ما إن بدأت نتائج الانتخابات البرلمانية في الأردن في الظهور، حتى بدأت الآلة الدعائية والإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين تضخيم فوز مرشحيها. وقدّمت قيادات الجماعة هذا الفوز على أنه إنجاز مرتبط بملفات إقليمية ودولية؛ تارة في سياق محاربة مخططات اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، وتارة أخرى في إطار مواجهة الضغوط الأميركية المتوقعة مع العودة المحتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وكأن الدولة الأردنية لا تملك أوراقاً سياسية أخرى سوى تصدر الإخوان المسلمين للمشهد الداخلي عبر البرلمان، بما يوحي بأنهم سيساهمون في تشكيل الحكومة المقبلة في ظل إقليم ملتهب بأجندات يمينية متطرفة تتصارع على النفوذ السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط.

في الواقع، فوز الإخوان لم يكن كبيراً ولا يمكن اعتباره اكتساحاً أو حصولاً على أغلبية، إذ حصلوا على ربع مقاعد البرلمان البالغ عددها 138 مقعداً، في انتخابات شارك فيها ثلث الأردنيين الذين يحق لهم التصويت. بعبارة أخرى، لا يمكن البناء على هذه النتائج، خاصة أن الجماعة هي التنظيم الوحيد المنظم في الشارع الأردني أمام أحزاب ناشئة حديثاً، والتي فشلت في توظيف أدوات المشهد السياسي الأردني لخوض المنافسة في الانتخابات.

إقرأ أيضاً: الاغتيالات في الشرق الأوسط.. أكثر من أب وأم واحدة

استطاع الإخوان بمهارة استثمار القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لتحشيد أنصارهم ودفعهم نحو صناديق الاقتراع، في ظل عزوف قطاعات أخرى من المجتمع الأردني عن المشاركة.

إقرأ أيضاً: حواضن "النفوذ الإيراني" الفوضوية

مرة أخرى، فإنَّ فوز الإخوان بعدد أكبر من مقاعد البرلمان، لكن دون الحصول على أغلبية، لن يؤثر بشكل كبير على عملية صنع القرار الأردني. سيظل تأثيرهم محصوراً في المشاغبة السياسية، التي اعتادت الجماعة ممارستها للهروب من التحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة.

اليوم، تواجه الجماعة تحديات كبيرة، وإذا لم تُحسن التعامل معها، فقد تكون سبباً في انهيار قواعدها الشعبية في الأردن، كما حدث مع غيرها من الأيديولوجيات الفكرية التي اندثرت أمام قوة الدولة الأردنية العميقة.