سواءً كانت السياسة هاجس من صميم هواجسك أم عدمها، فلن تختلف على أنّ quot;معمّر القذافي quot; هو الزعيم العربي الأكثر مثارا للجدل، إذ لطالما كانت له مواقفه وآراءه وخطبه ومواجهاته ومغامراته واندفاعاته وانكفاءاته وأهدافه ومُبرراته على مدار حقبٍ سياسية متفاوتة ومتناقضة ومختلفة، استطاعت أن توجد لها حيّزا داخل الذاكرة العربيّة بشكل لافت، وبعد العديد من سيناريوهات المدّ والجزر الليبية- الأميركية، وحصار دام لسنوات عانى فيه الشعب الليبي وحده ما عاناه، تمّ الإفراج عن الجماهيرية الليبية كدولة معارضة للسياسة الأميركية، ومن ثمّ تحوّلها مؤخّرا إلى دولة صداقة وتعاون وانفتاح، بعد إثبات حسن النوايا وتخليها عن كافة البرامج النووية التي يُمكن أن تُثير الحفيظة الأميركية وتأجّجها، طبعا لم تأخذ هذه العلاقات طابعها الودّي قبل التكفير عن الذمّة الليبية التي تورّطت في ضرب طائرة الركاب quot;لوكربي quot; والتي ذهب ضحيّتها زهاء quot;260 quot; راكب تمّ التعويض لذويهم بمبلغ خيالي نسبيا تضّطر المتابع إلى quot;التمنّي quot; لو أنّ نسيبا أو قريبا له كان على متن الرحلة المغدورة حيث وصل التعويض إلى /10 / مليون $ عن الضحية الواحدة، ولم يتوانَ السيّد معمّر القذافي طوال مسيرته السياسية عن نقد الأنظمة العربية بتوجيه سخطه المُباشر أحيانا والمبطّن أخرى، إلى جانب كونه كان الداعم والحليف المُباشر للسياسة السورية قبل دخول الحليف الإيراني على الخط، كدولة صراع وتصدّي لزمن مضى ربّما، أضف إلى خلافه العلني مع المملكة العربيّة السعودية، الذي برر له غيابه عن بعض مؤتمرات القمّة العربيّة دون أن يتأخر بإصدار الأحكام المسبقة عن نتائج القمم العربية المنعقدة في حينها مما يعرّضه لكثير من الانتقادات الشديدة من بعض الأطراف العربية، وما إن كانت تنتهيِ القمّة العربية ويكتب لها الفشل حتى تبدأ الغمغمات بصدق الحدْس القذافي لكن دون أن يُشار له بذلك، ولعلّ خيباته المتواصلة في التوصّل إلى صيغ اتّفاق وتفاهم وانسجام عربي شامل ومتكامل جعله ينسحب من كونه عضوا في جامعة الدول العربية ويتّجه دون تردد للانتساب إلى اتحاد الدول الإفريقية، مما خفف العبء على الطرفين، فمن الجانب العربي كان ثمّة غيظ مكظوم على الدوام للمواقف القذافية بين مناسبة وأخرى، ومن الجانب الليبي كان ثمّة غصّة كبيرة وخاصّة أثناء سنوات الحصار التي ذاق الليبيون خلالها علقم التجربة، تجربة التحدّي والعناد ضدّ الغرب وضدّ الغطرسة الأميركية التي بدأ ينصاع لرغبتها الجميع في النهاية، وعلى الرغم من إشراك القذافي لشعبه في شؤون الحكم وقيادة الدولة، تبقى طبقة المثقفين طبقة معارضة وعلى خلاف لكثير من التفاصيل والحيثيات الداخلية التي لا يعرفها إلا أهلها وهذا طبيعي، ومع انشغال معمّر القذافي خلال السنوات الأخيرة بتسوية خلافاته الخارجية عبر الأطلسي والمتوسط، ترك ولا شّك فراغا ملموسا في تسجيل المواقف، و توضيب الخطب البلاغية، ولكنّ هذا العام ثورة الأول من أيلول لم تكن مجرد ذكرى تكرّس احتفاليا ككل عام، بل تزامنت بإعلان حدثين مهمين ومتناقضين للغاية، بفارق زمني بسيط في التوقيت، حيث حلّ على ليبيا في العقد الأخير من شهر آب المنصرم السيد /برلسكوني / رئيس وزراء الحكومة
الإيطالية، ضيفا عزيزا ومميّزا حَمَلَ معه صفحة جديدة لتدوين العلاقات الليبية- الإيطالية وبكل ما تتطلّبه الصداقة المشتركة أهمّها التأكيد على تعزيز المصالح والاهتمامات التي تخدم البلدين، ولم يرَ السيد برلسكوني حرجا في تقبيل يد quot;محمد عمر المختار quot; ابن المناضل العربي الليبي الكبير الراحل quot;عمر المختار quot;، وقد قدّم خطابا طويلا تضمّنت سطوره كل أنواع الأسف لما كان ولما صَدَرَ وَبَدَرَ من أسلافه الإيطاليين في عهد الاحتلال للأراضي الليبية التي ذاق شعبها الويلات على يد الغاصب الإيطالي الذي كان، ولعلّ خطوة السيد برلسكوني واعتذاره الضمني الذي جاء نتيجة تحريض مباشر أو غير مباشر ربما من السيد معمّر القذافي، إلا أنه بجميع الأحوال يعتبر سابقة هامّة على مستوى السياسة في العالم العربي أجمع والذي عرف الاستعمار المروّع في معظم الأقطار العربية، ونتساءل هل مثلا سنسمع اعتذارا مماثلا من الرئيس الفرنسي /ساركوزي / من الشعب العربي السوري الذي كابد من الاستعمار الفرنسي أشدّ أنواع الظلم والألم والمعاناة؟.
وهل نتوقع اعتذارا شبيها من السيد quot;أردوغان quot; وهو على هذه الصلة والتنسيق مع الحكومة السورية؟.
ناهيك عن وجوب التعويض المادي الرديف للتعويض المعنوي للشعب السوري من الطرفين المذكورين.
ولم تقتصر أواخر شهر /أغسطس / على زيارة السيد برلسكوني كحدث مبهج ولافت
ومريب لبعض الليبيين في quot;بنغازي quot;، بل أتاح الفرصة لاستعراض الذكرى الثلاثين لتغييب الإمام quot;موسى الصدر quot; الذي أعلى أبناء جلدته في لبنان من وتيرة المطالبة بحثّ القضاء على إصدار مذكّرة جلب بحق السيد معمّر القذافي، وهي حادثة نادرة في تاريخ القضاء العربي عموما واللبناني خصوصا، وبين المناسبتين المذكورتين، كان الإعلام بالمرصاد دائما لأنجال السيد معمّر القذافي، كلّ حسب ميوله واتّجاهاته، فمن قذاف الدم المهتم بشؤون الدولة كتفا بكتف إلى جانب والده، إلى سيف الإسلام المواكب للقضايا الشعبية الإنسانية والخارج من دائرة السياسة خروجا معلنا لا عودة فيه ربّما، إكراما لرغبة القائد بعدم توريث سدّة الحكم من بعده، وهذه سابقة أخرى على مستوى الرئاسة في العالم العربي بعدما أصبح التوريث فيها نتيجة حتمية قاطعة وموجبة وإلا.
ولم يجد السيد القذافي حرجا في مساندة ابنه quot;هنيبعل quot; في تهديد العلاقات مع جنيف عندما صدرت مذكرة توقيف بحقه وإلقاء القبض عليه وعلى زوجته بتهمة العنف مع مرافقين الأول تونسي والآخر جزائري، مما أتاح الفرصة للسيد القذافي باستخدام كافة أوراق الضغط التي أسهمت، بإخراج هنيبعل معمر القذافي من خلف القضبان واسترداد قيمة الكفالة التي بلغت قيمتها نصف مليون دولار، ولم تنجح المساعي بتقديم الاعتذار السويسري هذه المرّة، ولا نعلم إذا كان المعتصم سيقدّم مستقبلا اعتذارا عن مغامراته أم أنّ أحدا سيَنوب عنه أو ينوب له في الاعتذار!
كل هذه الباقة من المستجدات على الصعيد الليبي دفعت بالأرصاد الإعلامية لتسليط الضوء من جديد على القيادة الليبية بكافة أركانها، وخاصّة بعد التغييرات المفاجئة في الحكومة الليبية التي سبقت زيارة السيد برلسكوني بيوم أو أكثر، وأعادت السيد القذافي إلى دائرة الضوء وما يعقبها ويترتب عليها من تجاذب للأحاديث والآراء والتعقيبات والتعليقات ووجهات النظر من هنا وهناك عربيا ودوليا وليبيّاً بالتأكيد، السؤال الذي يفرض نفسه والسيد القذافي على هذا القدر من الاختلاف في الحضور والتوجّه والشخصية عن باقي ممثلي الأنظمة العربية السائدة، لماذا لا يجنح إلى الديمقراطية الحقّة مع شعبه وهو القادر على ترجمة التغيير ترجمة حرفية ومدروسة، ويكون السباق دائما والسبّاق فعلا في تسجيل القفزات النوعية الصائبة، بتحقيق المصالحة الحقيقية على مستوى القيادة والشعب؟!
سيقول قائل أنّ الشعب الليبي يمجّد قائده أيّما تمجيد وهذا رأيته بأمّ العين لدى مشاركتي في مهرجان الربيع والذي كان تظاهرة عربية بمستوى عالمي عندما استقدم السيد القذافي 500 شخصية عربية من مختلف الأقطار أفخر أني كنت في حينه الشاعرة العربية الوحيدة من جملة 38 شاعرا من مختلف أنحاء العالم، وقتها وفي غمرة ما كنا عليه من احتفاء شعبي كبير وكرم ضيافة فاخر من القيادة العامة المتمثلة في شخص السيد القذافي ونجله سيف الإسلام، والتأييد الجماهيري المنقطع النظير، كمعظم الشعوب العربية التي تخرج طوعا أحيانا، وقسرا في أغلب الأحيان، لم ننتبه إلى طبيعة العلاقة بين الشعب والقائد إلا على أنها علاقة ودّية للغاية، لكنّ كلمة بسيطة لا تزال تدوّي في أعماقي قالتها لي صحفية تملك حدسها ورأيها دون ريب وهي تجري معي حوارا لإحدى الصحف العربية، وأنا أعبّر لها عن امتناني بتلك الحفاوة وذاك الكرم الفائق، فما كان منها إلا أن همست في إذني قائلة:quot; سيدتي حتى تنعمي أنت وجميع الحضور بهذا الكرم الفائض، اضطررنا نحن الشعب أن نجوع، حيث اقتطع راتب شهر كامل من مدخولنا السنوي لهذا العام quot; الملحوظة تلك لجمتني ونغّصت علي طيب الإقامة حتى اليوم وأنا أجهد في حلّ المعادلة وخاصّة أننا جميعا نعلم أن الجماهيرية الليبية بلد نفطي بامتياز، وله ثرواته الوطنية من الغاز الطبيعي وغيره، ومدّخره كبير نسبيا قياسا لعدد أبناء الشعب الليبي الذي لا يتجاوز 6 مليون نسمة، والذي يتوقّع أن يعيش الجميع في بحبوحة اقتصادية إذا لم نقل في ترف ورخاء بالغ، ولكن بتوفّر المواقع الألكترونية فقد كثرت الأقلام لتدوين انتقاداتها السخية، المُبررة ربما واللا مبررة كاحتمال جائز بالتأكيد.
بجميع الأحوال باعتذار السيد برلسكوني يكون الشعب الليبي هو أول شعب عربي في المنطقة عموما، يستعيد جزءا غير يسير من كرامته المنتهكة تِباعا، نظير تخلّصه من
قدر مماثل من رواسب غصّة مزمنة خلّفها الاستعمار، هنيئا للسيد القذافي بتلك البادرة الفريدة من نوعها التي تمّت في عهده، هنيئا للسيد برلسكوني خطوته الجريئة بتخطّي الماضي والتنصّل من حماقة الاستبداد، هنيئا للشعب الليبي بالتعويضين المعنوي والمادي وإن لم يكن الأخير على مستوى الطموح فهو ولا شكّ على مستوى الرمز
والمدلول. ولتكن هذه القطرة الغربية أول الغيث الأوربي الذين يدين بالاعتذار إلى جميع
أبناء الشعب العربي دون استثناء.
الإيطالية، ضيفا عزيزا ومميّزا حَمَلَ معه صفحة جديدة لتدوين العلاقات الليبية- الإيطالية وبكل ما تتطلّبه الصداقة المشتركة أهمّها التأكيد على تعزيز المصالح والاهتمامات التي تخدم البلدين، ولم يرَ السيد برلسكوني حرجا في تقبيل يد quot;محمد عمر المختار quot; ابن المناضل العربي الليبي الكبير الراحل quot;عمر المختار quot;، وقد قدّم خطابا طويلا تضمّنت سطوره كل أنواع الأسف لما كان ولما صَدَرَ وَبَدَرَ من أسلافه الإيطاليين في عهد الاحتلال للأراضي الليبية التي ذاق شعبها الويلات على يد الغاصب الإيطالي الذي كان، ولعلّ خطوة السيد برلسكوني واعتذاره الضمني الذي جاء نتيجة تحريض مباشر أو غير مباشر ربما من السيد معمّر القذافي، إلا أنه بجميع الأحوال يعتبر سابقة هامّة على مستوى السياسة في العالم العربي أجمع والذي عرف الاستعمار المروّع في معظم الأقطار العربية، ونتساءل هل مثلا سنسمع اعتذارا مماثلا من الرئيس الفرنسي /ساركوزي / من الشعب العربي السوري الذي كابد من الاستعمار الفرنسي أشدّ أنواع الظلم والألم والمعاناة؟.
وهل نتوقع اعتذارا شبيها من السيد quot;أردوغان quot; وهو على هذه الصلة والتنسيق مع الحكومة السورية؟.
ناهيك عن وجوب التعويض المادي الرديف للتعويض المعنوي للشعب السوري من الطرفين المذكورين.
ولم تقتصر أواخر شهر /أغسطس / على زيارة السيد برلسكوني كحدث مبهج ولافت
ومريب لبعض الليبيين في quot;بنغازي quot;، بل أتاح الفرصة لاستعراض الذكرى الثلاثين لتغييب الإمام quot;موسى الصدر quot; الذي أعلى أبناء جلدته في لبنان من وتيرة المطالبة بحثّ القضاء على إصدار مذكّرة جلب بحق السيد معمّر القذافي، وهي حادثة نادرة في تاريخ القضاء العربي عموما واللبناني خصوصا، وبين المناسبتين المذكورتين، كان الإعلام بالمرصاد دائما لأنجال السيد معمّر القذافي، كلّ حسب ميوله واتّجاهاته، فمن قذاف الدم المهتم بشؤون الدولة كتفا بكتف إلى جانب والده، إلى سيف الإسلام المواكب للقضايا الشعبية الإنسانية والخارج من دائرة السياسة خروجا معلنا لا عودة فيه ربّما، إكراما لرغبة القائد بعدم توريث سدّة الحكم من بعده، وهذه سابقة أخرى على مستوى الرئاسة في العالم العربي بعدما أصبح التوريث فيها نتيجة حتمية قاطعة وموجبة وإلا.
ولم يجد السيد القذافي حرجا في مساندة ابنه quot;هنيبعل quot; في تهديد العلاقات مع جنيف عندما صدرت مذكرة توقيف بحقه وإلقاء القبض عليه وعلى زوجته بتهمة العنف مع مرافقين الأول تونسي والآخر جزائري، مما أتاح الفرصة للسيد القذافي باستخدام كافة أوراق الضغط التي أسهمت، بإخراج هنيبعل معمر القذافي من خلف القضبان واسترداد قيمة الكفالة التي بلغت قيمتها نصف مليون دولار، ولم تنجح المساعي بتقديم الاعتذار السويسري هذه المرّة، ولا نعلم إذا كان المعتصم سيقدّم مستقبلا اعتذارا عن مغامراته أم أنّ أحدا سيَنوب عنه أو ينوب له في الاعتذار!
كل هذه الباقة من المستجدات على الصعيد الليبي دفعت بالأرصاد الإعلامية لتسليط الضوء من جديد على القيادة الليبية بكافة أركانها، وخاصّة بعد التغييرات المفاجئة في الحكومة الليبية التي سبقت زيارة السيد برلسكوني بيوم أو أكثر، وأعادت السيد القذافي إلى دائرة الضوء وما يعقبها ويترتب عليها من تجاذب للأحاديث والآراء والتعقيبات والتعليقات ووجهات النظر من هنا وهناك عربيا ودوليا وليبيّاً بالتأكيد، السؤال الذي يفرض نفسه والسيد القذافي على هذا القدر من الاختلاف في الحضور والتوجّه والشخصية عن باقي ممثلي الأنظمة العربية السائدة، لماذا لا يجنح إلى الديمقراطية الحقّة مع شعبه وهو القادر على ترجمة التغيير ترجمة حرفية ومدروسة، ويكون السباق دائما والسبّاق فعلا في تسجيل القفزات النوعية الصائبة، بتحقيق المصالحة الحقيقية على مستوى القيادة والشعب؟!
سيقول قائل أنّ الشعب الليبي يمجّد قائده أيّما تمجيد وهذا رأيته بأمّ العين لدى مشاركتي في مهرجان الربيع والذي كان تظاهرة عربية بمستوى عالمي عندما استقدم السيد القذافي 500 شخصية عربية من مختلف الأقطار أفخر أني كنت في حينه الشاعرة العربية الوحيدة من جملة 38 شاعرا من مختلف أنحاء العالم، وقتها وفي غمرة ما كنا عليه من احتفاء شعبي كبير وكرم ضيافة فاخر من القيادة العامة المتمثلة في شخص السيد القذافي ونجله سيف الإسلام، والتأييد الجماهيري المنقطع النظير، كمعظم الشعوب العربية التي تخرج طوعا أحيانا، وقسرا في أغلب الأحيان، لم ننتبه إلى طبيعة العلاقة بين الشعب والقائد إلا على أنها علاقة ودّية للغاية، لكنّ كلمة بسيطة لا تزال تدوّي في أعماقي قالتها لي صحفية تملك حدسها ورأيها دون ريب وهي تجري معي حوارا لإحدى الصحف العربية، وأنا أعبّر لها عن امتناني بتلك الحفاوة وذاك الكرم الفائق، فما كان منها إلا أن همست في إذني قائلة:quot; سيدتي حتى تنعمي أنت وجميع الحضور بهذا الكرم الفائض، اضطررنا نحن الشعب أن نجوع، حيث اقتطع راتب شهر كامل من مدخولنا السنوي لهذا العام quot; الملحوظة تلك لجمتني ونغّصت علي طيب الإقامة حتى اليوم وأنا أجهد في حلّ المعادلة وخاصّة أننا جميعا نعلم أن الجماهيرية الليبية بلد نفطي بامتياز، وله ثرواته الوطنية من الغاز الطبيعي وغيره، ومدّخره كبير نسبيا قياسا لعدد أبناء الشعب الليبي الذي لا يتجاوز 6 مليون نسمة، والذي يتوقّع أن يعيش الجميع في بحبوحة اقتصادية إذا لم نقل في ترف ورخاء بالغ، ولكن بتوفّر المواقع الألكترونية فقد كثرت الأقلام لتدوين انتقاداتها السخية، المُبررة ربما واللا مبررة كاحتمال جائز بالتأكيد.
بجميع الأحوال باعتذار السيد برلسكوني يكون الشعب الليبي هو أول شعب عربي في المنطقة عموما، يستعيد جزءا غير يسير من كرامته المنتهكة تِباعا، نظير تخلّصه من
قدر مماثل من رواسب غصّة مزمنة خلّفها الاستعمار، هنيئا للسيد القذافي بتلك البادرة الفريدة من نوعها التي تمّت في عهده، هنيئا للسيد برلسكوني خطوته الجريئة بتخطّي الماضي والتنصّل من حماقة الاستبداد، هنيئا للشعب الليبي بالتعويضين المعنوي والمادي وإن لم يكن الأخير على مستوى الطموح فهو ولا شكّ على مستوى الرمز
والمدلول. ولتكن هذه القطرة الغربية أول الغيث الأوربي الذين يدين بالاعتذار إلى جميع
أبناء الشعب العربي دون استثناء.
التعليقات