أمل غريبفي واقعة مثيرة، تحمل بين طياتها الكثير والكثير مما يدور في كواليس المحاولات التي تقوم بها إسرائيل على الصعيد الإستخباراتي لمواجهة قوى المقاومة العربية، أفردت صحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية تقريرا ً مطولا ً للحديث فيه عن بوادر تلك الأزمة التي بدأت تلوح في الأفق بين لبنان وحلف شمال الأطلسي quot; الناتو quot; في أعقاب توجيه الأخير الدعوة للأكاديمية اللبنانية أمل سعد غريب، الخبيرة البارزة في شؤون حزب الله، للمشاركة في دورة كان من المحتمل أن يحضرها عسكريون إسرائيليون. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أن غريب اتهمت كلية الناتو الدفاعية بحثها ضمنيا ً على خرق قوانين بلادها. وفي الوقت الذي رأت فيه غريب أن تلك الدعوة كانت مجرد محاولة فاشلة لاستدراجها وتحويلها إلى عميل ودبلوماسي من المسار الثاني دون علمها، بررت كلية الناتو الدفاعية المسألة بالقول إنها كانت quot; سوء فهم quot; وquot; توضيح مؤسف للحساسيات الثقافية المختلفة quot;.

إتهم إبراهيم الموسوي، الناطق باسم حزب الله حلف شمالي الأطلسي الناتو بمحاولته خرق السيادة اللبنانية، داعيا ً عبر حديثه مع صحيفة لوس أنجيليس تايمز جميع الساسة والنواب اللبنانيين بالتعامل مع واقعة الأكاديمية اللبنانية أمل غريب كقضية أمن دولة. وأضاف بقوله :quot; كانوا يحاولون تهيئة الوضع بالنسبة لها لمقابلة مسؤولين عسكريين إسرائيليين. وأعتقد أن ذلك كان اعتداءً على السيادة اللبنانية وقانون الدولة اللبنانيةquot;. وتمضي الصحيفة لتسرد وقائع القضية بداية ً من سلسلة رسائل البريد الإلكتروني المسربة ما بين أمل سعد غريب وكلية الناتو الدفاعية، وهي الرسائل التي طفت على السطح عندما قامت الكاتبة اللبنانية بتمريرها إلى عدد من الأصدقاء ووسائل الإعلام، بمن فيهم الكاتبة هيلينا كوبان، التي قامت بنشر مقتطفات منها على مدونتها الشخصية.

ونوهت الصحيفة في السياق ذاته بأنها تحصلت على نسخة كاملة من الرسائل الخاصة بالكاتبة أمل سعد غريب. ووفقا ً لما ورد في تلك الرسائل، فقد قامت كلية الناتو الدفاعية بتوجيه الدعوة للخبيرة اللبنانية للتحدث في الأساس إلى مجموعة من الدبلوماسيين والضباط العسكريين المدرجين في دورة التعاون الإقليمي التي ينظمها حلف الناتو، ذلك البرنامج الجديد الذي يهدف إلى quot;التواصل مع العامل العربيquot;. وقد ضمّت تلك الدورة مشاركين من الحوار المتوسطي، التي تعد إسرائيل أحد أعضائه. ثم تنتقل الصحيفة لتقول إنه وفور تلقي غريب تلك الدعوة للتحدث عن أمور لا تمس أمن الدولة، عبرت الخبيرة عن قلقها حيال التواجد المحتمل للعسكريين الإسرائيليين أثناء تواجدها هناك، لافتة ً في الوقت ذاته إلى القانون اللبناني، الذي يحظر الاتصال بمواطنين إسرائيليين.

وفي المقابل، قام شخص يدعى quot;فلورينس غوبquot; بالكتابة نيابة ً عن كلية الناتو الدفاعية، وردّ على غريب بقوله :quot; نحن لا نعمل تحت مظلة القانون اللبناني ونقوم بتوجيه الدعوة للأكاديميين بصفتهم الشخصية، ولهذا السبب تمكنا في الماضي من توجيه الدعوة إلى علماء من ثقافات مختلفة للغاية، وكنّا قادرين أيضا ً على التأكد من إجراء مناقشات صريحة، حتى بين الإسرائيليين والعرب، وكذلك بين الإسرائيليين واللبنانيينquot;. ومضى غوب في حديثه ليقول :quot; إن كان تواجد الإسرائيليين أمر يصعب التغلب عليه بالنسبة إلى غريب، فسيتعذر على الجماعة استضافتها. وهو الأمر الذي ردت عليه غريب بالتأكيد أنها ترفض التحايل على القانون اللبناني.

وأشارت الصحيفة بعد ذلك إلى أن ما تم تبادله بعد ذلك كانت عبارة عن رسائل ساخنة بين غريب وعدد من المديرين، بمن فيهم عميد الشؤون الأكاديمية، دكتور غرانت هاموند، الذي قام مصادفة ً ذات مرة بإدراج اسم غريب في إحدى الرسائل البريدية الداخلية، التي قام فيها بوصف شكواها ضد غوب بأنها quot; قطعة لاذعة وظالمة من الهراء الأكاديميquot;. وفي تعقيب تم نشره أيضا على مدونة كوبان، أكد دكتور هاموند أن الموضوع كان عبارة عن quot;سوء تفاهمquot; ما بين غوب، غير المطلع على القانون اللبناني، وبين الباحثة أمل سعد غريب، التي لم تكن على دراية بالدول الأعضاء في الحوار المتوسطي. ونوهت الصحيفة هنا بأن هاموند رفض إجابتها عندما حاولت الاتصال به للحصول منه على تعليق بخصوص المسألة.

من جانبها، قالت غريب إن منظمي المؤتمر كانوا يقومون في الماضي بمراعاة الأمور التي تثير قلقها. وقالت إن اعتراضها لم يكن لمجرد تواجد إسرائيليين، وإنما لتواجد إسرائيليين عسكريين، سيتعين عليها أن تتواصل معهم في جلسة نقاش قوامها السؤال والإجابة على مدار ساعة كاملة، وأن ذلك هو ما أبدت اعتراضها عليه. وتمضي الصحيفة لتقول إنه وفي الوقت الذي توجه فيه الدعوات لغريب نظراً لما تمتلكه من خبرات عريضة بشأن حزب الله، إلا أنها لا تعتبر نفسها خبيرة عسكرية وترى أن تعاونها مع كلية الناتو الدفاعية يؤكد تصورها بأن الدعوة توجه إليها بسبب اعتبارها quot;مقربة من حزب اللهquot;. كما عاود موسوي ليؤكد في نهاية حديثه مع الصحيفة أن غريب لا تربطها أي علاقة رسمية بالحزب، كما دعا جميع اللبنانيين بالاستمرار في مقاطعة إسرائيل على كافة المستويات. وختم بالقول :quot; نحن نتحدث هنا عن الموقف الرسمي للدولة اللبنانية. فهذا هو القانون المنتظر من كل لبناني أن يطيعهquot;.