وأخيرا بل مؤخّرا دخلت العلاقة السورية ndash; اللبنانية مرحلة جديدة ومتطورة من تاريخ العلاقات بين البلدين بعد أكثر من عامين من الجفاء والانقطاع والتراشق الإعلامي والتلاسن السياسي والتنافر العلني الذي لم يمسّ في واقع المشهد، سوى الشعبين في البلدين المذكورين، ولم ينعكس إلا على مصالحهما المشتركة، ولم يشوّه وإن - لبعض الوقت ndash; غير الروابط الودّية المتبادلة بينهما بحكم الجغرافيا أولا، وبحكم المصاهرة الواسعة المنتشرة بين العائلات، ناهيك عن التواصل الاجتماعي الاقتصادي الحتمي، الممتدّ تلقائيّا بين المجتمعين، الذي كاد أن ينهار فعليا ويُبتر كليّا على الصعيد الشعبي الجماهيري العام، بعد أن اقتيد إلى التصعيد المجاني لفترة طويلة ومشوشة بدعوة من الجهات الرسمية من طرف، والجبهات الخاصّة والمُتعددة لدى نظيرتها في الطرف الآخر للخلاف الذي لم تُلغَ أو تُمحَ معظم آثاره المشرّعة على كافة الاحتمالات بشقيّها المعارض والموالي، على الرغم من الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس اللبناني ميشيل سليمان تلبيةً لدعوة نظيره الرئيس السوري بشار الأسد، والتي تزامنت مع عودة المياه إلى مجاريها في الحياة السياسيّة اللبنانيّة الداخليّة وإن بعناوين متينة لمضامين هشّة، والنواب إلى مقاعدها، والحساسيات إلى أصحابها، والاستفزازات إلى هُواتها، والحكومة إلى منتقديها ومعارضيها بمن فيهم مؤيديها كذلك في مجلس quot;الندُّاب quot; أقصد quot;النوّاب quot; اللبناني، في ذات الوقت الذي حُمّل فيه الرئيس ميشيل سليمان مطالب عدّة باسم الشعب اللبناني إلى الحكومة السورية والتي كان من ضمنها ملفّ المفقودين اللبنانيين في السجون السورية والذي أسفر عن حِراك مماثل للأهالي، وأغلب الظنّ أنه حراك للمرّة الأولى في تاريخ التجمعات الشعبية والتظاهرات العلنيّة أمام مبنى وزارة الداخلية في دمشق، إذ لم يألفه الشارع السوري منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم، وذلك للسؤال عن المفقودين السوريين في الأراضي اللبنانيّة، مما أتاح الفرصة لتمييع مضمون ملف المفقودين بملفًّ آخر ربما يصعب لملمته من جديد، كما لا يخفى على أحد أنه قد جاءت في الاعتبار الأساس لهذه الزيارة مسألة التمثيل والتبادل الدبلوماسي، وربما لأول مرة بعد الاستقلال يجد لبنان آذانا صاغية لقبول هذا الطرح المُتعلّق بأمر التبادل الدبلوماسي الذي حظي برضى وقبول الرئيس السوري بشار الأسد رغم كونه من القضايا العالقة سابقا، والذي لطالما أخذَ شكلَ هاجسً كابوسيًّ يطارد المواطن اللبناني في عمق استقلاله وسيادته وحريّته المسلوبة كما يعتقد، أضف إلى ذلك من القضايا العالقة بين البلدين كانت قضيّة ترسيم الحدود التي عادت إلى التباساتها وإشكالاتها واستحالتها المعروفة، وهي القضية المحورية في صلب الحوار القائم بين الرئيسين منذ أمد وعهد سابق وربما إلى حين، وحسب رأي السيد وليد المعلم أنّ لبنانية مزارع شبعا هو إعلان مؤجّل ريثما يتمّ استعادة الجولان المحتل من القبضة الإسرائيليّة المفتوحة على التفاوض حاليا.
ولا شكّ أن ما تقدّم حريّ باهتمام كلّ متمرّس في التحليل السياسي لما يتوّفر من إمكانية طرح لعدة وجهات نظر وذلك من زوايا مختلفة، وأتوقّف عند مسألة التمثيل الدبلوماسي
السوري ndash; اللبناني، الذي سيكون بمثابة صكّ تنازل علني من الجانب السوري في نظر الحكومة اللبنانية الحاليّة التي قدّمت العديد من الجهود والتضحيات للحصول على هذا الاعتراف الموثّق دبلوماسيّا والمُبارك دوليّا وعربيّا، وأتساءل على هامش كل التساؤلات التي سيُبنى عليها معطيات جديدة بكل تأكيد، حول ما إذا كانت الحكومة السورية تضع في اعتبارها مسألة المقيمين السوريين الذين زاد عددهم عن المليون مواطن ذات إحصاء أطلقه الراحل جبران تويني رحمه الله في القطر اللبناني يوم كان للصوت صدى وللكلمة فاعلية، وأجزم أن هذا الرقم قد انخفض إلى النصف إن لم يكن أقل من ذلك، بعد فجيعة لبنان باغتيال الراحل رفيق الحريري أكرم الله مثواه في العام 2005 وما تلاها حتى يومنا هذا، لكن سواء كان ثمّة مواطن سوري واحد ليس إلا أم مليون، فالقانون هو القانون، والمنطق هو المنطق، والحق هو العدالة الإنسانية المنشودة، فهل من العدل أن يتكبّد المقيم السوري في لبنان وحده كلّ المُنغّصات الممكنة والتي تبدأ
بارتفاع أجور النقل واستغلال أصحاب العربات العاملة على الخط بين دمشق وبيروت باللعب في التسعيرة حسب حاجة المسافر ووفق الأحداث والمُستجدات،
لتأتِ ضريبة تخطّي الحدود السورية بشراء إلزامي لقسيمة تأشيرة المغادرة التي تضاعفت بدون تمهيد خمسة أضعاف دفعة واحدة بعد خروج الجيش السوري بأشهر قليلة، هذه التعرفة التي لا نراها على امتداد الدول والحدود الأوربيّة، وإذا كانت حفنة الخمسون $تقريبا تُفي بالغرض لقطع المسافة الجغرافية بين البلدين كقيمة منطقية أو كقيمة باهظة عن المنطق، فإنّ ثالثة الأثافي تتلخّص بإبعاد مركز سفريات انطلاق دمشق المعروف منذ زمن طويل بالنسبة للقاصي والداني، داخل العاصمة السورية بموقع غاية في الإستراتيجيّة وبمنتهى الحيوية، لنعلم فجأة أنّ المحافظ الجديد لمدينة دمشق هاوٍ للمسافات الطويلة، وربما ليست هوايته التي يعكف على ممارستها، فبالتأكيد ثمّة هوايات أخرى يُمكن أن يُمارسها حاليا كفتح الطرقات وتعبيد الشوارع حاله بذلك حال كل محافظ يتوالى على المنصب المذكور، وإذا كنّا كمواطنين لا نطالب بالسجاد الأحمر أن يُفرش على شرف خطواتنا المُتعثّرة، فلا بدّ أن يبق للمغادر شيئا من الشعور وإن بقليل من الكرامة بتفادي الشكل المهين الذي انتهى الأمر بسيارات الأجرة العاملة على خط دمشق- بيروت بالخروج إلى منطقة السومرية التي لم يطلها التنظيم المروري أو الإنشائي بعد، تقع على خط سفر بطريق ترابي يقتطع منها ساحة جانبيّة مسوّرة بمداميك من الباتون تصلح جيدا كمزرعة أبقار أو بغال في حال عدم توفّر الفصيلة الأخرى، تبعد أكثر من 33 كم عن مركز المدينة قديما كان أم حديثا، وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات فلا شكّ أنّ أجرة النقل من منطقة السومرية حتى داخل دمشق عن طريق سيارات الأجرة سيكون تكلفة عالية جدا ومرهقة للمسافر الذي يُسْتَنْزَف تِباعا، وفي حال آثر المُسافر اعتماد وسائل النقل الداخلي فبالتأكيد سيرى العجب ويكره السبب الذي اضطّره إلى هذه السلسلة الدرامية المتقطّعة على أقصر خطّ سفر يقع بين دولتين على امتداد المعمورة، كان فيما مضى وقبل اجتهاد المجتهدون الجدد بشأن الازدحام الخارق لخصوصية ورقي وأناقة العاصمة الدمشقية، بوسع المسافر أن يطلب بكل بساطة سيارة أجرة تأتي إلى حيث يقطن وتكاد تلتصق بباب السكن كلوحة إعلانات، لتحمل المسافر بحرص شديد على راحته بتوفير ما أمكن من أناقة الرحلة، بينما رحلة ما بعد التنظيم والتعديل اليوم أصبحت مزرية وبائسة ومخجلة ومذلّة لرجل فكيف إذا كان الحال لامرأة؟.
أضع السؤال في ذمّة محافظ مدينة دمشق محمد اللحام، ووزير المواصلات، ليقوما برحلة على الطريقة المنَصوح بها حاليا، بعيدا عن المرافقين وعن السيارات المكيّفة ذات النوافذ المغلقة بستائر مخملية تخفي حقيقة المشهد في الشارع العام المكتظّ بطريقة خانقة، ولو أنّ مشروع الإنماء المُتوازن يُعتمد في الريف السوري بشكل عادل ولائق بتوفير تكاليف تجديدات طرقات العاصمة المُتجددة تِباعا بلا مُبرر أو مصداقيّة، وإتاحة فرص عمل لكل الوافدين من الريف السوري إلى دمشق بحثا عن فرصة لاغتنامها بأي طريقة ممكنة على حساب قدرة العاصمة على الاستيعاب وعلى حساب مظهر العاصمة بمظاهر غير ملائمة على الإطلاق، اضطّرها وبقسوة بالغة إلى لفظ معالم العاصمة الأساسيّة التي من أهمها مركز انطلاق سيارات دمشق- بيروت، وللأمانة الأدبية أحبّ التنويه أنّ المشقّة المذكورة هنا لم تأت نتيجة تجربة شخصية تأخرتُ ربما في خوضها بسبب الكثير من الطفيليين الذين يعيقون خطواتنا كالعادة، ولكنّ هذا التذمّر والانتقادات أسمعها باستياء مزدوج من المغادرين والقادمين على حدّ سواء. نأمل والحكومة السورية في طريقها إلى تعبيد الطرق الدبلوماسية بين البلدين أن تتعّهد بمجمل اهتماماتها إعادة تسهيل الطريق في وجه المواطن السوري الهارب من البطالة داخل الوطن إلى العمالة في وطن مُستعار بظروف لا يُحسد عليها، فلتكن خطوط العودة متاحة ومريحة وميسّرة باستمرار، وعلى أمل أن أكون قد أسمعتُ من قصدتُ، ليقيني أنه آن الأوان أن يأخذ المسؤول كلام المواطن بعين الاعتبار، وأن يمتّن العلاقة بينه وبين الأقلام الحرّة الداعية إلى ما هو أفضل للجميع بالتأكيد.
ولا شكّ أن ما تقدّم حريّ باهتمام كلّ متمرّس في التحليل السياسي لما يتوّفر من إمكانية طرح لعدة وجهات نظر وذلك من زوايا مختلفة، وأتوقّف عند مسألة التمثيل الدبلوماسي
السوري ndash; اللبناني، الذي سيكون بمثابة صكّ تنازل علني من الجانب السوري في نظر الحكومة اللبنانية الحاليّة التي قدّمت العديد من الجهود والتضحيات للحصول على هذا الاعتراف الموثّق دبلوماسيّا والمُبارك دوليّا وعربيّا، وأتساءل على هامش كل التساؤلات التي سيُبنى عليها معطيات جديدة بكل تأكيد، حول ما إذا كانت الحكومة السورية تضع في اعتبارها مسألة المقيمين السوريين الذين زاد عددهم عن المليون مواطن ذات إحصاء أطلقه الراحل جبران تويني رحمه الله في القطر اللبناني يوم كان للصوت صدى وللكلمة فاعلية، وأجزم أن هذا الرقم قد انخفض إلى النصف إن لم يكن أقل من ذلك، بعد فجيعة لبنان باغتيال الراحل رفيق الحريري أكرم الله مثواه في العام 2005 وما تلاها حتى يومنا هذا، لكن سواء كان ثمّة مواطن سوري واحد ليس إلا أم مليون، فالقانون هو القانون، والمنطق هو المنطق، والحق هو العدالة الإنسانية المنشودة، فهل من العدل أن يتكبّد المقيم السوري في لبنان وحده كلّ المُنغّصات الممكنة والتي تبدأ
بارتفاع أجور النقل واستغلال أصحاب العربات العاملة على الخط بين دمشق وبيروت باللعب في التسعيرة حسب حاجة المسافر ووفق الأحداث والمُستجدات،
لتأتِ ضريبة تخطّي الحدود السورية بشراء إلزامي لقسيمة تأشيرة المغادرة التي تضاعفت بدون تمهيد خمسة أضعاف دفعة واحدة بعد خروج الجيش السوري بأشهر قليلة، هذه التعرفة التي لا نراها على امتداد الدول والحدود الأوربيّة، وإذا كانت حفنة الخمسون $تقريبا تُفي بالغرض لقطع المسافة الجغرافية بين البلدين كقيمة منطقية أو كقيمة باهظة عن المنطق، فإنّ ثالثة الأثافي تتلخّص بإبعاد مركز سفريات انطلاق دمشق المعروف منذ زمن طويل بالنسبة للقاصي والداني، داخل العاصمة السورية بموقع غاية في الإستراتيجيّة وبمنتهى الحيوية، لنعلم فجأة أنّ المحافظ الجديد لمدينة دمشق هاوٍ للمسافات الطويلة، وربما ليست هوايته التي يعكف على ممارستها، فبالتأكيد ثمّة هوايات أخرى يُمكن أن يُمارسها حاليا كفتح الطرقات وتعبيد الشوارع حاله بذلك حال كل محافظ يتوالى على المنصب المذكور، وإذا كنّا كمواطنين لا نطالب بالسجاد الأحمر أن يُفرش على شرف خطواتنا المُتعثّرة، فلا بدّ أن يبق للمغادر شيئا من الشعور وإن بقليل من الكرامة بتفادي الشكل المهين الذي انتهى الأمر بسيارات الأجرة العاملة على خط دمشق- بيروت بالخروج إلى منطقة السومرية التي لم يطلها التنظيم المروري أو الإنشائي بعد، تقع على خط سفر بطريق ترابي يقتطع منها ساحة جانبيّة مسوّرة بمداميك من الباتون تصلح جيدا كمزرعة أبقار أو بغال في حال عدم توفّر الفصيلة الأخرى، تبعد أكثر من 33 كم عن مركز المدينة قديما كان أم حديثا، وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات فلا شكّ أنّ أجرة النقل من منطقة السومرية حتى داخل دمشق عن طريق سيارات الأجرة سيكون تكلفة عالية جدا ومرهقة للمسافر الذي يُسْتَنْزَف تِباعا، وفي حال آثر المُسافر اعتماد وسائل النقل الداخلي فبالتأكيد سيرى العجب ويكره السبب الذي اضطّره إلى هذه السلسلة الدرامية المتقطّعة على أقصر خطّ سفر يقع بين دولتين على امتداد المعمورة، كان فيما مضى وقبل اجتهاد المجتهدون الجدد بشأن الازدحام الخارق لخصوصية ورقي وأناقة العاصمة الدمشقية، بوسع المسافر أن يطلب بكل بساطة سيارة أجرة تأتي إلى حيث يقطن وتكاد تلتصق بباب السكن كلوحة إعلانات، لتحمل المسافر بحرص شديد على راحته بتوفير ما أمكن من أناقة الرحلة، بينما رحلة ما بعد التنظيم والتعديل اليوم أصبحت مزرية وبائسة ومخجلة ومذلّة لرجل فكيف إذا كان الحال لامرأة؟.
أضع السؤال في ذمّة محافظ مدينة دمشق محمد اللحام، ووزير المواصلات، ليقوما برحلة على الطريقة المنَصوح بها حاليا، بعيدا عن المرافقين وعن السيارات المكيّفة ذات النوافذ المغلقة بستائر مخملية تخفي حقيقة المشهد في الشارع العام المكتظّ بطريقة خانقة، ولو أنّ مشروع الإنماء المُتوازن يُعتمد في الريف السوري بشكل عادل ولائق بتوفير تكاليف تجديدات طرقات العاصمة المُتجددة تِباعا بلا مُبرر أو مصداقيّة، وإتاحة فرص عمل لكل الوافدين من الريف السوري إلى دمشق بحثا عن فرصة لاغتنامها بأي طريقة ممكنة على حساب قدرة العاصمة على الاستيعاب وعلى حساب مظهر العاصمة بمظاهر غير ملائمة على الإطلاق، اضطّرها وبقسوة بالغة إلى لفظ معالم العاصمة الأساسيّة التي من أهمها مركز انطلاق سيارات دمشق- بيروت، وللأمانة الأدبية أحبّ التنويه أنّ المشقّة المذكورة هنا لم تأت نتيجة تجربة شخصية تأخرتُ ربما في خوضها بسبب الكثير من الطفيليين الذين يعيقون خطواتنا كالعادة، ولكنّ هذا التذمّر والانتقادات أسمعها باستياء مزدوج من المغادرين والقادمين على حدّ سواء. نأمل والحكومة السورية في طريقها إلى تعبيد الطرق الدبلوماسية بين البلدين أن تتعّهد بمجمل اهتماماتها إعادة تسهيل الطريق في وجه المواطن السوري الهارب من البطالة داخل الوطن إلى العمالة في وطن مُستعار بظروف لا يُحسد عليها، فلتكن خطوط العودة متاحة ومريحة وميسّرة باستمرار، وعلى أمل أن أكون قد أسمعتُ من قصدتُ، ليقيني أنه آن الأوان أن يأخذ المسؤول كلام المواطن بعين الاعتبار، وأن يمتّن العلاقة بينه وبين الأقلام الحرّة الداعية إلى ما هو أفضل للجميع بالتأكيد.
التعليقات