قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن العصابات الإرهابية وفي مقدمها (داعش) تؤكّد كل يوم أن هؤلاء الخوارج مجردون من الإنسانية ولا يحترمون أي قانون أو حدود.


نصر المجالي: خلال زيارة لجمهورية كوسوفو التي استهل بها يوم الثلاثاء جولة عمل أوروبية، دعا الملك عبدالله الثاني إلى توحيد الجهود وضمن نهج شمولي للتصدي لخطر الإرهاب.

وتحادث العاهل الأردني مع رئيسة كوسوفو عاطفة آغا، حول عدد من القضايا الإقليمية، وفي مقدمها الحرب على الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وأكدا الحرص المشترك على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين البلدين، بما يسهم في إطلاق شراكات مثمرة.

وفي ختام المحادثات، قال العاهل الأردني في تصريحات صحافية مشتركة مع الرئيسة آغا: "يسعدني جداً أنا والوفد المرافق أن نكون مجددا بينكم في كوسوفو، ولنشهد التطورات الجوهرية الإيجابية في بلدكم. إنني فخور بأن أكون شاهداً على الإنجازات التي قمتم بها، قيادة وشعباً، في غضون فترة قصيرة جداً".

وأضاف: "إنه لمن دواعي سروري أيضاً أن أكون اليوم في بلدكم، الذي يقوم بدور محوري في ضمان استقرار هذا الإقليم. الكثيرون منا حول العالم سيستمرون في دعم كوسوفو وحقوقها، في ظل سعيكم لمستقبل أفضل لشعبكم، وللدور الهام والبناء الذي تقومون به".

وأكد العاهل الهاشمي لرئيسة كوسوفو: "وبإمكانكم دائما أن تعتمدوا على دعم الأردن لدوركم البناء".

أهمية خاصة

وأشار الملك عبدالله الثاني إلى أن زيارته لكوسوفو "لها أهمية خاصة، فهي زيارة لبلد أوروبي ذي غالبية مسلمة، وتأتي في وقت تتعرض فيه أوروبا والإسلام إلى هجمات الإرهابيين".

وقال: "إن كوسوفو تشكل نموذجاً فريدا لقيم التسامح والعيش المشترك، وهذه هي القيم التي يجب أن نعممها ونرسخها للوقوف في وجه الهمجية والوحشية التي ضربت باريس الأسبوع الماضي".

حرب عالمية ثالثة

وأكد الملك عبدالله الثاني أن هذه الهجمات البشعة تبين أن الإرهاب قد يضرب في أي وقت وأي مكان. وفي ذات الوقت، "فإن العصابات الإرهابية، وفي مقدمها داعش، تؤكّد كل يوم بأن هؤلاء الخوارج مجردون من الإنسانية، ولا يعرفون إلا الوحشية، ولا يحترمون أي قانون أو حدود".

وأضاف: "كما قلت لفخامة الرئيسة خلال مباحثاتنا: فنحن نواجه حرباً عالمية ثالثة ضد الإنسانية جمعاء، وهذا ما يوحدنا جميعاً. وكما قلت مرارا وتكرارا، فإن هذه الحرب هي حرب داخل الإسلام. من المؤلم أن عصابة داعش الإرهابية قتلت خلال العامين الماضيين أكثر من 100 ألف مسلم، فضلاً عن الجرائم البشعة الأخرى التي ارتكبتها مجموعات تتبنى نفس الفكر المريض في أفريقيا وآسيا".

توحيد الجهود

وللرد على هذا الخطر، شدد الملك عبدالله الثاني على ضرورة "أن نوحد جهودنا سريعا وضمن نهج شمولي، للوقوف في وجه التحديات المشتركة التي نواجهها جميعاً في منطقتنا وأفريقيا وآسيا وأوروبا"، قائلا جلالته "ننظر إلى بلدكم كشريك محوري في الجهود المشتركة لمحاربة خطر الإرهاب والتطرف على امتداد العالم".

وحول العلاقات التي تجمع البلدين الصديقين، أكد العاهل الأردني: "إننا فخورون بالمستوى الذي وصلت إليه علاقات التعاون بين الأردن وكوسوفو، وهي علاقة سنعمل على تمتينها في السنوات القادمة. كما نتطلع قدمّا، من خلال لقاءاتنا المستمرة، لبحث سبل تقريب شعوبنا وتقوية الروابط بين بلدينا".

وفي الأخير، أوضح& الملك عبدالله الثاني أن "لدينا الكثير من الروابط المشتركة، ما يدفعني للتطلع إلى مستقبل واعد وزاهر يجمع شعبينا".

تصريحات عاطفة آغا

بدورها، أكدت الرئيسة آغا، خلال التصريحات المشتركة أمام الصحافيين، عن سرورها وشعبها بزيارة العاهل الأردني وقالت: "إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في جمهورية كوسوفو. ويشرفنا أن تكونوا معنا هنا اليوم، ما يتيح لنا الفرصة لشكركم بشكل شخصي، هنا في كوسوفو، على دعمكم لنا وشراكتكم معنا لتأسيس دولتنا، وبناء صداقات جديدة، واكتشاف آفاق أوسع للتعاون الثنائي".

وأضافت "إن مسيرة كوسوفو نحو السلام والاستقلال كانت طويلة. لقد عشنا ماضياً صعباً، ولكننا توحدنا كأمة واحدة في سبيل إقامة دولتنا".

واستذكرت قائلة: "عندما التقينا قبل عدة سنوات، شاركتمونا ذكرياتكم عن كوسوفو، كبلد دمرته الحروب. وقد قام بلدكم بالمشاركة في القوات الأممية التي ساهمت في إرساء السلام في كوسوفو. لطالما آمنتم بقدرتنا على إحياء بلدنا وإقامة دولتنا المستقلة، وبذلك كنتم من أوائل الدول التي اعترفت بدولة كوسوفو، الأمر الذي سنقدره على الدوام لكم".

وأكدت آغا: "اليوم نقف كأمة فتية، ونتطلع لإعادة بناء مجتمعنا، ملتزمين بتعميق قيم الديمقراطية، والحرية، والسلام، والعيش المشترك. إنها قيم نسعى إلى تعميمها، ونعتبركم في الأردن شريكاً في جهود إعلاء هذه القيم".

الهجمات الإرهابية

وحول الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس أخيرا، قالت الرئيسة آغا، خلال التصريحات، "بصفتي رئيسة لكوسوفو، فإنني أشعر بالغضب الشديد من الهجمات الإرهابية الدموية على باريس مؤخرا، وبالحزن العميق على الأرواح البريئة التي خسرناها في هذه المأساة.

وقالت إن هذه الأحداث قد أثرت في كل واحد منا، فهي لم تكن مجرد هجوم إرهابي على باريس، بل هجوم على قيم الحرية ومن يؤمنون بها في جميع أرجاء العالم. إنها هجوم على القيم والحريات الأساسية لإنسانيتنا وللمجتمع الذي أنتمي إليه".

وأكدت "أن هزيمة الشبكات الإرهابية هي تحد لا يمكن لأمة بمفردها أن تواجهه. ومن الضروري أن نكرس طاقاتنا وإمكاناتنا بهدف القضاء على هذا الخطر. كما أن كوسوفو مصممة على تولي زمام المسؤولية بكل حزم".

وشددت رئيسة كوسوفو على&أن بلادها "لن تكون ملاذا أو معبرا لأي من عناصر التنظيمات الإرهابية، وسنستمر بالعمل مع شركائنا والمنظمات الدولية المعنية بشؤون الأمن من أجل التعامل مع هذا الخطر".

وختمت الرئيسة آغا بالقول "كما أكدت لجلالتكم خلال لقائنا اليوم أن التاريخ سوف ينصف كوسوفو، فنحن سنقف بكل حزم من أجل الدفاع عن مبادئنا في وجه قوى الظلام التي تسعى للنيل من الحريات التي ناضلنا من أجلها".

محادثات موسعة

وتناولت المباحثات الثنائية والموسعة، التي عقدها عاهل الأردن والرئيسة آغا، الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب والتطرف، حيث جرى التأكيد على أهمية التركيز على قيم الاعتدال والوسطية والتسامح، التي تمثل الدين الإسلامي الحنيف، ونبذه لجميع أشكال التطرف والتعصب.

وتطرقت المباحثات أيضا إلى آخر المستجدات الإقليمية والجهود الدولية المبذولة في التعامل مع الأزمات الراهنة، وسبل إيجاد حلول لها، لا سيما الأزمة السورية.

وأكدت رئيسة كوسوفو تقدير بلادها للجهود التي يقودها العاهل الأردني لتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، لافتة إلى أهمية الدور الإنساني الذي يبذله الأردن باستضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على أراضيه.

وقلدت رئيسة كوسوفو، في نهاية المباحثات، الملك عبدالله الثاني وسام الاستقلال تكريما لجلالته ولدوره الكبير في تعزيز العلاقات بين البلدين، وترسيخ الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم. ويعتبر وسام الاستقلال أرفع وسام في كوسوفو، ويمنح لكبار الشخصيات العالمية تقديراً لإسهاماتها المميزة.