جاءت تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك التي تحذر إيران من التدخل في الشأن العربي بعد تزايد الدلائل على صلة إيران بالحوثيين, وقد قال: laquo;لن نتردد في اتخاذ مواقف تتصدى لمحاولات زعزعة الاستقرار, وتحمي أمن مصر القومي في صلته بأمن منطقة الخليج والبحر الأحمر, وأمن الشرق الأوسط بوجه عامraquo;. هذا الموقف يمثل دعما سياسيا لكل من السعودية واليمن اللتين تخوضان حربا مع الحوثيين الذين لا يَبْدون هدفا سهلا, ولا يفتقرون للتسليح والعتاد الذي يُمكِّنهم من مجابهة جيشين نظاميين...

وقبل ذلك يدل هذا الموقف المصري على تخوف مصر من امتداد النفوذ الإيراني إلى منافذها المائية, وتأثير الهيمنة الإيرانية على محيطها العربي, وبعدها الإقليمي.

وجاءت هذه التصريحات لتذكر بالدور الإقليمي الذي تلعبه مصر, ولا سيما في المنطقة العربية, وقد سبق للرئيس المصري أن قدم دعما مماثلا للبحرين, حين زارها, في شهر فبراير/ شباط من العام الجاري, عقب التصريحات التي أدلى بها المسؤول الإيراني ناطق نوري, واعتبرتها البحرين مسا بسيادتها.

ولا يخفى أن لهذا الموقف الواضح أثره في الموازين الإيرانية التي حاولت التقرب من مصر, حين أثنى وزير الخارجية منوشهر متكي على موقف مصر من ملف إيران النووي, خلال استقباله الرئيس الجديد لمكتب رعاية مصالح مصر في طهران في نوفمبر / تشرين الثاني الجاري. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية quot;إرناquot;: quot; إن المشاورات بين طهران والقاهرة تشكل دعما قويا لشعوب المنطقة، داعيا نظيره المصري أحمد أبو الغيط باعتباره رئيسا لحركة عدم الانحياز إلى زيارة طهران والتشاور حول القضايا الإقليمية.quot;

والمعروف عن الموقف المصري تجاه إيران أنها لا تعتبرها دولة معادية, بل قد صدرت تصريحات عن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يعتبر إيران دولة صديقة, ودولة إسلامية.
وهذا الموقف لم يتغير جوهريا بالرغم من توفر دواع قد تؤثر عليه, من قبيل النشاط الذي مارسته خلية حزب الله الوثيق الصلة بإيران على الأراضي المصرية.

وفي الموقف المصري الأخير لم تتساوق مصر مع إسرائيل في تصنيف إيران بالخطر الأكبر الذي يواجه المنطقة, وقد سبق لمصر أن رفضت, المساعي الإسرائيلية التي هدفت إلى استمالة مصر إلى إسرائيل ضد إيران.

ويزداد هذا الرفض المصري رسوخا بسبب المواقف التي تصر عليها حكومة نتنياهو, من quot;استحقاقات السلامquot; مع الفلسطينيين. وهي التي لم يخالفها الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيرس في زيارته الأخيرة للقاهرة.

إيران تحاول التمدد، بالتخطي, والتجاوز, وبالوصاية, كما بدر من وزير الخارجية الإيراني مؤخرا حين أنكر تدخل الدول المجاورة في شؤون اليمن, ثم عرض وساطة بلاده، معتبرا اليمن في مواجهة مع الشيعة من مواطنيه! وقد بالغ في التجاوز حين قال: quot;إن الذين يصبون الزيت على النار يجب أن يدركوا أن الدخان المنبعث سيطالهمquot;.

فإيران, وهي تحاول توظيف البعد الطائفي في هذا الصراع, تتقدم على الحوثيين أنفسهم الذين يحاولون النأي بهذا البعد عن تمردهم, مُسْتَبقين الأسبابَ الاقتصادية والمعيشية. وهذا مضمون تصريح القائد الميداني للمسلحين الحوثيين عبد الملك الحوثي، وقد جاء ينفي ما ورد في تصريحات متكي.
لكن إيران سرعان ما تراجعت عن هذه اللهجة؛ لمَّا لاحظت تضامنا عربيا واسعا مع اليمن والسعودية.

ولا بد أن طهران تستشعر تغيُّرا في مواقف دول كانت تربطها بها علاقات خاصة, كما هو الشأن مع سوريا التي تعود إلى العلاقات الدافئة مع الدول العربية المغايرة للتوجهات الإيرانية, من السعودية ومصر, وإلى العلاقات الاستراتيجية مع تركيا التي تمهد لنفسها موطئا في المنطقة، لتلعب دورا لا يثير توترات , كما يفعل الإيراني.
وكذلك طرأ تغير في الموقف القطري في الجزئية الحوثية، حين انضمت الدوحة إلى الموقف العربي المساند لكل من اليمن والسعودية.

وتأتي هذه التصريحات القوية من الرئيس المصري لتستجمع الموقف العربي العام, وتقوده في مواجهة الطموحات الإيرانية. وهي وإن كانت لا تتجاوز المواقف السياسية, إلا أنها لا تخلو من دلالات وآثار عملية واضحة.
[email protected]