غادر الدنيا الفانية يوم السبت الماضي المناضل العربي الفلسطيني الدكتور جورج حبش، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي اشتهر بلقب (الحكيم) في صفوف المقاومة الفلسطينية، بعد رحلة عطاء ونضال شاقة امتدت أكثر من نصف قرن منذ تأسيسه (حركة القوميين العرب) عام 1952 عقب تخرجه طبيبا للأطفال من الجامعة الأمريكية في بيروت، تلك الحركة التي انتشرت فكريا وتنظيميا في العديد من الأقطار العربية، وضمّت نخبة من خيرة المناضلين العرب الذين عرفوا بالشفافية والصدق مثل المناضل العراقي باسل الكبيسي الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في باريس في مارس 1973 والمناضل الكويتي الدكتور أحمد الخطيب مسؤول حركة القوميين العرب في الكويت وكان صديقا للدكتور جورج حبش في الجامعة الأمريكية في بيروت.
بعد هزيمة العرب في حزيران 1967 التي خفف جمال عبد الناصر وقعها المزلزل بتسميتها (نكسة)، تعاقدت من العاصمة الأردنية عمّان للعمل مدرسا في الكويت، وكانت مثل هذه الفرصة ثمينة للغاية بعد نزوح ألاف الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى ألأردن، ووصلت الكويت حيث بدأت عملي مدرسا في مدرسة الأحمدي الثانوية، وكان مديرها الفلسطيني هاشم أبو عمارة ومن ضمن المدرسين فيها عدنان أبو عودة الذي أصبح بعد ذلك وزيرا للإعلام و رئيسا للديوان الملكي في ألأردن. في شهر يوليو عام 1968 عقب تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانطلاقها من الأغوار الأردنية حيث تتواجد حركة فتح أول تنظيم فلسطيني أعلن المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصلتنا في الكويت نحن أعضاء حركة القوميين العرب الذين أصبحنا تلقائيا أعضاء في الجبهة الشعبية رسالة من قيادة الجبهة تطلب منّا ترك وظائفنا في الكويت والالتحاق بقواعد الجبهة في ألأغوار الأردنية. في ذلك الوقت زمن الصفاء الثوري لم يتردد أحد في تنفيذ قرار قيادة الجبهة رغم حاجتنا الماسة للوظيفة في الكويت لإعالة أهلنا وعائلاتنا في مخيمات القطاع والضفة. كانت أول مرة أقابل فيها الدكتور جورج حبش في قاعدة للجبهة الشعبية في الأغوار الأردنية حيث جاء للسلام على الحركيين القادمين من الكويت حاملين له تحيات الدكتور أحمد الخطيب و عبد الله النيباري. كان رجلا يفيض حماسا ونقاء وحيوية إذ كان في الثالثة والأربعين من عمره، يحمل هموم وطن تمّ تشريده منه، من مدينة اللد التي ولد فيها عام 1925 من أسرة فلسطينية من الروم الأرثوذكس، وهذه نقطة مهمة إذ يلاحظ أن غالبية المنظّرين والمؤسسين لفكرة القومية والحركة العربية هم من المسيحيين العرب أمثال: قسطنطين زريق، وإنطوان سعادة،بطرس البستاني،ناصيف اليازجي، ميشيل عفلق، وجورج انطونيوس صاحب كتاب quot; يقظة العرب quot;، جورج حبش، و وديع حداد وغيرهم، وكانت هذه الطليعة ترى أن الوحدة العربية هي الطريق لتحرير فلسطين. في تلك الفترة كان الدكتور جورج حبش الذي اشتهر بلقب (حكيم الثورة) دائم التردد على قواعد الجبهة الشعبية في الأغوار الأردنية، وكلّما نزلنا للعاصمة عمّان نزوره في مكتب الجبهة في حي اللويبدة.
لم يمض شهور قليلة على انطلاقة الجبهة حتى بدأ نايف حواتمة القيادي في الجبهة المسلسل الذي لن ينتهي بعد ذلك، وهو المسلسل المخزي المعروف باسم (الانشقاق)، إذ أعلن انشقاقه عن(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، معلنا تأسيس (الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين)، وبعد شهور حذف كلمة (الشعبية) من اسم انشقاقه، فصار لدينا (الجبهة الشعبية) و (الجبهة الديمقراطية)، وبعد ذلك انشق أحمد جبريل معلنا تأسيس (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ndash; القيادة العامة)، ثم انشقت عن أحمد جبريل مجموعة أطلقت على نفسها (جبهة التحرير الفلسطينية)، ومن (جبهة التحرير) انشق أفراد فأصبح لدينا (جبهة طلعت يعقوب) و (جبهة أبو العباس)، والكل يتهم الآخرين بالتخاذل وأنه هو فقط من سينجز تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ويتولى رمي اليهود في البحر، وهي في الواقع مجرد صراعات شخصية على النفوذ والمناصب والمال الذي كان وفيرا وغزيرا آنذاك من دول أرادت أن تكف هذه التنظيمات عنها شرّها.
ارتكبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش خطأها القاتل في سبتمبر من عام 1970، عندما قامت مجموعة لها يرأسها وديع حداد بخطف أربعة طائرات أجنبية وإنزالها في مهبط مهجور قريبا من مدينة المفرق الأردنية، أطلقوا عليه اسم (مطار الثورة). جرت مساومات كثيرة تخللتها ملابسات عديدة انتهت بتفجير الطائرات الأربعة واقتياد ركابها إلى العاصمة عمّان، وكانت هذه العملية القشة التي قصمت ظهر أية علاقة بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية خاصة بعد تغول هذه المنظمات في داخل الأردن، وطرح نفسها بديلا للنظام ألأردني وتصرفها وكأنها هي الحاكم الشرعي الوحيد في الأردن، مترافقا مع التجاوزات الخطيرة خاصة التصدي لأفراد الجيش والأمن الأردني بطريقة أثارت قطاعات واسعة من الشعب الأردني، ولا يمكن نسيان تصريح ياسر عرفات في الخامس من أغسطس عام 1968 الذي قال فيه: (قررنا أن نجعل من الأردن مقبرة لكل المتآمرين، وستكون عمّان هانوي الثورة)، وذلك عقب موافقة الرئيس المصري جمال عبد الناصر على مبادرة روجرز الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، و برقية الملك حسين لجمال عبد الناصر (ما تقبلونه نقبله، وما ترفضونه نرفضه)، فسيّرت المنظمات الفلسطينية مظاهرات عارمة هتفت ضد جمال عبد الناصر، وأحرقت العلم المصري أمام السفارة المصرية في عمّان، وتفرد الرفاق في الجبهة الديمقراطية بتسيير مظاهرات في مخيم البقعة ضد جمال عبد الناصر واضعين صوره على ظهر حمار، وكانوا قد ملأوا شوارع عمّان بشعاراتهم المراهقة الخالية من أي مضمون مثل: (السلطة كل السلطة للمقاومة) و (فلتعلن مجالس السوفييت في كل شارع وحارة). إثر ذلك كانت المواجهة بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية في سبتمبر عام 1970 التي انتهت بطرد هذه المنظمات وهروبها إلى سوريا التي حاولت أثناء المواجهة التدخل لمساندة المنظمات الفلسطينية إلا أن الجيش الأردني تصدى لها بنجاح وطردها خائبة، وكان أول شرط للمخابرات السورية على تلك المنظمات الهاربة إليها هو (عدم إطلاق أية رصاصة على إسرائيل من الحدود السورية، ومن يريد ذلك فعليه أن يتوجه للجنوب اللبناني بمساعدة المخابرات السورية). كانت هزيمة المنظمات الفلسطينية وطردها خارج الأردن من أهم إنجازات الملك حسين والجيش الأردني، لأنه لو بقيت تلك المنظمات والدكاكين في الأردن لخربت البلاد والعباد كما فعلت في لبنان بعد ذلك، حيث الصراعات والانشقاقات والاغتيالات والتصفيات الشخصية والتنظيمية والعمل لحساب أجهزة مخابرات عربية وأوربية شرقية، وكل ذلك باسم التحرير الذي لم ينجز منه أية خطوة سوي البيانات والشعارات بدليل الوضع الحالي الذي أوصلت تلك القيادات الشعب والقضية إليه.
الحكيم و مرحلة ما بعد أيلول
راجعت الجبهة الشعبية في عام 1973 موقفها من العمليات الخارجية خاصة خطف الطائرات، وأدركت ضررها على القضية الفلسطينية فقررت وقفها، فرفض وديع حداد مسؤول تلك العمليات ذلك القرار، فلم يتردد المكتب السياسي للجبهة برئاسة جورج حبش عن طرد وديع حداد من صفوف وقيادة الجبهة، فلجأ مع بعض مناصريه إلى بغداد حيث واصل عمله من هناك بالتنسيق مع المخابرات العراقية برئاسة سعدون شاكر، مستعملا اسم (الجبهة الشعبية ndash; المجال الخارجي)، وظلّ في بغداد إلى أن قتلته المخابرات العراقية ذاتها بدس السمّ له في فنجان قهوة حيث توفي في الثامن والعشرين من مارس 1978، وكان اغتياله رسالة من نظام صدام للقوى الغربية أنه ضد الإرهاب وذلك في مرحلة استعداده لشنّ الحرب على إيران كما فصّلت ذلك في مقالة لي بعنوان (من قتل وديع حداد)، من خلال معايشتي لوديع شخصيا في مقر قيادته بمنطقة المسبح ببغداد التي كان يطلق عليها (فيلا المسبح)، هذا رغم ذكر الصحافي الإسرائيلي آرون كلاين في كتابه (ردّ الضربة) بأن الموساد هو من دسّ السمّ له في قطعة شوكولاته في بغداد، وإن كانت هناك صحة ما لمعلومة الصحفي الإسرائيلي، فهذا يؤكد تورط المخابرات العراقية مع الموساد في تلك العملية، لأنه من المؤكد أن وديع حداد شعر بالألم في معدته مشتكيا لنا في فيلا المسبح بعد عودته من اجتماع ليلي له مع سعدون شاكر مدير المخابرات العراقية، وقال لنا صراحة أنه شعر بالألم فور شربه فنجان القهوة في منزل سعدون شاكر، ثم سافر إلى الجزائر ومنها إلى ألمانيا الديمقراطية للعلاج حيث توفي هناك بعد أن عجز الأطباء الألمان عن تشخيص مرضه، وذلك يذكّر بقتل مخابرات صدام لصبري البنا (أبو نضال) قبل حرب إسقاط نظامه بشهور قليلة كرسالة أيضا لقوات التحالف أنه لا يدعم الإرهاب بدليل أنه يقتل أي إرهابي يتواجد في بغداد. وبعد وفاة وديع حداد أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مهرجانا تأبينيا ضخما له في بغداد، وكنت آنذاك أدرس في جامعة الأسكندرية لدرجة الدكتوراة، وسافرت خصيصا لبغداد لتنسيق الجهود الإعلامية لذلك الحدث، وفي المهرجان الخطابي بعد التشييع قال الدكتور جورج حبش في خطابه قوله المشهور: (يقولون وديع حداد إرهابي، نعم إنه الإرهاب الذي يرد على إرهاب العدو الصهيوني).
الحكيم وطلب القذافي منه إشهار إسلامه
كنت أعمل في عامي 1979 ndash; 1980 مدرسا بكلية ألآداب بجامعة الفاتح في quot; الجماهيرية العربية الشعبية الديمقراطية العظمى quot;، وكان الأمناء العامون للمنظمات الفلسطينية دائمو التردد على الجماهيرية العظمى خاصة أن القذافي قرّر صرف راتب شهري لكل منظمة بدءا من مليون إلى خمسة ملايين دولار شهريا حسب حجم التنظيم إن كان في حجم (دكانة) أم (سوبرماركت) حسب توصيف العقيد نفسه، مع إعطاء مستشاريه الصلاحيات بزيادة الراتب شهريا تبعا لمستوى الولاء للعقيد ومساهمتهم في نشر الكتاب الأخضر، وقد استغل مستشارو العقيد تلك الصلاحيات أسوأ استغلال فكانوا يساومون ممثل كل تنظيم على أنهم يستطيعون زيادة المخصص الشهري لتنظيمه مليوني دولار مثلا على أن يوقع على المبلغ الجديد، ولكنه يتسلم المبلغ القديم المحدد من العقيد مقابل أن يأخذ المبلغ الزيادة لإيداعه في حساب مستشار القذافي في قبرص أو بيروت مع خصم نسبة بسيطة عمولة له. وقد ابتز القذافي المنظمات الفلسطينية بوقف المخصص الشهري إن لم ترسل كل منظمة مجموعة من عناصرها للقتال مع جيشه في حربه ضد تشاد التي استمرت عدة سنوات نكاية بخصمه اللدود رئيس الوزراء التشادي حسين حبري، إلى أن انسحب منها نهائيا في عام 1994 بعد القرارات الدولية التي أجبرته على ذلك رغم أنفه، وقد تجاوبت غالبية المنظمات الفلسطينية مع دعوى القذافي،وأرسلت مقاتلين من عناصرها للقتال والموت في تشاد فالطريق إلى فلسطين أصبح يمرّ عبر نجامينا العاصمة التشادية.
كان الحكيم جورج حبش يزور عاصمة الجماهيرية ويلتقي القذافي، الذي فاجأه في زيارة له نهاية عام 1979 بأن طلب منه اعتناق الإسلام علانية وأطلق عليه القذافي اسم (الخضر)، وفي لقاء لي معه في الفندق الكبير بطرابلس ضحك الحكيم كثيرا من مسخرة القذافي الجديدة، وأخبرني أنه رفض دعوة القذافي علانية أمامه مخبرا إياه أنه في المجتمع الفلسطيني لا توجد هذه التفرقة الطائفية، لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين مسلم ومسيحي وبالتالي تمنّى على القذافي نسيان هذه المسخرة، ورغم ذلك ظلّ إعلام القذافي الجماهيري يطلق عليه اسم (الخضر)، وفي نشرات الأخبار الرسمية في أية زيارة له نسمع الخبر في الإذاعة الليبية كالتالي: (وصل اليوم الأخ المناضل الخضر الأمين العام للجبهة الشعبية لعاصمة الجماهيرية، حيث قابل الأخ الخضر العقيد القذافي مستعرضا معه تطورات القضية الفلسطينية...إلخ الأسطوانة البايخة المشروخة). وفي لقاء مع الحكيم في الفندق ذاته سألني: هل يمكنك أن تخمن لماذا اختار العقيد لي هذا الإسم إن قبلت الدخول في الإسلام؟. وبعد الاستفسار من واحد من مستشاري العقيد، أخبرت الحكيم أن الاسم يقصد به العقيد الجماهيري (الخضر صاحب النبي موسى عليه السلام)، وهو شخصية مختلف عليها عند علماء المسلمين سواء فيما يتعلق بنسبه وطول عمره وكونه نبيا وبقاءه حيا إلى زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومما قاله فيه ابن الأثير في تاريخه: (وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا فالجمهور على أنه باق إلى اليوم، قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيي). وإن اختلف الجمهور حول (الخضر) فلن يختلفوا على أن الحكيم كان من أنقى القيادات الفلسطينية خلقا وممارسة مما أكسبه احترام الجميع أفرادا وقيادات.
رفض المسؤولية من المهد إلى اللحد
مما لا يمكن تجاوزه أو نسيانه للحكيم أن كان معروفا بنزاهته وصرامته الشديدة في قيادة الجبهة الشعبية، وتواضعه الجمّ الذي كان يسمح لأي عضو أو كادر أن يلتقيه ويتحدث معه، خاصة في مرحلة وجوده في العاصمة السورية دمشق بعد عام 1982، وهذه الصرامة هي التي أدت أيضا إلى طرد بسام أبو شريف من عضوية المكتب السياسي للجبهة الشعبية بسبب علاقاته مع الرئيس ياسر عرفات من وراء ظهر الجبهة الشعبية، مما أدى إلى تركه دمشق عام 1986 وإقامته في تونس مع ياسر عرفات الذي عيّنه مستشارا له، وهي وظيفة شكلية ابتدعها عرفات ديكورا يضع فيه كل الهاربين إليه من التنظيمات ألأخرى، دون أن تكون لهم أية صلاحيات أو مسؤوليات سوى الوساطة لدى عرفات من حين إلى آخر في مسائل شخصية تهم الأصدقاء والأقارب وهي غالبا صرف المساعدات المالية، وكما قال أحد هؤلاء المستشارين من جبهة التحرير الفلسطينية quot; عبد الفتاح غانم quot;: (أنا مستشار لا أستشار في شيء، وأقابل عرفات مرتين كل سنة مهنئا مع الجميع بعيدي الفطر والأضحى) وقد وضعه عرفات بعد ذلك في السجن لشهور طويلة.
وفي عام 2000 رفض جورج حبش أن يترشح من جديد لمنصب الأمين العام للجبهة الشعبية، فاتحا المجال لغيره لقيادة الجبهة، فكان اختيار مصطفى الزبري (أبو علي مصطفى) الذي اغتالته إسرائيل في مكتبه في رام الله في السابع والعشرين من أغسطس عام 2001 ردا على اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام وئيفي الذي نفذته مجموعة من الجبهة الشعبية، وكان أبو علي مصطفى قد عاد إلى الضفة الغربية عام 1999 على قاعدة اتفاقية أوسلو بتنسيق مع ياسر عرفات رغم رفض الجبهة الشعبية لاتفاقية أوسلو، وأعقب وفاته اختيار أحمد سعدات أمينا عاما للجبهة الشعبية، وقد اعتقلته السلطة الفلسطينية بناءا على الضغوط الإسرائيلية، وظلّ في سجن أريحا حتى الرابع عشر من مارس عام 2006 حيث اقتحم الجيش الإسرائيلي السجن عقب انسحاب المراقبين ألأمريكيين والبريطانيين وتمّ اقتياده إلى السجون الإسرائيلية مع مجموعة من السجناء الفلسطينيين من بينهم (العميد فؤاد الشوبكي - أبو حازم) أحد مستشاري الرئيس عرفات والمتهم من قبل السلطات الإسرائيلية بموضوع الباخرة (كارين إي) حيث ما يزالون في السجون الإسرائيلية حتى اليوم.
خطوة الحكيم هذه الرافضة لاستمراره أمينا عاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكسبته احتراما واسعا لأنه شذّ عن القاعدة العربية والفلسطينية بتولي المسؤولية من المهد إلى اللحد، مقابل التشبت بهذه المسؤولية من رفاق سابقين له كنايف حواتمة وأحمد جبريل اللذين يصرّان على البقاء أمناء عامين بدون أمانة منذ عام 1968 وحتى اليوم، أي منذ أربعين عاما متساوين بذلك مع الطاغية العقيد معمر القذافي، وهم يشكرون على ذلك لأنه في تنظيماتهم ودولهم لا يوجد من يستطيع القيادة سواهم، وبالتالي فهم جديرون بهتاف (بالروح بالدم نفديك يا أبو النوف، ويا أحمد جبريل، ويا عقيد الجماهيرية العظمى)، لذلك إزاء هذه المسخرة المضحكة المبكية يستحق الحكيم جورج حبش التحية والاحترام.
حكيم الثورة المناضل جورج حبش يموت في عمّان التي عاش فيها سنواته الأخيرة عقب تخليه عن منصب الأمين العام، وهذه مفارقة كبيرة أن تحتضنه عمّان التي ناصب نظامها العداء في السبعينات، وبموتك يا حكيم نودّع مناضلا نزيها ومخلصا، فلك الرحمة ولأهلك ورفاقك ومحبيك العزاء.
[email protected]
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات