قبل ما يقارب السنة والنصف(24.07.05)، وفي خطوةٍ ربما كانت الأجرأ من نوعها، على مستوى تناول الإسلام السياسي وعلاقته في صناعة الإرهاب , وتفخيخ المجتمعات، التقى رئيس اقليم كردستان العراق الكاك مسعود البارزاني علماء الدين وأئمة وخطباء العاصمة هولير، حيث قال:quot;ان واجبكم في الدفاع عن الاسلام يأتي في مقدمة الآخرين. ولاشك ان هذه المسألة مسألة مهمة لأنها مرتبطة بحياة الناس وبامن وسلامة مواطني هذا البلد. ولا مجال للتردد في التصدي للارهاب وقلعه. وليس هناك فرق بين من يمارس الارهاب وبين من يشجعهم ومن يعلمهم ومن يدافع عنهم . هم سواسية ولافرق بينهم ، بل العكس الفتنة اشد من القتلquot;( http://www.sotakhr.com/index.php?id=1842amp;tx_ttnews%5Btt_news%5D=201amp;tx_ttnews%5BbackPid%5D=1840amp;cHash=de64d09d47) .
الدعوة إلى هذا الإجتماع الإستثنائي، كانت قد جاءت على خلفية إلقاء القبض على شبكة شيخ الإرهاب كردياً، المعروف بquot;شيخ زاناquot;، وبطلبٍ مباشر من سيادة رئيس الإقليم الكردي.
أحداث الشيخان التي وقعت في الخامس عشر من الشهر الماضي والتي استمرت لأيامٍ خلت، تبينت من خلال لقطات الفيديو التي بُثت انترنتياً(http://www.bahzani.dk/services/forum/showthread.php?t=13744) ، على أنها محاولة حقيقية لصناعة القتل والإرهاب كردياً، وذلك تحت يافطة مختلف quot;الفتاوي التي تحت الطلبquot;، و الشعارات الجهادية التحريضية المعروفة، التي أطلقها الquot;الله وأكبريون الجددquot; الذين أقاموا quot;كردستان الشيخانquot; لأيامٍ، ولم يقعدوها: فكفّروا الآخر اللامسلم(الإيزيدي كان هذه المرة مثالاً)، وأعدموا مزاراته الدينية وبيوت عبادته، وأحرقوا دور ثقافته، وأرهبوا روحانييه، وعاثوا في أرضه خراباً وفساداً...
إنّ أهمية قراءة هذا الإرهاب، تأتي من كونه، قد وقع في الزمان والمكان الكردييين، وبأدواتٍ كرديةٍ، هذه المرة.
فكردستان، تشكل عراقاً إستثناءً، حيث تُعد الجهة الأكثر أماناً على طول وعرض العراق المفخخ، الذي يسبح يومياً في نهرٍ من الدم quot;الحلال الزلالquot;،و على مرأى ومسمعٍ من كل العالم .
بعد أيامٍ من التعتيم الإعلامي على الأحداث التي سُميت في الإعلام الرسمي للإقليم الكردي على أنها quot;أحداث شغبquot;(وكالتي PUKmedia amp; PNA القريبتين من الحزبين الكرديين الحاكمين YNK amp; PDK )، وبعد تدخلٍ مباشر من سيادة رئيس إقليم كردستان شخصياً، سرعان ما انقلبت القراءات والمصطلحات، بشأن فتنة quot;كردستان الشيخانquot;، رأساً على عقب.
في اجتماعٍ موسع مع أمير وباباشيخ ورجال الدين ووجهاء الكورد الإيزيديين(صلاح الدين، 21.02.07)، قال السيد مسعود البارزاني، متأسفاً: quot; أن المتطرفين الذين تسببوا في حادثة الشيخان الأخيرة ليسوا ضد الإنسانية فحسب، بل إنهم ضد الحركة القومية الكوردية، إنني لم أكن أعتقد ان أمثال هؤلاء لا زالوا يعيشون في صفوف شعبنا، نحن ضد تلك الثقافة التي تبيح القتل بإسم الدين، ليس هذا رأي فحسب، بل أنه رأي مام جلال والبرلمان والحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني، لذا يجب أن تسود ثقافة تؤدي إلى بقاء ثقافة التسامح لدى شعب كوردستانquot;
( http://www.kurdistantv.net/niviseker.asp?ser=30amp;cep=1amp;nnimre=12012)
من جهتها استنكرت وزارة الدولة لشئون المجتمع المدني في الإقليم الكردي، في بيان لها(19.02.07)، أحداث الشيخان ووصفتها بquot;الإرهابيةquot;، وأشار البيان quot;ان هذا الاعتداء الآثم الذي حصل بحق المؤسسات الدينية ومركز لالش الثقافي والاجتماعي في قضاء شيخان تتنافى مع مبادىء حقوق الانسان التي أقرتها الاتفاقات والمعاهدات الدولية وتشكل انتهاكا صارخا لحقوق مؤسسات المجتمع المدني التي تنبذ العنف والارهاب وتدعو الى التسامح والتعايش السلمي بين كافة اطياف المجتمع العراقي quot; ( http://www.peyamner.com/default.aspx?l=2amp;id=6084 )
على مستوىً آخر، وفي بيانٍ له، دعا منتدى الفكر الإسلامي الكردستاني، الذي اختتم أعماله في أربيل (01.03.07)، quot;الطوائف العراقية إلى الحوار والسلام والتسامح، حقناً لدماء الأبرياءquot;، كما أشار البيان إلى ضرورة quot;تعميق الحوار والتسامح بين المختلفين في الدين والمذهب او الرؤية السياسية واشاعة ثقافة التفاهم والاحترام المتبادل وقبول الاخر دون التدخل في خصوصياته.quot;( http://www.peyamner.com/default.aspx?l=2amp;id=7164)
والجدير ذكره هو أن وزير الاوقاف والشؤون الدينية الشيخ محمد شاكلي ورئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في اقليم كوردستان الشيخ محمد عقراوي، كانا من المشاركين الذين دعوا في هذا المؤتمر إلى quot;التحاور وقبول الآخر والإعتدال ونبذ العنف والتطرف والإرهابquot;.
ولكن سكوت المؤسسة الدينية في الإقليم الكردي، وسكوت quot;علماء إسلامهquot;، حتى اللحظة، عن كلّ ما وقع من تطرف وعنف وإرهاب وانتهاك حرمات الآخر اللامسلم (الإيزيدي)، تحت يافطة quot;الجهاد الحلال على الكفارquot; و تكبيرات quot;الله وأكبريين الجددquot;، في quot;كردستان الشيخانquot;، أثبت أن كلّ ما يُنبت من quot;كلامٍ معتدلquot;(quot;الدعاءٍ المعتدلquot;، وquot;النص المعتدلquot;، وquot;الحوارٍ المعتدلquot;، وquot;الدينٍ المعتدلquot;، وquot;الثقافةٍ المعتدلةquot;...الخ)، على لسان quot;أشياخٍ معتدلينquot;، في هكذا quot;مؤتمراتٍ ومنتدياتٍ معتدلةquot;، لا يتجاوز في كونه أكثر من كلامٍ عابر في مؤتمرات عابرة.
بيانات quot;علماء الدين الإسلامي في الإقليم الكرديquot; الإستنكارية العابرة للقارات والقوميات، طالت شئوناً في آخر أرضٍ عمّرها الله. وهؤلاء العلماء الدينيون ذاتهم وفي مؤسسات الإقليم الدينية ذاتها، يدعون بين قضيةٍ أو حادثةٍ وأخرى، بعض العراق إلى هذا وذاك حيناً، ويستنكرونه وينددونه في بعضه الآخر، أحياناً أخرى.
في حين أن ما وقع من إرهابٍ فصيح، كردياً، على الطريقة quot;التكفيريةquot; العتيقة، على مرأى ومسمعٍ من quot;علمائنا الكرد المسلمينquot;، في quot;كردستانهمquot;، لم تحرّك فيهم ساكناً، كما لم تشغل بال اتحادهم ووزارة أوقافهم، وكأنّ إرهاباً لم يكن.
فهم مشغولون بالكلام عن quot;نبذ العنف والتطرف والإرهابquot; في المؤتمرات وصالات فنادقه الفخمة وحسب.
الظاهر هو أنهم مختصون وquot;شطارquot; في شئون التنديد والإستنكار بquot;الإرهاب الكلامquot;، أما quot;الإرهاب الفعلquot; فلا شأن لهم به، ولا هم يحزنون.
في إحدى مقالاته المنشورة في روز اليوسف(عدد 3982، 02.10.2004)، ورداً على ممثل quot;هيئة علماء المسلمين العراقيةquot; الشيخ علي خضر الزائد، الذي أعلن على قناة الحرة (13/9/2004) quot;أن ما تفعله القاعدة في العراق هو اتباع للسياسة الشرعية التي هي جزء من الإسلام quot;، يصف د. سيد القمني هذه الهيئة بquot;هيئة علماء الإرهابquot;.
وعليه، هل لنا أن نسميّ quot;اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستانquot; الذي سكت عن إرهاب الشيخان، بquot;الإتحاد المسكوت عن الإرهابquot;؟
وهل سكت علماؤه لأن مؤتمراتهم عن quot;نبذ الإرهابquot; هي مجرد لقاءات مارقة في كلامٍ أكثر من مارق؟
أنّ تاريخ الكلام في المؤتمرات على مستوى المؤسسة الدينية في شرقنا المسلم، أثبت للآن فشله الذريع، وذلك بالتدشين للكتاب النص والدين النص والله النص، على حساب الكتاب الروح والدين الروح والله الروح.
فquot;إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهمquot;
- آخر تحديث :
التعليقات