نكبة أخرى في الذكرى الستين لنكبة فلسطين. تتمثل النكبة في سيطرة quot;حماسquot; على قطاع غزة وسعيها في الوقت ذاته ألى تهدئة مع أسرائيل. يحدث ذلك في حين يبدو مطلوبا أن يكون هناك موقف فلسطيني موحّد مقبول دوليا يستند ألى قرارات الشرعية الدولية من التسوية، حتى ولو بدت بعيدة المنال في ظل الظروف المعقّدة والبالغة الخطورة التي يمر فيها الشرق الأوسط. من سخريات القدر أن تكون quot;حماسquot; انشأت كيانا خاصا بها غير آبهة بالأحتلال وضرورة أزالة الأحتلال. أنها لا تأبه بأنّ الشعب الفلسطيني ناضل طوال ما يزيد على ستين عاما من أجل الوصول ألى أعتراف دولي بحقوقه.
أدرك الفلسطينيون متأخرين جدا معنى القرار الفلسطيني المستقل ومعنى التعاطي مع العالم ومع العرب ومع الأحتلال الأسرائيلي من منطلق أن هناك موازين للقوى لا يمكن تجاهلها وأن الحق وحده لا يصنع حلا ولا يعيد الحقوق. حسنا فعلوا في الذكرى الستين للنكبة بأن رفعوا شعارات تؤكد أنهم لم ينسوا، وحسنا أيضا فعلت السلطة الوطنية عندما وجه رئيسها السيد محمود عباس ( أبو مازن) كلمة ألى مواطنيه وألى الأسرائيليين يؤكد فيها التمسك بحل في أساسه قيام دولتين على أرض فلسطين مشدّدا في الوقت ذاته على أن أمن اسرائيل مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية. يلتقي كلام الرئيس الفلسطيني مع الرغبة الدولية في قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. أنها مجرد رغبة لم تتحول بعد ألى أرادة دولية قادرة على فرض الدولة على أسرائيل. هل لا يزال في أستطاعة الفلسطينيين في هذه الأيام تحويل الرغبة ألى أرادة؟ هل في أستطاعتهم التمييز بين الرغبة من جهة والقدرة على تنفيذ هذه الرغبة من جهة أخرى؟
في ذكرى النكبة، يواجه الشعب الفلسطيني تحديات من نوع جديد عائدة ألى الفارق بين الرغبة وألقدرة أولا وألى وجدود كيانين فلسطينيين كل منهما مستقل عن الآخر ثانيا وأخيرا. الرغبة شيء وألقدرة شيء آخر. وقد استغلت أسرائيل هذا الفارق لتفرض أمرا واقعا جديدا يتمثل بquot;الجدار الأمنيquot; العنصري الذي لم يعد هناك من يتحدث عنه ألاّ من زاوية أنه وفّر لها حماية من العمليات الأنتحارية. مؤسف أنه لم يعد هناك من يتحدث عن quot;الجدارquot; الذي يكرس الأحتلال لجزء من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وكأن الأمر مجرد تفصيل. صار تقطيع أوصال القرى والبلدات الفلسطينية مجرد تفصيل في حين أهتمام العالم quot;المتحضّرquot; منصب على حماية أمن أسرائيل.
هناك جانب كبير من الظلم في هذه المعادلة. أنه أستمرار للظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ ما قبل صدور وعد بلفور في العام 1917 من القرن الماضي وبدء النشاط الأستيطاني الكثيف لليهود في أرض فلسطين على حساب السكان الأصليين أصحاب الأرض الذين ما زالوا يمتلكون مفاتيح بيوتهم وصكوك ملكية الأراضي في كل أنحاء فلسطين. هذا لا يمنع من الأعتراف، شئنا أم أبينا، بأن هناك جانبا من المسؤولية يقع على الفلسطينيين أنفسهم الذين لم يتمكنوا يوما من التمييز بين الرغبة والقدرة. ألى الآن أستفادت أسرائيل في أستمرار من هذه الرغبة الفلسطينية التي لا تأخذ في الأعتبار الواقع القائم على الأرض من جهة وموازين القوى الأقليمية والدولية من جهة أخرى. أحتاج الشعب الفلسطيني في كل مرحلة من المراحل التي مرّت فيها قضيته ألى زعيم لا يكتفي بتسجيل أنتصارات عسكرية أو سياسية بمقدار ما أن الحاجة كانت دائما ألى زعيم قادر على الحسم وعدم الأنجرار وراء ما يسمّى الشارع. كان مطلوبا في أستمرار رفض الأنقياد للشارع، بل قيادته. ولهذا السبب، نجد أن ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني كان في أحيان كثيرا أسير الشارع وليس قائدا له. وهذا ما أغرق المقاومة الفلسطينية في الرمال المتحركة لعمان ثم بيروت وسمح لاحقا بأن تأخذ quot;حماسquot; كل راحتها في ضرب الأسس لأي أتفاق سلام ولو من النوع المرحلي كان في الأمكان التوصل اليه. فعلت quot;حماسquot; ذلك عبر عملياتها الأنتحارية وكأنها في تحالف ضمني مع اليمين الأسرائيلي ومع أرييل شارون تحديدا ومع كل المتطرفين العرب الذين يقتاتون من حال اللاحرب واللاسلم من عرب وغير عرب... في دمشق أو طهران.
ليس كافيا الدعوة ألى التمسك بحل الدولتين. صارت الدعوة هذه مجرد رغبة. لا مفر من الأعتراف بأن ثمة حاجة ألى قيادة فلسطينية لا تخاف من القرارات الشجاعة التي لا ترضي الشارع ولا تسترضيه. لو ترك الأمر للشارع لما كان أتفاق أوسلو ولكان quot;أبوعمارquot; أمضى أيامه الأخيرة في تونس وليس على أرض فلسطين. في حال كان مطلوبا تعلّم شيء من تجارب سنوات النكبة، فأن أول ما لابدّ من تعلمه أن الفلسطينيين، على غرار العرب لم يحصلوا يوما على عرض أفضل من الذي سبقه. الوقت لا يعمل لمصلحة العرب أو الفلسطينيين. ثمة من سيرد على هذا الكلام بأن أسرائيل ليست على أستعداد للقبول بتسوية معقولة ومقبولة. هذا صحيح. لكن الصحيح أيضا أن لا شيء يجب أن يحول دون قيام نموذج لدولة فلسطينية ناجحة ومسالمة في الضفة الغربية بغض النظر عن الوضع في غزة التي تسيطر عليها quot;حماسquot; عسكريا. لا فائدة من حكومة وحدة وطنية تستخدم للعرقلة فقط. لا فائدة من أستعادة غزة في ظل الشعارات العقيمة التي ترفعها quot;حماسquot;. الأمل الوحيد في نهج سياسي جديد لا يخشى المزايدات والمزايدين، نهج فلسطيني لا يؤمن بالرغبة بمقدار ما يؤمن بتحويلها ألى قدرة. يكفي الفلسطينيين في الذكرى الستين للنكبة أنهم يوسطون القاهرة للتوصل ألى تهدئة ويرسلون أليها الوفد تلو الآخر، فيما أحدهم يهدد من دمشق بتحويل الغضب الفلسطيني في أتجاه الحدود بين غزة ومصر. أليس هناك في صفوف quot;حماسquot; قائد أو شبه قائد يمتلك ما يكفي من الشجاعة للأعتراف بأن نكبة جديدة تحا بالفلسطينيين في ذكرى النكبة. أسم النكبة الجديدة الأنقلاب الذي نفذته quot;حماسquot; في غزة والذي لم يجلب للفلسطينيين سوى المآسي. يكفي أن الأنقلاب كشف حقيقة quot;حماسquot;. يكفي أنه كشف أن هدفها تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني بدل التصدي للأحتلال الأسرائيلي بالتحالف مع حركة الأخوان المسلمين في مصر وغير مصر. منذ متى هناك من يفرح بالنكبة ويمجدها ويعتبرها أنتصارا في حد ذاته ويسعى ألى تكرارها على حساب مستقبل شعبه؟ هل من خدمة تقدم لأسرائيل أكبر من هذه الخدمة؟
أدرك الفلسطينيون متأخرين جدا معنى القرار الفلسطيني المستقل ومعنى التعاطي مع العالم ومع العرب ومع الأحتلال الأسرائيلي من منطلق أن هناك موازين للقوى لا يمكن تجاهلها وأن الحق وحده لا يصنع حلا ولا يعيد الحقوق. حسنا فعلوا في الذكرى الستين للنكبة بأن رفعوا شعارات تؤكد أنهم لم ينسوا، وحسنا أيضا فعلت السلطة الوطنية عندما وجه رئيسها السيد محمود عباس ( أبو مازن) كلمة ألى مواطنيه وألى الأسرائيليين يؤكد فيها التمسك بحل في أساسه قيام دولتين على أرض فلسطين مشدّدا في الوقت ذاته على أن أمن اسرائيل مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية. يلتقي كلام الرئيس الفلسطيني مع الرغبة الدولية في قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. أنها مجرد رغبة لم تتحول بعد ألى أرادة دولية قادرة على فرض الدولة على أسرائيل. هل لا يزال في أستطاعة الفلسطينيين في هذه الأيام تحويل الرغبة ألى أرادة؟ هل في أستطاعتهم التمييز بين الرغبة من جهة والقدرة على تنفيذ هذه الرغبة من جهة أخرى؟
في ذكرى النكبة، يواجه الشعب الفلسطيني تحديات من نوع جديد عائدة ألى الفارق بين الرغبة وألقدرة أولا وألى وجدود كيانين فلسطينيين كل منهما مستقل عن الآخر ثانيا وأخيرا. الرغبة شيء وألقدرة شيء آخر. وقد استغلت أسرائيل هذا الفارق لتفرض أمرا واقعا جديدا يتمثل بquot;الجدار الأمنيquot; العنصري الذي لم يعد هناك من يتحدث عنه ألاّ من زاوية أنه وفّر لها حماية من العمليات الأنتحارية. مؤسف أنه لم يعد هناك من يتحدث عن quot;الجدارquot; الذي يكرس الأحتلال لجزء من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وكأن الأمر مجرد تفصيل. صار تقطيع أوصال القرى والبلدات الفلسطينية مجرد تفصيل في حين أهتمام العالم quot;المتحضّرquot; منصب على حماية أمن أسرائيل.
هناك جانب كبير من الظلم في هذه المعادلة. أنه أستمرار للظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ ما قبل صدور وعد بلفور في العام 1917 من القرن الماضي وبدء النشاط الأستيطاني الكثيف لليهود في أرض فلسطين على حساب السكان الأصليين أصحاب الأرض الذين ما زالوا يمتلكون مفاتيح بيوتهم وصكوك ملكية الأراضي في كل أنحاء فلسطين. هذا لا يمنع من الأعتراف، شئنا أم أبينا، بأن هناك جانبا من المسؤولية يقع على الفلسطينيين أنفسهم الذين لم يتمكنوا يوما من التمييز بين الرغبة والقدرة. ألى الآن أستفادت أسرائيل في أستمرار من هذه الرغبة الفلسطينية التي لا تأخذ في الأعتبار الواقع القائم على الأرض من جهة وموازين القوى الأقليمية والدولية من جهة أخرى. أحتاج الشعب الفلسطيني في كل مرحلة من المراحل التي مرّت فيها قضيته ألى زعيم لا يكتفي بتسجيل أنتصارات عسكرية أو سياسية بمقدار ما أن الحاجة كانت دائما ألى زعيم قادر على الحسم وعدم الأنجرار وراء ما يسمّى الشارع. كان مطلوبا في أستمرار رفض الأنقياد للشارع، بل قيادته. ولهذا السبب، نجد أن ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني كان في أحيان كثيرا أسير الشارع وليس قائدا له. وهذا ما أغرق المقاومة الفلسطينية في الرمال المتحركة لعمان ثم بيروت وسمح لاحقا بأن تأخذ quot;حماسquot; كل راحتها في ضرب الأسس لأي أتفاق سلام ولو من النوع المرحلي كان في الأمكان التوصل اليه. فعلت quot;حماسquot; ذلك عبر عملياتها الأنتحارية وكأنها في تحالف ضمني مع اليمين الأسرائيلي ومع أرييل شارون تحديدا ومع كل المتطرفين العرب الذين يقتاتون من حال اللاحرب واللاسلم من عرب وغير عرب... في دمشق أو طهران.
ليس كافيا الدعوة ألى التمسك بحل الدولتين. صارت الدعوة هذه مجرد رغبة. لا مفر من الأعتراف بأن ثمة حاجة ألى قيادة فلسطينية لا تخاف من القرارات الشجاعة التي لا ترضي الشارع ولا تسترضيه. لو ترك الأمر للشارع لما كان أتفاق أوسلو ولكان quot;أبوعمارquot; أمضى أيامه الأخيرة في تونس وليس على أرض فلسطين. في حال كان مطلوبا تعلّم شيء من تجارب سنوات النكبة، فأن أول ما لابدّ من تعلمه أن الفلسطينيين، على غرار العرب لم يحصلوا يوما على عرض أفضل من الذي سبقه. الوقت لا يعمل لمصلحة العرب أو الفلسطينيين. ثمة من سيرد على هذا الكلام بأن أسرائيل ليست على أستعداد للقبول بتسوية معقولة ومقبولة. هذا صحيح. لكن الصحيح أيضا أن لا شيء يجب أن يحول دون قيام نموذج لدولة فلسطينية ناجحة ومسالمة في الضفة الغربية بغض النظر عن الوضع في غزة التي تسيطر عليها quot;حماسquot; عسكريا. لا فائدة من حكومة وحدة وطنية تستخدم للعرقلة فقط. لا فائدة من أستعادة غزة في ظل الشعارات العقيمة التي ترفعها quot;حماسquot;. الأمل الوحيد في نهج سياسي جديد لا يخشى المزايدات والمزايدين، نهج فلسطيني لا يؤمن بالرغبة بمقدار ما يؤمن بتحويلها ألى قدرة. يكفي الفلسطينيين في الذكرى الستين للنكبة أنهم يوسطون القاهرة للتوصل ألى تهدئة ويرسلون أليها الوفد تلو الآخر، فيما أحدهم يهدد من دمشق بتحويل الغضب الفلسطيني في أتجاه الحدود بين غزة ومصر. أليس هناك في صفوف quot;حماسquot; قائد أو شبه قائد يمتلك ما يكفي من الشجاعة للأعتراف بأن نكبة جديدة تحا بالفلسطينيين في ذكرى النكبة. أسم النكبة الجديدة الأنقلاب الذي نفذته quot;حماسquot; في غزة والذي لم يجلب للفلسطينيين سوى المآسي. يكفي أن الأنقلاب كشف حقيقة quot;حماسquot;. يكفي أنه كشف أن هدفها تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني بدل التصدي للأحتلال الأسرائيلي بالتحالف مع حركة الأخوان المسلمين في مصر وغير مصر. منذ متى هناك من يفرح بالنكبة ويمجدها ويعتبرها أنتصارا في حد ذاته ويسعى ألى تكرارها على حساب مستقبل شعبه؟ هل من خدمة تقدم لأسرائيل أكبر من هذه الخدمة؟
التعليقات