لم أستطع الكتابة عن المرأة في اليوم العالمي للقضاء على العنف.. ليس لأني نسيت المرأة.. ولكن للإحباط الذي يشلني كلما كتبت عن الموضوع وأشعر من خلال التعليقات السلبية بأنني كما يقول المثل """أنفخ في قربه مقطوعه """ ولكن خبر اليوم في إيلاف عن تزايد ظاهرة العنف ضد المرأة في الجزائر هزّني في الصميم وإن لم أندهش لأن هذا هو الحال في كل الدول العربية وبالتحديد خلال الأربعين سنة السابقة. والتي تزامنت مع ظاهرة صعود الإسلام السياسي وتلازمه أيضا مع ظاهرة الإعلام المرئي الذي خصص الكثير من برامجه لمن يدفع ثمن محطاته وبالتاكيد كانت الأحزاب الإسلامية هي الأثرى ماليا لكي تنفق كل هذه الأموال في برامج لا تقدم للمجتمع سوى البلبلة الفكريه وتؤكد على نصوص التي إجت’زأت من معناها الروحي وأحاديث تتناقض مع الرحمة والعدالة وغير ’مثبّت مدى صدقيتها تربط الهوية الإسلامية والدينيه بجسد المرأة. لقد وصل إنحدار البعض من هذه الحوارات إلى مستوى صعقني وتمنيت عدم سماعه أو أن يسمعه صبي في مراهقته او طفله؟

التقرير عن المرأة الجزائرية يؤكد عدم فعالية القوانين المسنة لحمايتها من العنف والتحرش.. والإجابة على ذلك بأنه لن تنفع أي قوانين بدون تلازمها مع برامج إعلامية ومناهج تعليمية وحوارات صادقة موضوعية تعيد إلى المرأة كرامتها المفقودة.. فبعد التأكيد المتواصل على دونيتها في المجتمع من خلال الإعلام والمنابر الدينية والمناهج أكّدتها الحكومة من خلال القوانين الغير عادلة والتي تنتقص من كرامة المرأة لا ’يمكن إستعادة هذه الكرامة بدون العمل على بث الإحساس بالتقدير من كل هذه الجهات التي عملت على تحطيمها لإستعادة المرأة لثقتها. وأعلم ’مسبقا بان هذا التقرير لا يعكس الحقيقة للنساء المعنفات لأنه وتحت مبدأ الستر ودرء الفضيحة هناك الكثير من الحالات الغير ’مبلّغ عنها وكثير أيضا هن الموؤدات تحت هذا المبدأ خاصة أؤلئك اللواتي يتعرضن للإنتهاك الجنسي من الأقارب.

عدم رفع الشكوى من المرأة ليس لأنها ’محافظة أو جاهله بحقوقها ولكن ولأنها تحت مبدأ الستر والخوف تخاف أيضا من عواقب التبليغ. فكم عدد الملاجىء للمعنفات في الدول العربية؟؟ وماهي النتيجة سوى أن يحضر الأب أو الأخ ليوقع على إستلامها كنعجة وتعهده بعدم إيذائها أو ذبحها وبمجرد الخروج يذبحها علنا وعلى مرأى الناس ومن يدري فقد ’يصفقون له؟ وتحت القوانين الحكومية لحماية الشرف لا يخضع لعقوبة وإن خضع لها فهي محدودة بالقليل من الأشهر وقد ’يصدر مرسوم بالعفو عنه؟؟ ولأنه مجتمع ذكوري بإمتياز! ولأن ثقافته إرتبطت بالشرف المرتبط بجسد المرأة؟ وربما ولأنه من عشيرة فلان او علان؟

فلا زال مبدأ الشرف الذي حمّلوه لجسد المرأة يتحكم كليا في مصير هذه المرأة.. قد يختلف التعامل معه من دولة إلى أخرى ولكنه يبقى ’مسلّط على رقبة المرأة سواء بالذبح ام بالزواج من مغتصبها وفي كلتا الحالتين ’تشّرع القوانين لحماية القاتل, والمغتصب.
المحزن في هذا الموضوع أنه حتى وإن ’سجن المرتكب لجريمة الشرق فإنه يحظى بإحترام من السجناء والسجان ويحتفل به المجتمع حين خروجه أو إطلاق سراحه. لأنه حرص على إزالة العار؟
المخجل أيضا بأنه وبناء على تقرير التنمية البشرية الأخير فإن نسبة لا ’يستهان بها من النساء في الدول العربية من تعتقد بل وتؤمن بأنه من حق الرجل تعنيفها أو ضربها وتصل هذه النسبة إلى ما ’يقارب 68 % في الجزائر؟

ما لفت نظري في التقرير إرجاع السبب من الأمينة العامة للإتحاد الوطني للنساء الجزائريات إلى زوال بعض الخصال من المجتمع "" كالتربية والأخلاق "" بدون التطرق لفكرة من الذي يصنع الأخلاق؟؟؟ وكيف تستطيع المرأة التي تتعرض للتعنيف من كل الجهات لأن تربي جيلا سويا وأن تخلق مجتمعات صحية لتربية جيل يتمتع بالأخلاق؟
معاناة مثل هذه المراة والتي تمثل الأغلبية, تفطر قلبي لأن حرمانها جاء من أحب الناس إلى قلبها من عائلتها, ومن المجتمع ومن الدولة التي ومن المفروض بها حمايتها؟؟ 
سنوات مرت منذ سمعت من إحدى قريباتي هذه الجمله, وما زالت ترن في اذني حتى اليوم """ لقمتك بخدمتك """. لم أدرك عمق دلالة ماقالته إلا بعد سنين. نعم مثل هذه الجملة تقّض مضجعي وتذكرني بكوني معدومة الحقوق. أنا المرأة المسلوبة حقي في العمل لأن علي أن أقبع بالمنزل ولأن خروجي يعني ملاحقة الشيطان؟؟ وعطري يجعلني زانية؟؟ ومحرومة من مساواتي مع اخي في ميراث أهلي ورفضي يعني أنني لا أخضع لمشيئة الله؟؟؟ والمسلوبة من حقوق المالية حين وفاة زوجي وفناء عمري.. يستعبدني أهلي ومجتمعي ويقولون أن هذه هي مشيئة الخالق.. وهو أبعد ما يكون عن ذلك!