&اعتبر الدكتور سعد الدين ابراهيم أن الشعب المصري عبّر عن امتعاضه من السياسات القائمة، وذلك عبر إقباله الضعيف في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، مؤكدًا أن ذلك يُعد بمثابة إنذار للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ينتظر منه المصريون اجراءات سريعة لتحسين الواقع المتردي على غير صعيد.

&
أسامة مهدي: اعتبر الدكتور سعد الدين ابراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية في مصر، ان شرعية البرلمان المصري المنتخب قبل ايام مهزوزة، لان نسبة المشاركين في انتخاباته لم تتعد 25 بالمائة من الناخبين، متوقعًا ان لا يزيد عمره عن العامين، وسيلجأ الرئيس السيسي الى حله، وسيدعو لانتخابات برلمانية جديدة .
&
وقال ابراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية في القاهرة، في حوار مع "إيلاف"، ان المصالحة السياسية بين جماعة الاخوان المسلمين والنظام في مصر ممكنة، فالسيسي قادر على تحقيقها مستندًا الى الشعبية التي يتمتع بها، والتي ما تزال كبيرة، وكذلك الاخوان، من خلال نبذ العنف والعودة للعمل السياسي السلمي، واشار الى انهما اذا لم يقبلا بها فيمكن ان يطرح الامر على المواطنين في استفتاء شعبي يوجه فيه سؤال: هل توافق على عودة الاخوان للحياة السياسية كفصيل من فصائل المعارضة الوطنية؟
&
وهنا نص الحوار:
&
كيف تفسر عزوف المصريين عن الاشتراك في الانتخابات البرلمانية الاخيرة؟
&
ان المصريين قد رفعوا بذلك الكارت الاصفر بوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بانتظار المستقبل، فإما يرفعون له الكارت الاخضر رضى عنه، او الاحمر معارضة واحتجاجا على ادائه السياسي .. فقد كان السيسي قد طلب قبل ذلك من المصريين النزول للاشتراك في الانتخابات الرئاسية فاستجاب له ثلاثون مليون مصري وهذه المرة طالبهم بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية فلم يلب منهم غير 15 مليونا وهذا يتطلب من الرئيس ان يدرس أسباب ذلك .. وتفسيري لهذا الوضع ان الناس كانت لديهم توقعات عالية معولين على السيسي ان يفعل الكثير لهم لكنه لم يفعل فكل خططه طويلة الامد والشعب يحتاج لانجازات سريعة فهم لايستطيعون الانتظار 5 او 10 سنوات لتتحسن اوضاعهم اضافة الى ان الشباب قد قاطعوا الانتخابات لاحساسهم ان الثورة التي قاموا بها قد اختطفت منهم مرتين الاولى من جماعة الاخوان المسلمين والثانية من قبل العسكر وهذا شكل احد تعبيرات الغضب ومايفسر اسباب انخفاض اعداد الناخبين.&
&
هل ترى ان الشعب سيرفع للسيسي مستقبلا الكارت الاحمر ام الاخضر؟
&
هذا يتوقف على ادائه وما سيقدمه للشعب وللبلد، فاذا كان اداء الفريق الحاكم جيدا فسيكون له الكارت الاخضر وبعكسه سيتم رفع الكارت الاحمر بوجهه .. فالمطلوب الان من السيسي احتضان الشباب والذين قاموا بالثورة ويمنحهم مكاسب وجزءا من السلطة .
&
كيف ترى على ضوء الانتخابات الاخيرة ما سيكون عليه البرلمان وتأثيره في الحياة السياسية والعامة في مصر؟
&
البرلمان المقبل سيكون مخلخل الشرعية فنسبة المشاركة في انتخاباته لم تتعد 25 بالمائة من الذين يحق لهم التصويت وهذا معناه ان مجلسا لم ينتخبه ثلاثة ارباع الناخبين المصريين فإن شرعيته مهزوزة او ضعيفة ومن هنا فإن عمر البرلمان سيكون قصيرا ولن يتجاوز العامين لانه في غياب شرعية للمجلس سيضطر السيسي الى حله ويدعو لانتخابات برلمانية جديدة ولا ننسى ان هناك بعض الاطراف تدعو حاليا لانتخابات رئاسية مبكرة من اجل التخفيف من الاحتقان في المجتمع فإذا لفظ الشعب الاخوان مرة اخرى فسيكون الامر واضحا للجميع ومنهم الاخوان بالكف عن الضجيج والمظلومية ولعب دور الضحية واذا صوت الشعب لهم فمن حقهم المشاركة في السلطة.
&
هل تعتقد بوجود فرصة لعودة الحياة السياسية البرلمانية الديمقراطية في مصر الى فترة ما قبل قيام الجمهورية عام 1952؟
&
ان ذلك العصر هو الذهبي للممارسة الديمقراطية ومصر الراهنة ممهدة لذلك فنسبة التعليم افضل والحراك السياسي أكبر والطبقة السياسية اوسع وبالتالي فإن كل المعطيات تشير إلى إمكانية أن تكون هناك حياة ليبرالية مزدهرة ونحن نعمل لذلك في مركز ابن خلدون لدراسات التنمية.&
&
كيف تنظر الى الاوضاع العربية المضطربة حاليا .. وهل تعتقد ان هناك إمكانية لاستقرارها قريبا؟
&
ستعود البلدان العربية واحدة تلو الاخرى طالبة الاستقرار وستكون قواها مستعدة لان تتنازل عن بعض متطلباتها من أجل هذا الاستقرار وسيكون هذا بداية عودة الى ليبرالية قوية تستكمل فيها خارطة الطريق في ربيع عربي ديمقراطي.
&
هل ترى ان هذه الحالة قريبة الى مصر ام لا تزال بعيدة عنها؟
&
يمكن ان تتحقق خلال السنوات الخمس المقبلة، ولكن لابد ان تكون هناك خسائر .. والعنف سيستمر خلالها، قد يرتكبه الاخوان احيانا أو جماعات غيرها ناقمة على النظام احيانا اخرى، فالعنف موجه ضد الجيش والشرطة واحيانا تصيب شظاياه المواطنين الابرياء وهذا العنف سيستمر لعامين او ثلاثة مقبلة وسيرغم النظام والقيادة الاخوانية عندها الى اللجوء للمصالحة ففي كل المجتمعات وبعد صرعات مضنية لابد ان يتصالح الجميع ويتفقوا او يتوافقوا على قواعد اللعبة.
&
ماهي حظوظ التحقق لهذه المصالحة التي تتحدث عنها ؟ &
&
ان يعود الاخوان الى العمل السلمي بضوابط ويعلنوا ذلك ويقلعوا عن العمل السري واستخدام العنف .. وهم الان قد تخلوا عن مطالبهم بعودة الرئيس السابق محمد مرسي الى رئاسة الجمهورية . المطلوب من الاخوان ان يعلنوا انهم سيحترمون الارادة الشعبية ويكفون عن العنف وسيمارسون العمل السياسي السلمي من دون اي محاولة لاحتكار السلطة او احتكار الاسلام .. لان الاخوان يعانون مشكلة تراثية فهم لا يعترفون بان الشخص مسلم الا اذا كان ضمن جماعتهم فأيديولوجيتهم تقول: انت لست اخوانيا فأنت لست مسلما.
&
اما التعددية والتنوع الفكري فهو محرم لدى الاخوان وهذا منهج استحواذي واقصائي واحتكار للاسلام .. وفي مواجهة ذلك فإن عددا كبيرا من شباب الان بدأوا يدركون ضرورة إصلاح العقيدة الاخوانية وقيادة الجماعة .. لكن الحرس القديم في الجماعة لن يوافق على ذلك غير انه سيرغم على قبوله والا سيقصى.
&
اما بالنسبة للنظام فمطلوب منه ان يكون منفتحا وان يعلن في حال تخلي الاخوان عن العنف انه لايمانع من عودتهم وممارستهم الشرعية للسياسة .. والسيسي قد لمح لهذا من قبل .. واعتقد ان المصالحة ممكنة بوجود السيسي والاخوان فالرئيس قادر على تحقيق المصالحة مستندا الى الشعبية التي يتمتع بها والتي ما تزال كبيرة .. فالمصالحة متوقفة على قرارين : من السيسي ومن الاخوان وان يلعب البرلمان المقبل دورا فيها واذا لم يقبل السيسي والاخوان بالمصالحة فيمكن ان تطرح على المواطنين في استفتاء شعبي يوجه فيه سؤال : هل توافق على عودة الاخوان للحياة السياسية كفصيل من فصائل المعارضة الوطنية؟
&
ما هو رأيك بوضع حقوق الانسان في مصر حاليا .. وما حقيقة ما يقال عن وجود تعذيب واختطاف وتغييب للمعارضين؟
&
وضع حقوق الانسان في مصر افضل كثيرا الان من قبل فالحالات هذه التي تتحدث عنها موجودة دائما في الدولة العميقة ومنها الدول العربية .. لكن الناس في مصر تستطيع حاليا انتقاد النظام وتطرح مطاليبها وتتواصل في الداخل والخارج وتشكل لجان تحقيق وتزور السجون وتطلع على اوضاعها .. فالناس لم تعد تخاف وانما ترفع سلاح النقد وهذا يكتسب زخما متصاعدا ويرغم الحكومة على مراعاة حقوق الانسان.
&
صدرت احكام بالاعدام والسجن المؤبد على العديد من قيادات الاخوان المسلمين .. فهل تعتقد انها ستنفذ؟
&
لا اعتقد انها ستنفذ وانما ستخفض او تجمد لأن السيسي يدرك ان الاعدام سيحولهم الى شهداء وهو لايريد ذلك.. فالمطلوب الان هو اعادة تأهيل القوى السياسية الاسلامية مثلما هو حزب النور الموجود على الساحة وشارك في الانتخابات الاخيرة وحصل على بعض المقاعد البرلمانية بعد ان كان يعتقد انه سيورث جماهير الاخوان لكن هذا لم يتحقق لانه لم تكن له القدرة التنظيمية التي يتمتع بها الاخوان فالشارع السياسي الاسلامي سيكون جزءا من الساحة السياسية.
&
هل تعتقد ان السلطات المصرية قادرة على القضاء على الارهاب في سيناء؟
&
نعم ممكن ولكن هناك ثمن سيدفع ..الحل العسكري والامني لا يكفيان واذا نجحا فالى فترة قصيرة .. العنف والعنف المقابل يؤدي الى تعب الطرفين وهذا يحصل بين الدول ايضا لانه اذا كان احد الطرفين غير قادر على حل النزاع بالضربة القاضية فسيضطر لان يقبل باقل مما كان يتمنى على امل ان الطرف الاخر يقبل او يعطي تنازلات ويجتمعان على كلمة سواء للوصول الى حل توافقي.
&
الا تعتقد ان نشاط مركز ابن خلدون قد انحسر او ان فاعليته قد انخفضت خلال الفترة الاخيرة .. ماهي الاسباب التي تقف وراء ذلك؟
&
نحن محاصرون الان .. الحكومة تحاصرنا وقطعت عنا التمويل الداخلي والخارجي حيث كان هناك رجال اعمال يدعموننا لكن المخابرات والمباحث ضغطت عليهم ليكفوا عن التبرع للمركز .. ولذلك نحن نجد الان صعوبة في الانفاق على نشاطاتنا وتسديد مرتبات العاملين والباحثين في المركز. الحكومة لاتريد مركزا مستقلا او لايدور بفلكها ولا يأتمر بأوامرها .. وخلال الانظمة السابقة .. من مبارك ثم الاخوان والان النظام الحالي فان المحاولات مستمرة لخنق المركز.. لانهم يريدوننا ذيولا لانظمتهم وهذا سلوك جميع الحكام العرب وهو ما نرفضه.&
&