وصلني على بريدي الإلكتروني الرسالة التالية، وأعرضها بداية كما هي، ربما تكون أكثر بلاغة في وصف المأساة التي تعرضها، مما يمكن أن أضيفه أنا بعدها من سطور:
الى اخ الكريم كمال غبريال
تحية طيبة
وجدت ايميلكم وصممت حتى اكتب لكم رسالة.
انا اسمي آلاء مطلك عمري 23 سنة. اسكن في بريطانيا (لندن) واعيش مع والدتي. جنسيتي ايرانية ndash; عربية. انا طالبة صحافة في الجامعة واكون في سنة اخيرة في هذا الفرع. بعد مجستريا ان شاء الله اريد ان اذقب الى الجامعة الحقوق. ولدت في ايران ولكن والدي ووالدتي كانوا تحت ضغط نظام الايراني وبهذا السبب هربنا من ايران وجئنا الى بريطانيا.
كانت حياتي سعيدة ولكن بعد الاقتحام الشرطة العراقية الى مدينة اشرف غير كل حياتي. حقيقتا اختي ليلى في مدينة اشرف واختي عمرها 29 وهي من ضمن سكان مدينة اشرف. لا اعرف كيف ابدا كلامي و كيف اصل صوتي و صوت اختي الى اي الانسان الشريف. اعتقد انتم سمعتم هذه الاخبار المؤلمة.حدثت كارثة انسانية في مدينة اشرف. الشرطة العراقية عميلة النظام الايراني هجموا عليهم و36 الرهائن واستشهدوا 10 من سكان مدينة اشرف و500 جريح.
وامراة مسلمة تعيش في مدينة اشرف وهن1000 امراة المجاهدة ضربوهن وقتلوهم وهم هددوهن بالاغتصاب ونزعوا الحجاب من روؤسهن وقالوا لهم كلمات مهينة. انت عرب شريف و اعتقد الان حدثت كارثة بشريه في هذه المدينه ولكن اعتقد هذا التعامل ليس في الشيم العرب والحضارة العرب و اي عرب الشريف يريد ان يبري نفسه عن هذه اعمال و اثبت الشرافت العربي يجب له موقف و يجب عليه ان تقوم بعمل.اعتبرتك اخ الكبير و اقول لك من ليلى هي حالياً من ضمن جرح بسبب ضربات هراوات في عمل شنيع شرطة المالكي انا اريد اكون صوتها وصوت مظلوميتها واريد مساعدة منك حالياً هي في الاضراب عن الطعام حتى تحصل باهدافهم.وانا وابي ايضا من ضمن مضربين عن الطعام امام سفارة امريكي في لندن احتجاجا الى هذا عمل اللاانساني.
يا اخي المحترم قلبي جريح وعيوني بكاء من هذا الاعمال فقط استطيع ان ارفع صوتي مع اضراب عن الطعام وقلت بنفسي هل يمكن ان اخذ مساعدة منك.انا بانتظارك يا اخ الشريف والفاضل. كل ايرانيين غاضبين من هذا العل نوري المالكي باعتقادي نوري المالكي باع العراق دون اي مقابل. فرحت كي وجدت ايميلكم واعتقد انتم شخص الواعي والوطنيه بهذا السبب صممت حتى ارسل لكم رسالة واقول لكم قليل من آلامي.
ارسل لكم صورة اختي.هذا الصورة تعلق باقتحام الشرطة الى مقرالنساء

اعتذر من اخطاء اللغتي لان انا لا استطيع ان اتكلم اللغة العربية بصورة الجيدة.
انا بانتظار ردكم يا اخ الشريف اختكم آلاء مطلك


هل هذا هو مآل العراق، الذي تتعلق به عيوننا وقلوبنا، أملاً في أن يكون باكورة التحديث بصحارينا المقفرة؟
هل هذا العراق هو ما ضحى الشعب الأمريكي بآلاف القتلى والجرحي، وأنفق مئات المليارات من الدولارات، من أجل تخليصه من براثن صدام الوحش البعثي؟
هل ما حدث لسكان معسكر أشرف، هو بداية غيث بركات سياسة باراك حسين أوباما العزيز، وما المالكي المتهم الآن، إلا بيدق على رقعة شطرنج، تحركه أصابع ملالي إيران، وبيدقهم الأكبر أحمدي نجاد؟
معذرة إن جاءت كلماتي في صيغ الاستفهام، وللمرة الثانية على التوالي، في معرض تناولي للشأن العراقي.. فأنا بالفعل لا أمتلك أي إجابات، وسأكون سعيداً لو قرأت أو قابلت من يمتلك إجابة يقينية ولو بنسبة خطأ معقولة، حول ما يجري حقيقة على أرض الرافدين، أو يدلنا إلى أين يتجه بالفعل العراق وشعبه، الذي تحمل ربما مالم يسبق لشعب آخر أن تحمله، من طغيان حكامه، ومن تهوس وتعصب أبنائه، ومن مؤامرات جيرانه الأشقاء وغير الأشقاء، والذين لا يكفون عن التباكي عليه ليل نهار، وفي جنح الظلام يرسلون له بانتحارييهم ومفخخاتهم!!
قبل أن نوافق تلك الرسالة على توجيه الاتهام للمالكي، باعتباره رأس السلطة التنفيذية، يهمنا أولاً أن نعرف إن كان بالفعل يملك من أمر نفسه شيئاً، وأن ما يجري لشعبه، وللاجئين الإيرانيين على أرضه، هو من تخطيطه الخاص، أو حتى هو عبارة عن فشل لمساعيه المخلصة للوصول ببلده إلى بر الأمان، أم أنه quot;عبد المأمورquot; كما يقولون، وأنه لا يملك للبقاء على كرسيه، وربما أيضاً للبقاء على قيد الحياة، إلا أن ينفذ صاغراً أو عن طيب خاطر، ما يمليه عليه أسياد قابعون هناك على تكايا ولاية الفقيه؟
هل تحقيق سيادة الدولة العراقية على أرض العراق، يكون بالهجوم العنتري للقوات العراقية على أهالي معسكر أشرف العزل، أم بتصفية بؤر الإرهاب المسلحة، المعلنة والخفية، وتفعيل سيادة القانون، بوضع المطلوبين من قبل القضاء خلف القضبان، وعلى رأسهم مقتدى الصدر، المطلوب في قضية اغتيال رجل الدين الشيعي quot;عبد المجيد الخوئيquot;؟
هل سعي المالكي الفاشل بجدارة لاسترضاء سوريا والتقرب إلى زبانيتها وطغاتها، هو من أجل صالح الشعب العراقي، أو حتى من أجل سواد عيون (أو سواد مصير) العروبة، أم هي تعليمات إيرانية، بفتح قناة بين وصيفتها الأولى سورياً، ووصيفتها الثانية العراق، قناة تتدفق منها المؤامرات التخريبية الإيرانية، إلى سائر الدول والشعوب المسماة عربية؟
يهمنا أيضاً أن نتبين، إلى أي مدى سيذهب باراك أوباما في سياسته وأحلامه الملونة الحمقاء، فيتراجع أمام زبانية البعث العراقيين الذين يتفاوض الآن معهم، وأمام إيران بكل ما تمثله، وحجم ما هو مستعد لبيعه في سبيل استرضاء ما يسميه العالم الإسلامي، من قيم وبشر وسياسات.. يهمنا أن نتلمس حجم التخريب الممكن لإدارة أوباما أن تلحقه بالمنطقة وبالعالم، وعما إذا كان الوضع بعد ذلك سيكون قابلاً لإصلاح ما أفسده الحمقى الذين يرتدون ثياب ملائكة، أم أن السيل سيكون قد بلغ الزبى، وستذهب المنطقة والعالم معها إلى نقطة اللاعودة؟
بعدما حدث من العراقيين في حق أنفسهم، لا يحق لنا أن نستغرب، إذا ما رأينا العراقيين وسياسييهم يهرولون في طريق الانتحار وتدمير بلادهم، وتحويلها إلى شظايا متناحرة.. لكن حتى الآن ndash;على الأقل- يصعب أن نصدق أن مؤسسات صناعة القرار الأمريكية، يمكن أن تترك أحلام العصافير والأوهام الصبيانية لأوباما، تعصف بالسياسة الأمريكية ومشروعها التحرري التحديثي، والمرتبط عضوياً بتوفير الأمان للعالم وللمواطن الأمريكي، الذي طاله الإرهاب الشرق أوسطي في عقر داره!!
صعب أن نصدق أن أوباما سيمنح إيران ما تحتاجه من وقت لصنع قنبلة نووية، تضرب بها كل الموازين العالمية، فيما يدفن هو رأسه (وبالأصح رأس أمريكا) في الرمال، بدعوى المفاوضات والحوار، ويمعن في استهلاك الوقت، والهيام في الأحلام الطوباوية الساذجة، وفي التشدق بالكلمات المعسولة، التي يوجهها لقادة وشعوب لا يعترفون إلا بلغة القوة، ولا يحترمون سوى العصا الغليظة، غير مبالين حتى بما يلوح لهم به من جزر!!
صعب أن ندعي أن أوباما (وإدارته) لم يسبق لهم الاضطلاع على خريطة المنطقة، ولا يعرفون أن قوس إيران - العراق ndash; سوريا ndash; لبنان ndash; غزة، والذي تعكف إيران وبنجاح منقطع النظير الآن، في وصل خطوطه وتدعيم روابطه، هذا القوس لو اكتمل، لراحت كل المنطقة، وتحولت بالفعل وليس بالمجاز، إلى مستنقع من الدماء والحطام، الذي ترومه إيران، لتؤسس عليه خلافتها الإسلامية العالمية، وليجلس على ركامه وليها الفقيه!!
صعب علينا أن نقتنع بهزيمة المشروع الغربي، لصالح المشروع الإيراني المدجج بالسلاح النووي، والذي تمتد أياديه الآن إلى اليمن والصومال، لنكون مقبلين بحق على عصر إيراني.
هل سيدفع الشعب الأمريكي والعالم ثمن خيار أوباما، عبر غزوة ثانية مباركة تقوم بها منظمة القاعدة، تستخدم فيها هذه المرة قنبلة ذرية إيرانية الصنع؟
هل من قبيل المبالغة أن نعتبر مأساة سكان معسكر أشرف، هي مجرد نموذج مصغر لمأساة شعوب المنطقة، أو رمز لمصير شعوب لا تملك من أمر نفسها سوى الانتحار أو الاستشهاد، بينما تتعلق آمالها في النجاة وفي مستقبل أفضل، بأياد تصورناها ممدودة لنا من الغرب والشمال، فإذا بها تتخلى عنا سريعاً، بقصر نظر منقطع النظير، أو تسارع ببيعنا مع كل ما ترفعه من رايات إنسانية، عند التلويح لها ببعض صفقات يسيل لها لعابها، كما حدث في صفقة المقراحي المذهلة والعجيبة؟
من يمد يده لينقذ مساكين معسكر أشرف؟
ومن يمد يده لينقذ شعوبنا من جهلها وحكامها وفقهائها وانتحارييها؟
[email protected]