديقي رضا المشرقي الحقائق للدفاع عن قضية خاسرة سلفاً، وهو ضرورة خلط الدين بالسياسة، الذي هو إحدى المصائب الكبرى في أرض الإسلام.
كلي أمل أن نتحلي بالأمانة الأدبية وننشر الرأي والرأي الآخر، تأسيساً لمبدأ الديمقراطية وحرية التعبير،لتكون جرائدنا ملتقي للأفكار مهما أختلفت الآراء.
[email protected]