وصل البابا فرنسيس، اليوم الأحد، إلى الأراضي الفلسطينية قادمًا من الأردن، المحطة الاولى من رحلته الى الاراضي المقدسة. سيترأس البابا في وقت لاحق قداساً كبيرًا أمام كنيسة المهد،&وسيلتقي مع أطفال من مخيم الدهيشة ثم سيتناول وجبة الغداء مع عائلات فلسطينية.


بيت لحم: دعا البابا فرنسيس الاحد الى "انهاء الوضع الذي لم يعد مقبولًا" في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، مؤكداً على حق كل من اسرائيل وفلسطين في الوجود بسلام وأمن.

وقال البابا في كلمة مقتضبة بعد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية إن "شجاعة السلام ترتكز&على إقرار الجمیع بحق الدولتین في الوجود، وفي التنعم بالسلام والامن ضمن حدود معترف بھا دولياً". واوضح البابا انه "آن الأوان لانھاء هذا الوضع الذي لم يعد مقبولاً، وهذا من اجل خير الجمیع".

وتوقف البابا فرنسيس الاحد امام الجدار الفاصل الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة في مدينة بيت لحم في خطوة لم تكن مقررة، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس وشهود عيان.

ونزل البابا (77 عاماً) من سيارته ومشى بضع دقائق للاقتراب من الجدار بعد وقت قصير من لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قال له في مؤتمر صحافي "لقد شاهدتم قداستكم هذا الجدار البغيض الذي تقيمه اسرائيل القوة الغاشمة للاحتلال على اراضينا".

وقام البابا بهذه البادرة العفوية، وهو في طريقه الى ساحة المهد. وباشرت اسرائيل بناء الجدار الفاصل الذي يقضم اجزاء من الضفة الغربية عام 2002 اثر سلسلة من العمليات الانتحارية التي استهدفتها.

تم بناء ثلثي الجدال الذي سيصل طوله الى نحو 712 كيلومتراً، ويقع 85 بالمئة منه في الضفة الغربية. وسيؤدي الجدار الى عزل 9,4 بالمئة من الاراضي الفلسطينية من بينها القدس الشرقية عن باقي الضفة الغربية، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة. واعتبرت محكمة العدل الدولية في التاسع من تموز/يوليو 2004 أن بناء هذا الجدار غير شرعي وطلبت ازالته.


ووصل البابا فرنسيس الأحد، إلى مدينة بيت لحم الفلسطينية جنوب الضفة الغربية قادمًا من الأردن، ليبدأ زيارة تستغرق يومين إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وقام عباس باستقبال البابا في المدينة بحرارة.

وجبة مع عائلات فلسطينية

وسيترأس البابا في وقت لاحق قداسًا كبيرًا أمام كنيسة المهد يحضره حوالى 9603 أشخاص تلقوا دعوات. وفي هذا المكان سيلتقي الحشود للمرة الثانية بعد زيارته لاستاد عمان بسيارة مكشوفة. وسيلتقي البابا أيضا مع أطفال من مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، ثم سيتناول وجبة الغداء مع عائلات فلسطينية قبيل أن يغادر بعد الظهر إلى تل ابيب، حيث سيتم استقباله رسميًا.

وقال كيفين وهو هندي متزوج من مسيحية ويعيش في بيت لحم إن "البابا فرنسيس سيعبر عن رأيه في الفلسطينيين. انهم مصدر رئيسي للقلق لديه في هذه الرحلة". واضاف كيفين الذي كان يحمل لافتة اعدها بعناية وتحمل عبارات ترحيب بالحبر الاعظم "أنه يتسم بانسانية كبيرة مثل البابوات السابقين، لكنه يعبر عن ذلك بحرية اكبر. لقد اختار أن يكون في وسط الشعب".

وعبر جمال خضر الناطق باسم الجانب الفلسطيني من الزيارة أن "النبأ السار بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، هو ان البابا آتٍ". واضاف أن الحبر الاعظم "سيصل بمروحية مباشرة من الاردن الى فلسطين، الى بيت لحم في شكل من الاعتراف بفلسطين".

وقال الفاتيكان إن البابا فرنسيس سيؤكد حق اسرائيل "في الوجود وفي أن تنعم بالسلام والامن"، لكنه سيؤكد ايضاً حق الشعب الفلسطيني في أن "يكون له وطن يتمتع بالسيادة ومستقل". كما سيدعو البابا الى الاعتراف "بالطابع المقدس والدولي" لمدينة القدس و"ارثها الثقافي والديني" الذي يجعل منها "مكاناً للحج للمؤمنين اتباع الديانات التوحيدية الثلاث"، أي حوالى ثلاثة مليارات مؤمن.

والمرحلة التالية ستكون مطار بن غوريون في اسرائيل حيث سيستقبله رسميًا الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز. وقال بيريز في مقابلة نشرتها السبت صحيفة لوفيغارو الفرنسية "سنستقبله كرجل سلام". ورحلة البابا الى مهد المسيحية هي الرابعة لحبر اعظم يزور الاراضي المقدسة، بعد زيارة البابا بولس السادس عام 1964 والبابا يوحنا بولس الثاني عام 2000 والبابا بنديكتوس السادس عشر عام 2009.

وستتضمن رحلة البابا عشرين محطة و14 خطاباً باللغة الايطالية خلال زيارة ماراتونية ستجري في اطار تعقيدات سياسية ودينية وسط تدابير امنية مشددة لمنع تعرض هذا البابا المتمسك بالتواصل مع الجماهير، لاي اعتداء.

وسيزور البابا مواقع التقليد المسيحي ككنيسة المهد (بيت لحم)، وغرفة العشاء الاخير بين المسيح وتلاميذه بالاضافة الى المسجد الاقصى وموقع نصب ضحايا محرقة اليهود (ياد فاشيم). ودعمًا لندائه للحوار بين الاديان، يرافق البابا في رحلته صديقاه القديمان حاخام بوينوس ايرس ابراهام سكوركا، والبروفسور المسلم عمر عبود رئيس معهد الحوار بين الاديان في العاصمة الارجنتينية.

وسيلتقي البابا خلال زيارته بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية، بعد نحو 50 عاماً على القمة التاريخية التي جمعت البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس. وحشدت السلطات الامنية الآلاف من رجال الشرطة. وقامت السلطات الاسرائيلية بابعاد 15 يهوديًا متطرفاً من الذين يمكن أن يثيروا البلبلة اثناء زيارة البابا.

العاهل الأردني ودّع البابا

واختتم البابا فرنسيس صباح اليوم الاحد زيارة الى الاردن المحطة الاولى من رحلته الى الاراضي المقدسة استغرقت 19 ساعة، وجه خلالها دعوات الى ايجاد "حل سلمي" للنزاع في سوريا، و"حل عادل" للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني.

&وغادر البابا المملكة عند الساعة 08:20 بالتوقيت المحلي (05:20 تغ) مع انتهاء حفل الوداع الرسمي في مطار الملكة علياء الدولي (30 كلم جنوب عمان) على متن مروحية عسكرية تابعة للجيش الاردني. وشارك في الوداع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني وكبار المسؤولين الاردنيين اضافة الى رجال دين مسيحيين.

وكان البابا فرنسيس قام&، خلال قداس في ستاد عمان الدولي يتسع لـ30 الف شخص، وسط العاصمة الاردنية، بجولة بين الجماهير على متن سيارته الجيب البيضاء المكشوفة. وقبل القداس، استقبل العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني البابا في قصر الحسينية في عمان بحضور كبار المسؤولين وقيادات دينية اسلامية ومسيحية وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى المملكة.

وقال البابا في كلمة خلال حفل الاستقبال "أشجع سلطات المملكة على متابعة التزامها في البحث عن السلام المرجو والدائم من اجل المنطقة بأسرها". واضاف "من هذا المنظار يصبح أمراً ضرورياً وملحاً التوصل الى حل سلمي للازمة السورية، والى حل عادل للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني".

واوضح البابا أن "هذا البلد (الاردن) يستضيف بسخاء عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين وآخرين قادمين من مناطق تشهد ازمات، لاسيما سوريا المجاورة، والتي تعاني من صراع يدور منذ فترة طويلة"، مشيرًا الى أن "هذه الضيافة تستحق تقديرًا من الجماعة الدولية ودعمها".

من جانب آخر، دعا البابا فرنسيس الى احترام الحريات الدينية في كل مناطق الشرق الاوسط قائلاً: "آمل بشدة أن يؤخذ حق احترام الحرية الدينية في الاعتبار في كل مناطق الشرق الاوسط وفي العالم بأسره". واوضح البابا أن "المسيحيين يشعرون بأنهم مواطنون يتمتعون بمواطنة كاملة، وهم كذلك، ويريدون الاسهام في بناء المجتمع مع مواطنيهم المسلمين من خلال تقديم اسهامهم الخاص والمميز".