بعد صباحاتٍ عديدة من الهدوء لصيف حافل بالزوار والمصطافين العرب في لبنان لهذا الموسم الذي اختلف شكلا ومضمونا عن نظيره من الموسمين المنصرمين، عانت فيه الحالة الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والسياسية والأمنية ما عانته من ركود وجمود وشلل واضطّرابات أدخلت الجميع في صراع داخلي ومواجهاتٍ عنف دامية ومروّعة لم تسفر لا عن غالب ولا عن مغلوب، وبعد التدخّل القطري الذي توصّل إلى اتّفاق الدوحة، بدأت الذاكرة اللبنانية على اختلافها تأخذ منحى جديدا من الاستقرار النسبي وشيوع الأمن الذي أتاح للمواطن اللبناني فرصة الحِراك بشيء من الطمأنينة والثقة رغم انتشار الكثير من الشائعات المغرضة على امتداد الوقت والمكان، ورغم تفجير الأوضاع الدامي مجددا ولكن حصريّا في منطقة الشمال اللبناني quot;طرابلس quot; هذه المرّة بمعايير مذهبية جديدة /سني ndash; علوي / وأحيانا /سني ndash; سني / بعدما استوفى كل أنواع الخفات /السنية ndash; الشيعية / في العاصمة بيروت، ودرءا لاستفحال النعرة الجديدة في الشمال، كان لابدّ من تدخلٍ واسع النطاق من قِبَل الحكومة اللبنانية وتقديم تعهداتٍ مُرْضِيةٍ متمثلة بشخص رئيس الحكومة السيد فؤاد السنيورة والسيد سعد الحريري للعمل على توفير المصالحة بين الأطراف المتنازعة في الشمال المذكور بتحسين الظروف المعيشية، وبعدما أقرّت الحكومة الزيادة الترميميّة برفع معدّل دخل الفرد quot;200 quot; ألف ليرة لبنانيّة، والتي ستؤدي حتما وبالضرورة إلى ارتفاع ضارٍ على مستوى أ سعار السلع التي ستقف بالمرصاد بالنسبة للمواطن، وستكون بمثابة فرصة مواتية لمضاعفة الربح بالنسبة للتاجر الذي لا تقف طموحاته المادية عند حدّ.
كلّ ذلك أصبح ثانويا ولا يشكّل أزمة حقيقية بالنسبة للمواطن اللبناني الذي اعتاد على الأسوأ دائما، والذي بدأ يؤقلم نفسه ويروّضها للتكيّف والتماشي مع كافة الظروف المنظورة والمحتملة على حدٍّ سواء.
وهكذا انغمس المواطن اللبناني في يومياته الفائضة التي لا تتيح له فرصة الاستدارة إلى الخلف لاسترجاع تواريخ الشؤم ومدوّناتها الرمزية /تموز ndash; أيار - شباط.. إلخ.........../.
لكنّ عشيّة 11 أيلول من هذا العام لم تمضِ كغيرها من الأمسيات اللبنانية التي شهدت شيئا من الاستقرار والهدوء الملموس، بل عاد الشريط الأحمر العريض ليحتلّ جنوب الشاشة الصغيرة بالخبر العاجل ليفيد بأنّ تفجيرا مدبّرا قد حلّ بمنطقة الجبل التابعة لقضاء عاليه، وكأنّ المُخَطِط والمُفَبْرِك والفاعِل لعملية التفجير هذه التي أوقعت شهيدا وعدة جرحى مساء أمس، كان يضع في اعتباره مسألة إنجاح الموسم السياحي وإفساح المجال للسيّاح العرب أن ينعموا بأجواء محايدة ومميزة وخالية من الإرباك المُتعمّد بأي ثمن وإن اضطرّه الأمر إلى الصبر والانتظار والتأجيل، وما إن انفضّ الموسم وأفِل كلّ وافدٍ إلى بلاده، وعادت منطقة الجبل إلى سكينتها وخوائها من القاصدين، حتى حانت ساعة الصفر للتنفيذ عند العاشرة من ليل العاشر من أيلول، معيدة للأذهان أفعال الشرّ التي طالت الكثير من الشخصيات اللبنانية التي وقعت بيد الغدر بين حين وآخر لم يكن يتيح الفرصة لأحد باسترداد أنفاسه المتناثرة رعبا وذهولا واحتمالات.
وبينما كان من المقرر أن تكتظّ صحف صبيحة 11 أيلول الحالي بالعناوين العريضة لإحياء ذكرى الكارثة الأميركية التي حلّت بقطبي التجارة العالمية في نيويورك، طالعتنا جميع صحف الصباح اللبناني، بعملية الاغتيال المريعة للمسؤول صالح العريضي، وما ترتّب عنها من عناوين تحمل كافة التكهنات التي تُبدد كامل إمكانية الإبقاء على الشعور بالأمن والطمأنينة، أضف إلى جملة من المخاوف بزعزعة السلم الأهلي وضرب دعوة الحوار التي أعلنها الرئيس ميشيل سليمان قبل أيام وحدد لها موعدا في /16 / أيلول الشهر الجاري والحكم عليها حكما مُسبقا.
السؤال الذي لا بدّ منه هل كان الفاعل أميركيا أم صهيونيا في عملية الاغتيال الأخيرة كما قد يُشار بأصابع الاتّهام الجاهزة في العادة؟.
وهل يُمكن للأميركي أو الصهيوني أن يكون حَذِقَا إلى هذا الحد الذي يساعد المُتلقّي على انزياح الذاكرة لديه وتوجيه بوصلتها لنسيان أحداث سبتمبر في الوقت الذي لا يزال الجيش الأميركي يقف فيه دقيقة صمت على أرواح الضحايا الذين قضوا بتفجيرات الحادي عشر من أيلول.
أمّ أنّ الغادر أراد أن يُذكر بإمكانيات أفراد القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية المتلفّحة بزيّ quot;الأسلمة quot; والناطقة بعبارات quot;متأسلمة quot; رياءً وادّعاءً وتحويرا لكل القيم الإسلامية الحقيقية الروحية والأخلاقية التي شاءها الله ورسوله لخير البشرية، لتُظاهر بتمكّنها الدائم من تحديد الزمان والمكان لإيصال رسائل الإرهاب في الوقت المطلوب بدقّة متناهية؟
أم أنّ القاتل فعلا يعزّ عليه أن تنعم الفئات المختلفة في لبنان بفضائل التسوية والوفاق والصلح والتسامح؟
ليظلّ لبنان بكامل أطيافه عائما على بركان الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية المُهدِدَةِ بالانفجار الذي لم يعد بوسع المواطن العادي احتماله بأيّ شكل من الأشكال.
ولعلّ أكثر المتضررين هم هؤلاء الشباب الذين تضّطرهم الظروف والمُستجدات على الساحة الأمنية اللبنانية باستمرار للارتهان إلى هذا الحزب أو ذاك، ليكونوا على الدوام برسم الموت الذي يُستثمر فيما بعد استثمارا سياسيا حزبيا طائفيا والأهم من هذا كلّه ما يترتب عليه من مباحثات ماديّة مُربحة على أكمل وجه.
فهل لا يزال مفهوم الاستشهاد محصورا في سبيل الله والوطن والقضايا العادلة؟
أم أنه أُحيلَ لجملة الصفقات التي تُبرم على هوامش السياسية وحواشيها التي تُمرر عادة تحت الطاولات وفوقها بناء على أشكالها الهندسيّة المُستديرة والمُربّعة والمستطيلة وحسب متانتها في حمل القرارات الثقيلة والخفيفة وما بَيْنَ بَيْن!.........
كلّ ذلك أصبح ثانويا ولا يشكّل أزمة حقيقية بالنسبة للمواطن اللبناني الذي اعتاد على الأسوأ دائما، والذي بدأ يؤقلم نفسه ويروّضها للتكيّف والتماشي مع كافة الظروف المنظورة والمحتملة على حدٍّ سواء.
وهكذا انغمس المواطن اللبناني في يومياته الفائضة التي لا تتيح له فرصة الاستدارة إلى الخلف لاسترجاع تواريخ الشؤم ومدوّناتها الرمزية /تموز ndash; أيار - شباط.. إلخ.........../.
لكنّ عشيّة 11 أيلول من هذا العام لم تمضِ كغيرها من الأمسيات اللبنانية التي شهدت شيئا من الاستقرار والهدوء الملموس، بل عاد الشريط الأحمر العريض ليحتلّ جنوب الشاشة الصغيرة بالخبر العاجل ليفيد بأنّ تفجيرا مدبّرا قد حلّ بمنطقة الجبل التابعة لقضاء عاليه، وكأنّ المُخَطِط والمُفَبْرِك والفاعِل لعملية التفجير هذه التي أوقعت شهيدا وعدة جرحى مساء أمس، كان يضع في اعتباره مسألة إنجاح الموسم السياحي وإفساح المجال للسيّاح العرب أن ينعموا بأجواء محايدة ومميزة وخالية من الإرباك المُتعمّد بأي ثمن وإن اضطرّه الأمر إلى الصبر والانتظار والتأجيل، وما إن انفضّ الموسم وأفِل كلّ وافدٍ إلى بلاده، وعادت منطقة الجبل إلى سكينتها وخوائها من القاصدين، حتى حانت ساعة الصفر للتنفيذ عند العاشرة من ليل العاشر من أيلول، معيدة للأذهان أفعال الشرّ التي طالت الكثير من الشخصيات اللبنانية التي وقعت بيد الغدر بين حين وآخر لم يكن يتيح الفرصة لأحد باسترداد أنفاسه المتناثرة رعبا وذهولا واحتمالات.
وبينما كان من المقرر أن تكتظّ صحف صبيحة 11 أيلول الحالي بالعناوين العريضة لإحياء ذكرى الكارثة الأميركية التي حلّت بقطبي التجارة العالمية في نيويورك، طالعتنا جميع صحف الصباح اللبناني، بعملية الاغتيال المريعة للمسؤول صالح العريضي، وما ترتّب عنها من عناوين تحمل كافة التكهنات التي تُبدد كامل إمكانية الإبقاء على الشعور بالأمن والطمأنينة، أضف إلى جملة من المخاوف بزعزعة السلم الأهلي وضرب دعوة الحوار التي أعلنها الرئيس ميشيل سليمان قبل أيام وحدد لها موعدا في /16 / أيلول الشهر الجاري والحكم عليها حكما مُسبقا.
السؤال الذي لا بدّ منه هل كان الفاعل أميركيا أم صهيونيا في عملية الاغتيال الأخيرة كما قد يُشار بأصابع الاتّهام الجاهزة في العادة؟.
وهل يُمكن للأميركي أو الصهيوني أن يكون حَذِقَا إلى هذا الحد الذي يساعد المُتلقّي على انزياح الذاكرة لديه وتوجيه بوصلتها لنسيان أحداث سبتمبر في الوقت الذي لا يزال الجيش الأميركي يقف فيه دقيقة صمت على أرواح الضحايا الذين قضوا بتفجيرات الحادي عشر من أيلول.
أمّ أنّ الغادر أراد أن يُذكر بإمكانيات أفراد القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية المتلفّحة بزيّ quot;الأسلمة quot; والناطقة بعبارات quot;متأسلمة quot; رياءً وادّعاءً وتحويرا لكل القيم الإسلامية الحقيقية الروحية والأخلاقية التي شاءها الله ورسوله لخير البشرية، لتُظاهر بتمكّنها الدائم من تحديد الزمان والمكان لإيصال رسائل الإرهاب في الوقت المطلوب بدقّة متناهية؟
أم أنّ القاتل فعلا يعزّ عليه أن تنعم الفئات المختلفة في لبنان بفضائل التسوية والوفاق والصلح والتسامح؟
ليظلّ لبنان بكامل أطيافه عائما على بركان الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية المُهدِدَةِ بالانفجار الذي لم يعد بوسع المواطن العادي احتماله بأيّ شكل من الأشكال.
ولعلّ أكثر المتضررين هم هؤلاء الشباب الذين تضّطرهم الظروف والمُستجدات على الساحة الأمنية اللبنانية باستمرار للارتهان إلى هذا الحزب أو ذاك، ليكونوا على الدوام برسم الموت الذي يُستثمر فيما بعد استثمارا سياسيا حزبيا طائفيا والأهم من هذا كلّه ما يترتب عليه من مباحثات ماديّة مُربحة على أكمل وجه.
فهل لا يزال مفهوم الاستشهاد محصورا في سبيل الله والوطن والقضايا العادلة؟
أم أنه أُحيلَ لجملة الصفقات التي تُبرم على هوامش السياسية وحواشيها التي تُمرر عادة تحت الطاولات وفوقها بناء على أشكالها الهندسيّة المُستديرة والمُربّعة والمستطيلة وحسب متانتها في حمل القرارات الثقيلة والخفيفة وما بَيْنَ بَيْن!.........
التعليقات