بعد ثلاثة أيام من إعلان تشكيلته الحكومية الجديدة، يجد العراق نفسه في قلب مواجهة دولية وإقليمية للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسيطر على ثلث أراضيه، حيث يشارك اليوم في جدة في مؤتمر دول الجوار وأميركا، والاثنين المقبل في باريس في المؤتمر الدولي للسلام والأمن في العراق.


أسامة مهدي: وصل إلى جدة اليوم وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري للمشاركة في مؤتمر جدة الخاص بوضع استراتيجية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، الذي يعقد الخميس بمشاركة دولية واسعة.

وقال مكتب الوزير في بيان صحافي تسلمته "إيلاف"، إن "هذا المؤتمر سيناقش سبل وضع استراتيجية دولية مشتركة لمواجهة التنظيمات الإرهابية". وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أعلن في بغداد أمس أن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وجّه دعوة لنظيره العراقي الجعفري إلى حضور المؤتمر. وتستضيف جدة هذا الاجتماع الإقليمي، الذي سيضم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكلاً من مصر والأردن وتركيا، بمشاركة الولايات المتحدة الأميركية، لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة والتنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه، وسبل مكافحته.

وخلال اجتماعهما في بغداد أمس، بحث الجعفري وكيري العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وآليات التعاون المُشترَك في الجانب العسكريِّ والاستخباريِّ لمُواجَهة خطر التنظيمات الإرهابيّة في العراق ومُختلِف دول العالم. كما تم التأكيد على أهميّة الحضور الفاعل لدول الجوار في مُؤتمَر جدة، المُزمَع عقده اليوم لمُناقشة التنسيق بين العراق ودول جواره وأميركا لرسم استراتيجيّة شاملة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابيّ.

وأكد الجعفري "أنَّ العراق سينفتح بعلاقاته على دول العالم كافة بشكل عام، ودول الجوار خاصة، لتعزيز التعاون السياسيِّ، والأمنيِّ، والاقتصاديِّ والمجالات الأخرى والإفادة من خبرات الدول المُتقدِّمة والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، مع مُراعَاة عدم التدخل في الشؤون الداخليّة للبلدان".

من جهته دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الدول العربية إلى نبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع بلاده، خلال اتصال هاتفي أجراه مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وشدد العبادي على أهمية دور جامعة الدول العربية في بلورة موقف داعم للعراق في حربه ضد تنظيم "داعش"، داعيًا الدول العربية إلى "نبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع العراق".

وقد أكد العربي دعم الجامعة العربية للحكومة العراقية الجديدة واستعدادها لإنجاح أي جهد يصب في مصلحة العراق وتطلعات شعبه، معربًا عن تطلعه بأن تساهم حكومة العبادي في تحقيق تطلعات العراقيين.

العراق يشارك في مؤتمر باريس ويستقبل الرئيس هولاند

كما سيشارك العراق الاثنين المقبل في باريس في مؤتمر مكافحة الإرهاب، قبل أن يستضيف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يزور بغداد الجمعة. وتمهيدًا لوصول الرئيس الفرنسي هولاند إلى العاصمة العراقية، فقد تسلّم الرئيس العراقي فؤاد معصوم أوراق اعتماد السفير الفرنسي الجديد في بغداد فرانسوا بارتلي. وبحث معصوم مع السفير العلاقات بين العراق وفرنسا، وضرورة تمتينها، لما فيه مصلحة شعبي البلدين الصديقين، وزيارة الرئيس الفرنسي المرتقبة إلى العراق، وما سيكون لها من أثر كبير.

وأكد معصوم أن لفرنسا تاريخًا معروفًا بمساندتها للعراق، من خلال مبادراتها المؤيدة لقضيته، وآخرها مبادرة عقد مؤتمر لمكافحة الإرهاب، الذي يأمل العراق نجاحه في إعداد خطط العمل والاستراتيجيات الكفيلة بمواجهة الإرهاب، الذي يضرب المنطقة، وطليعته تنظيم الدولة الإسلامية.&&

من جهته بحث وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري مع السفير فرانسوا بارتلي العلاقات العراقيّة - الفرنسيّة وسُبُل تعزيز آفاق التعاون المُشترَك، إضافة إلى بحث التحضيرات الجارية لزيارة الرئيس الفرنسيِّ للعراق غدًا الجمعة المقبل، والجهود المبذولة لعقد مُؤتمَر باريس لدعم العراق في حربه ضدَّ الإرهاب الاثنين المقبل.

وأكد الجعفريّ أنَّ العراق سيأخذ دوره الرياديَّ في المنطقة والعالم خلال المرحلة المقبلة، وسيُعزِّز علاقاته مع دول العالم كافة لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة وفكِّ التوترات وإزالة مُسبِّبات الفرقة والتمزُّق التي توفر البيئة الحاضنة للإرهاب ونشوب الصراعات.

وأشار إلى ضرورة الانفتاح على تجارب العالم المُتقدِّمة والإفادة من خبراتها؛ لإعادة بناء وإعمار العراق والنهوض بواقع مُؤسَّساته، مُشدِّداً على أنَّ التنظيمات الإرهابيّة تُشكـِّل خطراً يُهدِّد الجميع، وأنه يجب تضافر كلِّ الجهود والإمكانات والتنسيق الأمنيّ والاستخباريّ والعمل للقضاء على الإرهاب.

وأمس أكد الرئيس الفرنسي استمرار مساندة بلاده للعراق، وتقديمها الدعم العسكري والإنساني الذي يحتاجه في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، ووجّه دعوة لرئيس الوزراء حيدر العبادي للمشاركة في مؤتمر باريس لدعم العراق في مواجهة الإرهاب. وناقش الجانبان خلال اتصال هاتفي الموضوعات التي سيبحثها المؤتمر وتأثيره في حشد الدعم الدولي للعراق في محاربة داعش، إضافة إلى الأوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان لها إن "الرئيس الفرنسي اتفق مع الرئيس العراقي فؤاد معصوم على موعد المؤتمر الذي أطلق عليه اسم "المؤتمر الدولي للسلام والأمن في العراق". وأشار البيان الرئاسي إلى أن "المؤتمر سيجمع العديد من الشركاء الدوليين والإقليميين.. وأوضح أن "هولاند سيؤكد للسلطات العراقية خلال زيارته لبغداد دعم فرنسا للتصدي بفعالية لإرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وحماية السكان المدنيين وإعادة إرساء دولة القانون على كل التراب الوطني.

جاء الإعلان عن زيارة الرئيس الفرنسي هذه لبغداد متزامنًا مع إعلان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، اليوم الثلاثاء، أن بلاده لا تستبعد اقتراح المشاركة مع تحالف دولي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية من خلال إرسال قوات برية.

وقال لودريان في تصريح صحافي إن القضية كانت مدرجة على جدول أعمال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة في ويلز، وإن المشاورات بهذا الخصوص مستمرة،& مضيفًا أنه يمكن لفرنسا أن تشارك بقوة برية في التحالف الدولي. يذكر أن القوات العراقية تخوض وبمساندة المتطوعين من الحشد الشعبي معارك منذ أسابيع ضد مسلحي داعش في مناطق عدة من البلاد، وسط دعم دولي واسع، في مقدمته تنفيذ الولايات المتحدة الأميركية غارات جوية على مواقع المسلحين في الموصل وأربيل والأنبار.&