الأمور السياسية في لبنان تسير إلى مزيد من التعقيد، وبعد أن كانت الازمة هي عدم انتخاب رئيس الجمهورية ظهرت أزمة أخرى تمثلت بمطالب قوية بإجراء انتخابات برلمانية جديدة.

بيروت:&علمت "إيلاف" أن حزب "القوات اللبنانية" أبلغ حلفاءه في قوى 14 آذار/ مارس أنه غير موافق على تمديد ولاية مجلس النواب مرة أخرى قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وبذلك تكون أكبر كتلتين حزبيتين في البيئة المسيحية اللبنانية قد التقتا على موقف واحد وإن من خلفيات مختلفة، باعتبار أن "التيار الوطني الحر" الذي يترأسه النائب الجنرال ميشال عون سبق أن أكد مراراً رفضه التمديد لولاية البرلمان ودعا إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة وفق قانون انتخابي جديد، ويليها على الفور انتخاب رئيس جديد للجمهورية.&
&
ومن شأن التقاء موقف "القوات" التي ترفع شعار "الرئيس أولاً" مع موقف "التيار العوني" المقاطع لجلسات انتخاب الرئيس المتتالية، والتي بلغت تسعاً من دون اكتمال نصاب الثلثين&المطلوب لعقد جلسة الإقتراع، أن يجهض محاولة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري وآخرين للحؤول دون الفراغ البرلماني بعد الرئاسي. ذلك أن أي حزب أو سياسي مسيحي لن يستطيع تغطية قرار التمديد لمجلس النواب إذا أصر الحزبان الأساسيان لهذه المجموعة من اللبنانيين على موقفيهما. ويقضي العرف المتبع منذ العام 2005 بعدم السير في أي توجه أو قرار سياسي رئيسي في حال عارضته غالبية كبيرة في أي طائفة مراعاة للميثاقية بين الطوائف.&
&
وبحسب قانون الإنتخابات النيابية في لبنان يفترض بوزير الداخلية ( نهاد المشنوق) أن يوجه الدعوة إلى الهيئات الناخبة في 20 آب/ أغسطس لانتخاب مجلس جديد، بدلاً من المجلس الحالي الذي تنتهي ولايته الممدد لها أصلاً 17 شهراً في 20 تشرين الثاني /نوفمبر المقبل.&
وإذا لم ينتخب رئيس للجمهورية ولم يمدد لمجلس النواب أو تحصل انتخابات نيابية جديدة قبل ذلك الموعد، فإن لبنان سيصير دولة من دون رئيس جمهورية ولا مجلس نواب، وستكون الحكومة التي يترأسها الرئيس تمام سلام المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة. إنها تعمل تحت شروط لا مثيل لها في دول العالم، إذ يفترض أن ينال أي قرار تتخذه موافقة أعضائها الـ24 جميعاً، واعتراض أي وزير على أي قرار هو بمثابة "فيتو" يؤدي إلى تجميده.&
&
يعود السبب في هذه الظاهرة الفريدة إلى أن الحكومة تمارس مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يوقع على القرارات والقوانين.&
&
ويقول نائب مسيحي من قوى 14 آذار لـ"إيلاف": "ندرك أن إجراء الإنتخابات النيابية مستحيل في هذه الظروف، خصوصاً أن لا اتفاق بعد على أي قانون تجري على أساسه هذه الإنتخابات. ولكننا لن نقبل إذا اكتمل النصاب في البرلمان للتمديد إلا بأن نبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية، فالمجلس تحوّل هيئة ناخبة لا يمكنه التشريع قبل انتخاب رئيس. ثم، لماذا يبقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في موقعه ونعطيه هذه المكافأة أو الجائزة مجاناً، فيما حليفه "حزب الله" يمنع انتخاب رئيس للجمهورية بذريعة الوقوف عند خاطر حليفه الآخر الجنرال ميشال عون الذي يرفض أن يُنتخب أحد غيره رئيساً ولا يملك في الوقت نفسه الأكثرية الكافية لانتخابه؟ موقف "حزب الله" يعطّل البلاد ويشلها، فليحلّ بنفسه مشكلة حليفه عون وإلا فإنه سيفقد موقع رئاسة مجلس النواب الذي يجيّره بري للحزب".&
&
وكانت سرت أخبار وتسريبات في الصالونات السياسية أن جنبلاط يقوم باتصالاته ولقاءاته مع القادة السنّة والشيعة في لبنان ( بعدما التقى الرئيس سعد الحريري في باريس) من أجل التوصل إلى اتفاق على تأييد مرشح لرئاسة الجمهورية من خارج قوى 8 و14 آذار/ مارس، وتردد أن المقصود هو على الأرجح أحد ثلاثة: قائد الجيش العماد جان قهوجي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الوزير السابق جان عبيد.&
&
لكنّ قريبين من جنبلاط أكدوا لـ"إيلاف" أن لا صحة لهذه الأخبار مطلقاً، &وجل ما يسعى إليه في هذه المرحلة هو التمديد لمجلس النواب وتفعيل عمل الحكومة لتحصين لبنان ضد مزيد من الفراغ الدستوري، وكذلك لتوفير القدرة على التعامل مع الأخطار الجمّة التي تحوط البلاد من كل&صوب، وهو ليس في وارد الكلام على موضوع الرئاسة ما دامت المواقف الإقليمية على حالها. فجنبلاط يُدرك أن عدم توسط الدول المعنية لدى إيران كي تفرج عن هذا الإستحقاق اللبناني هو موقف غربي وعربي مقصود في هذه المرحلة، وإيران لن تقدم هدية إلى أحد مجاناً من خلال لبنان. بالتالي لماذا تضييع الوقت وصرف الجهد من دون نتيجة؟&
&