منذ أن قررت خوض معمعة التصدي و الدفاع عن قيم الولاء الوطني و السلوكي لأبناء و اهل الشيعة في العراق في الحرب الطائفية التكفيرية الشرسة و العدوانية المشهرة ضدهم، و تصديت لمحاولة تصحيح بعض المعلومات الخاطئة و الظالمة، كنت أعلم مسبقا من أنني أخوض في لجة بحر هائج، بل و في عفونة تاريخية لا نظير لها ؟ و سأتعرض تبعا لذلك لموجات متتالية من الهجمات التسقيطية التي تعودت عليها و ماعادت تؤثر في شخصي المتواضع وحيث أصبحت كما يقول شاعرنا المتنبي العظيم إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال، فقد زعم المرجفون من أنني واحد من عملاء الأميركان!! بل و لفقوا لي ملفا وهميا بكوني قد خدمت كمترجم مع الجيش البريطاني في البصرة و مارست التعذيب و الإغتصاب و القتل ؟ وهي مسرحيات بائسة أعرف تماما من يقف خلفها من التعساء و المرضى النفسيين الذين تحولوا لصحفيين و كتاب في آخر الزمان العراقي المر المشبع بالعذاب و الدماء و الدموع، إن إنتصاري لقضية أهلنا الشيعة في العراق لا يعني أبدا الدفاع عن الأحزاب العميلة و لا عن عصابات القتل و فرق الموت و لا عن أصحاب الخرافة من اللصوص و القتلة الذين يستغلون مأساة الغالبية الفقيرة و المعدمة من شيعة العراق ليبنوا زعاماتهم الدموية الهشة، بل يعني الإنتصار للإنسان و للدماء البريئة و يعني الوقوف الصريح ضد حملات الإبادة و التطهير الطائفي المجنون الذي بات يلتهم أرواح العباد و يدمر ما بقي من العراق الذي نعرفه، وغني عن الذكر فإن دمي مهدور من قبل عصابات القتل الطائفية و أنا لا أستطيع دخول مدينتي البصرة لأن فرق الموت تتربص بي هناك! كما هو معلوم و منشور و موثق، كما أنني لم أعتمر العمامة الشيعية كما أتهمني أحد الإخوة الكرام من القراء في مقال سابق لي، لقد كرست نفسي و جهدي لمقاومة قوى الشر و الفاشية تحت أي لبوس أو قناع جاءت، و مواقفي الرافضة لفتاوي بهائم التكفير و التفخيخ المجرمة تحتم علي وعلى جميع أحرار الشعب العراقي الوقوف و التصدي جبهة واحدة ضد أعداء الشعب العراقي من الغرباء الذين لا يعرفون سر الخلطة و التركيبة العراقية أو من مجرمي البعث البائد و جيشه المهزوم الذين رفعوا راية التدين المزيفة لنشر الموت و الدمار المجاني في العراق أولا تمهيدا لنقله لبقية دول الجوار، وقضية تكفير و قتل الشيعة بالمجان و بمباركة من شيوخ الإرهاب الطائفي اللعين هي اليوم واحدة من أخطر القضايا التي تمهد لا لتفتيت العراق بل لتقسيم المنطقة و خلق الحروب و النزاعات الأهلية بين مكوناتها، و لن تستطيع كل التخرصات الرخيصة و المبتذلة أن تمنعنا من قول كلمة الحق و التضامن مع المظلومين و المستضعفين، إنني لا أدافع عن حزب أو عمامة أو قيادة مقدسةّ! فكل تلك الأمور و الظواهر و الزعامات هي في نهاية المطاف إلى زوال حتمي بعد نهاية الظروف الشاذة التي يعيشها العراق ولكن من سيبقى و يستمر هو الشعب العراقي بكل مكوناته الحية و طوائفه الجميلة المتعددة التي ظلت عبر التاريخ عنوانا و هوية حضارية متميزة لذلك البلد المنكوب و المهشم بنيران الحقد الأصولي و البعثي.
حينما أطالع و أتصفح بريدي اليومي أبذل جهودا كبيرة لتنظيفه من رسائل الزبالة التكفيرية التي تتحدث عن الروافض الذين يزنون بمحارمهم!! وعن بقية أساطير مريضة لا مصداقية لها على أرض الواقع ؟ فإذا كان شيعة العراق روافض و كفرة فهل أن الشعوب الأخرى التي تتعرض للإرهاب في القاهرة أو عمان أو الجزائر أو الدار البيضاء كذلك أيضا ؟ و لماذا كل هذا التحامل من تلكم الجماعات المريضة و التسابق لهدر أكبر كمية من دماء فقراء العراق من الشيعة أو غيرهم ؟ فالبهيمة المفخخة حينما تفجر نفسها في سوق عراقي فأنها تقتل كل ما هو حي و متحرك من شيعي و سني و مسيحي و صابئي، فالإرهاب أعمى لا دين له و لا طائفة، وحسب علمي فإن جميع فقهاء الشيعة و مراجعهم القدماء و المعاصرون لم يكفروا أحدا، و لم يدعوا لقتل قطة، و كانوا دائما عنوانا للتسامح و صورة كريمة للعبادة الروحية الصادقة و الزاهدة المبتعدة عن السباق على غنائم الدنيا رغم الأموال الواسعة التي تحت تصرفهم ؟ إنهم بكلمة واحدة يستطيعون قلب الشارع لحمامات من الدماء لو أرادوا ؟ لكنهم لن يفعلوا ذلك أبدا لحرصهم على دماء الناس كل الناس وهذا هو ديدنهم عبر التاريخ القديم و الحديث و أتحدى من يثبت عكس هذه الحقيقة... و ها هي ساحة التاريخ أمامنا لتكون الفيصل و الشاهد على ما نقول..... نعيدها و نكررها في أن من يقتل على الهوية الطائفية و من يفجر المساجد و يسحل الجثث ليس من التشيع في شيء كما لا علاقة له بأهل السنة الأحرار المسالمين المتصاهرين مع إخوتهم الشيعة في رباط ووثاق أبدي هو سر الكينونة العراقية المتدفقة عبر التاريخ. و ثمة حقيقة واحدة ستبقى وهي أن الإرهاب و أهله بات يسير نحو الجحيم، و ستوأد الفتنة العمياء التي ستحرق في النهاية قلوب التكفيريين و البعثيين... تلك هي الحقيقة الأزلية و الخالدة.
التعليقات