أصبح خالد الفالح وزيرًا للصحة السعودية، التي تعاني حالة من عدم الاستقرار، إذ جرى تغيير وزيرها 6 مرات خلال الأشهر الماضية، ومشكلة الوزارة ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى عهد الملك فهد، حيث جرى توفير&أضخم الاعتمادات لها، لكنها فشلت في مواكبة التنمية.

أحمد العياد من الرياض: كرسي وزارة الصحة السعودية المثير للجدل استعصى على كثيرين، فالطبيب والمهندس والكيميائي والاقتصادي فشلوا في الجلوس عليه بهدوء، حيث أظهروا ضعفا في إدارة الوزارة، وجرى اليوم الأربعاء تعيين المهندس خالد الفالح خلفاً لمحمد بن عبدالملك آل الشيخ وزيرا للصحة، ويعد الفالح وزير الصحة السادس الذي يجري تعيينه خلال عام واحد تقريبا.

وتنوّعت أسباب إقالة وزراء الصحة السعوديين بين ضعف القدرة على التعامل مع ظهور بعض الفيروسات، واستمرار مسلسل الأخطاء الطبية، فضلا عما يتداول عن التعامل بفوقية مع المواطنين.

لم ينجح فيها أحد

وينقل الدكتور غازي القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة"، ما دار في حديث مع العاهل السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله،"ماذا أفعل بوزارة الصحة؟ اخترت لها أكفأ الرجال، ورصدت لها أضخم الاعتمادات.. ومع ذلك لم تتحرك، هذا هو القطاع الوحيد الذي لم يواكب التنمية"، ويضيف: "هل تدري ماذا قررت أن أفعل؟ قررت أن أتولى وزارة الصحة بنفسي، أتولاها شخصياً"، ويصف الملك فهد رحمه الله حال وزارة الصحة في جملة قصيرة "لم ينجح فيها أحد".

مهام صعبة

ووفق ما يرى المتابعون فإن ما ينتظر (ابن أرامكو) تحد صعب؛ حيث تقع على عاتقه مهام الوزارة وإعادة هيكلتها وتحسين أدائها الصحي ومواجهة تحديات الأمراض والأوبئة المنتشرة، وتلبية تطلعات المواطنين.

ويقول الكاتب سعد الدوسري في حديث لـ"إيلاف" إن& هناك تحديات عديدة تواجه الفالح وهي تحديات إدارية بالمقام الأول قبل التحديات الخدمية ، وهذه التحديات يتم تجاوزها والتغلب عليها باختيار الوزير لكفاءات وقيادات مهنية حرفية شبابية حقيقية لوضعها في المكان المناسب من ثم سيتم لمس التغييرات في الخدمات الصحية مباشرة بعد هذه القرارات،وواصل الدوسري حديثه في عدم اغفال المؤسسات التحويلية التابعة للدولة التي لا تتبع لوزارة الصحة مثل مستشفى التخصصي ومستشفى قوى الأمن التابع لوزارة الداخلية".

وذكر الدوسري أن الفالح سيتواجد في مناخ مهيئ للتغيير، لأن هناك قيادات ضمن هيكل الوزارة تم اعفاؤها قبل تعيينه، وبالتالي هي فرصة لم تسنح لمن سبقه من الوزراء.& وتابع: "بسبب هذه الإعفاءات في الهيكل الوزاري والتي سبقت تعيين الفالح هو من أكثر المتفائلين بهذا التغيير ومتفائل بأنها هناك قرارات ستحقق طموحات المواطن".

ضابط مالي

وذكر انه لا يضير الفالح عدم خبرته السابقة في وزارة الصحة، مشيرا إلى أن أهم ما تحتاجه وزارة الصحة هو ضبط مالي من الدرجة الأولى "لأنها تملك أكبر ميزانية في وزارات الصحة في العالم،فالضبط المالي ومن ثم الضبط الإداري هي ما تحتاجه وزارة الصحة وبالتالي نحن لا نحتاج الى وزير طبيب أو جراح كما حدث في السابق".

وختم الكاتب الدوسري حديثه بأن الفالح أمام فرصة ثمينة للتغيير في مستوى الخدمات المقدمة للمواطن "حيث إن المواطن خصوصا في المناطق الطرفية كالشمال والجنوب يعاني للحصول على سرير أو موعد وكأنه أمام مؤسسة لا تنتمي لبلده، فأصبح المواطن أمام عبء نفسي من خلال الحصول على موعد أو على دواء معين أو على الهروب من الأخطاء الطبية".

استئصال الفساد

وقال الكاتب السعودي الشهير خالد السليمان إن أكبر تحدٍّ يواجه المهندس الفالح برأيه هو أن يبدأ باستئصال أورام الفساد السرطانية، وتساءل "فكيف يمكن لطبيب أن يعالج الناس وهو عليل! فالفساد هو بيت الداء، ولن تتغلب أي مؤسسة على مشكلات سوء الإدارة والهدر والتعثر والفشل دون التخلص من الفساد وأهله لتطهير بيئة العمل، وتنقية أجوائها لتكون صالحة لحياة الموظفين المؤهلين والمنتجين والمحترفين! وفي وزارة الصحة يمكن أن تتكون أكبر بؤرة فساد إذا غابت الأمانة واختفت الرقابة ، ففي وزارة الصحة توجد المنطقة الأكثر نشاطا في مؤسسات الدولة لعقود توريد الأجهزة وتحديثها وصيانتها، ومشاريع وخطط مواجهة الأوبئة والأمراض الطارئة وفيروساتها، وما لم تحكم هذه المنطقة برقابة صارمة ومتابعة حازمة فإنها ستتحول إلى مكان للمنتفعين والمتسلقين.

وبالعودة إلى كرسي الوزارة الأكثر تعييناً خلال عام، ففي عام 2014 م تم إعفاء الدكتور عبدالله الربيعة من منصبه ليُعين المهندس عادل فقيه مكلفاً بالعمل ولم يستمر سوى عدة أشهر ليتم إعفاؤه وتعيين الدكتور محمد الهيازع وزيراً للصحة الذي لم يكمل شهرين حتى تم تعيين أحمد الخطيب وزيراً للصحة الذي تم إعفاؤه، وتكليف الأستاذ محمد بن عبدالملك آل الشيخ بإدارتها حتى تم تعيين المهندس الفالح اليوم وزيراً له.

&سيرة حافلة

والفالح شخصية جديدة على هذه الحقيبة الوزارية، التي شهدت تغيرات عديدة في قمة هرمها الإداري خلال الأشهر الماضية.

ولد المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح عام 1960 في مدينة الدمام في المنطقة الشرقية، وهو رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير الإداريين التنفيذيين، وتعد أكبر شركة منتجة للنفط الخام في العالم.

والتحق الفالح بالعمل في "أرامكو" عام 1979، ثم ابتعث للدراسة في جامعة تكساس "إيه آند إم" فحصل منها على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية عام 1982.

وفي عام 1991 حصل على درجة الماجستير في تخصص إدارة الأعمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران.

وفي يوليو 1999 تولى المهندس الفالح وظيفة رئيس شركة بترون"مشروع مشترك بين أرامكو وشركة البترول الوطنية الفلبينية".

وفي مطلع عام 2003 عُين نائباً لرئيس "أرامكو" لقطاع تطوير الأعمال الجديدة، وفي أبريل 2004 عُين نائباً للرئيس للتنقيب، وذلك قبل تعيينه نائباً أعلى للرئيس لأعمال الغاز في أغسطس 2004.

وقد شغل الفالح مناصب قيادية بارزة في مختلف دوائر الشركة وإداراتها، وأسهم من خلالها في دفع عجلة التوسع المتواصل في أعمال الشركة ودخولها في مجالات عمل جديدة. وتم تعيينه رئيسا وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) في 1 كانون الثاني (يناير) 2009.