عنوان الكتاب: الإسلامية الأردنية.
المؤلف: مجموعة من الباحثين.
الناشر: مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي، طبعة أولى، 2009م.
إذا كانت ظروف النشأة السياسية بالنسبة للأردن تعتبر حديثة العهد بالمقارنة مع دول وحكومات مجاورة ذات باع طويل، فإن المطلع على خريطة الحركات الإسلامية فيه وتعدد القوى والتيارات والأحزاب التي ترفع شعار الإسلام، سوف يدهش لجهة تعدد تلك الحركات والأحزاب من ناحية، ومن ناحية أخرى لجهة قدرة النظام السياسي على احتواء تلك الحركات الإسلامية وضبط إيقاعها، على الرغم من انتماء النظام السياسي الأردني لخط ما يسمى بدول الاعتدال العربي، وعلاقاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، العدو الرئيسي للحركات الإسلامية حول العالم.
يسلط كتاب مركز المسبار للدراسات والبحوث الضوء على خريطة الحركات الإسلامية في الأردن، في ظل المكانة المميزة لتلك الحركات في المشهد السياسي الأردني، والذي احتضن أول فرع عربي لحركة الإخوان المسلمين خارج مصر، واحتضن الانشقاق الحزبي الأول عليها، وهو حزبُ التحرير الإسلامي، الذي أسسه تقي الدين النبهاني سنة 1953، كما عرف ولادة تيارات السلفية الجهادية التي انطلقت بعد ذلك إلى أفغانستان والعالم.
يفتتح الباحث (محمد عبد المجيد) الكتاب بدراسة تعريفية عن quot;الحركة الإسلامية الأردنية خارطة الاتفاق والاختلافquot;، حاول فيها رسم خارطة الحركات الإسلامية في الأردن، ونقاطَ الاتفاق والاختلاف بينها من الناحيتَيْنِ النظرية والعملية، وقد قَسَّمَ الباحث هذه الحركات إلى نوعيْن: الحركات التي لا تؤمن بالنهج السياسي الديمقراطي، والحركات التي تؤمن به وتتبناه.
ويقدم (محمد حسن الشريف) دراسة حول التنظيم الإسلامي الأهمِّ والأكبر في الأردن، وهو تنظيم الإخوان المسلمين، مُتَتَبِّعًا نشأتَه ورموزَه وعلاقاتِه المختلفة مع السلطة والقوى الإسلامية الأخرى داخل الأردن وخارِجَهُ، وأهم مرجعياته الفكرية ومحطاته المختلفة. أما الباحث (محمد زاهد جول)، فقد تناولت دراسته quot;الحركة الإسلامية الأردنية: إشكاليةَ العلاقة بالآخرquot; تأثير البيئة الأردنية على الحركة الإسلامية الأردنية؛ حيث يرى (جول) أن التركيبة الديموغرافية للمجتمع الأردني لعبت دورًا أساسيًّا في تكوين الحركات الإسلامية في الأردن، كاشفًا عن هذا التأثير في علاقة إسلاميِّي الأردن بكلٍّ من الدولة والقبيلة.
وتشرح دراسة الباحث (حسن أبو هنية) quot;السلفية الجهادية في الأردن: النشأة والإطار والدورquot;، التحولات العميقة التي عملت على بلورة السلفية الجِهادية الأردنية، ففي الوقت الذي كشفت فيه نتائج الانتخابات النيابية الأولى عقب الانفتاح والتحول الديمقراطي عن قوةِ الحركة الإسلامية الأردنية، فإنها كشفتْ عن بروز السلفية الجِهادية، بعد عودة quot;الأفغان الأردنيينquot;، الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني.
وفي دراسته quot;جبهة العمل الإسلامي: المنطلقات الفكرية والتجربة والدورquot;، يعرض الباحث (محمد أبو رمان) تجربةَ حزب جبهة العمل الإسلامي، التي تُمَثِّلُ الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وقد جاء تأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي عَقِبَ عودة الحياة الديمقراطية والبرلمانية عام 1989، وعقب صدور قانون الأحزاب عام 1992، تقَدَّم حزب جبهة العمل بطلب ترخيص، وتَمَّ قبول الطلب بتاريخ 8/10/1992، وعمل على تصويب أوضاعه القانونية عَقِبَ صدور قانون الأحزاب الجديد لسنة 2007.
وتحاول دراسة الباحث (مروان شحادة) quot;إشكالية القطرية والأُمَمِيَّة في فكر إسلامِيِّي الأردنquot; الإجابة على تساؤلٍ رئيسي: هل هناك إشكالية بين القُطْرِيّة والأُمَمِيّة في فكر إسلامِيِّي الأردن؟ من خلال تتَبُّع تشكُّلِ الحركات الإسلامية المعاصرةِ في الأردن، بمختلف توجُّهَاتها وأطيافها، والتي تأتي ضِمْنَ تناول نَسَقِ علاقات الداخل والخارج لدى جماعة الإخوان المسلمين.
فيما ركزت دراسة الباحث (خالد وليد) على تجربة حركة الإخوان المسلمين السياسية في الأردن، فتشير إلى أن الجماعة تتعامل بنوعٍ من البراغماتية مع الديمقراطية، فهي لم تُحَدِّدْ موقفًا واضحًا، وتركت لِنُوَّابها حريةَ الكلام بين القبول والرَّفْضِ، وكذلك الحال مع التعددية السياسية؛ حيث يلاحظ الكاتب غموضَ الموقف الإخواني منها، وأن موقف الجماعة من الديمقراطية إنما هو موقفٌ تكتيكيٌّ جاء فقط استجابةً للتحوُّلَاتِ الداخلية والخارجية في المجتمع، كما يعكس محاولةً للتوافُقِ مع التيارات الفكرية والسياسية، التي أخذتْ تُنَافِسُ الجماعة.
ويعرض الدكتور (علي سليمان) كتابquot; الإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ فِي الاِنْتِخَابَاتِ الأُرْدُنِيةِ 2007quot; لمُؤَلِّفِه (محمد أبو رمان) الخبير في الحركات الإسلامية، محاولاً تفسير النتائجِ المتواضعةِ لجماعةِ الإخوان المسلمين في الانتخابات النيابيةِ التي جرتْ في نوفمبر 2007 في الأردن.
جدل الانقسام والاحتواء تلك هي الصورة المميزة للمشهد الحركي الإسلامي في الأردن، والغريب أن تلك الحركات، على الرغم من قربها الجغرافي والعرقي من فلسطين (بحكم وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن)، إلا أن قضية فلسطين لا تزال هامشية بالنسبة لبرامج تلك الحركات، فيما حضرت قضايا إسلامية أقل أهمية وأكثر بعداً، من الناحية الجغرافية، على برامج الإسلاميين الأردنيين، وهو ما يفسر نجاح سياسة الاحتواء الممارسة تجاههم رسمياً.
كاتب وباحث
[email protected]
التعليقات