واصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مشروع ترتيب الدولة السعودية على كل المستويات في موجة ثانية لا تقل عن سابقتها في نهاية شهر يناير الماضي.
الرياض: من هرم الدولة إلى قطاعات الاقتصاد والإعلام والرياضة والشباب، وضع الملك سلمان لبِنات أساسية أخرى لاستقرار الدولة ومؤسستها الحاكمة.
أول القرارات كانت بقبول طلب الأمير مقرن بن عبدالعزيز الإعفاء من منصبه في ولاية العهد، ليترقى الأمير محمد بن نايف طبيعيًا ويأخذ المنصب، وهذا ما دعا الأسرة ممثلة بهيئة البيعة أن تجتمع وتوافق على تعيين الأمير الصاعد محمد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد بالأغلبية.
وشملت القرارات أيضًا تعيين عادل الجبير وزيرًا للخارجية، بعد طلب الأمير سعود الفيصل الإعفاء لظروفه الصحية، فيما تم تعيين عادل فقيه وزيرًا للاقتصاد والتخطيط ومفرج الحقباني وزيرًا للعمل وخالد الفالح وزيرًا للصحة وحمد السويلم رئيسًا للديوان الملكي.
&
محمد بن نايف
كانت البداية عندما استلهم الملك سلمان التجربة الناجحة لسلفه الملك عبدالله في استحداث المنصب، حينما تم استحداث منصب ولي ولي العهد، وهو الذي أسهم في ترتيب الانتقال السلس.
ويعتبر الأمير محمد بن نايف أحد أهم الوجوه في جيل الأحفاد، و لم يكن مفاجئًا للسعوديين صعوده ليكون أول ولي عهد من جيل الأحفاد، إذ كان عنصرًا فاعلاً في السياسة السعودية محليًا وخارجيًا. وقام بالعديد من المهام الخاصة دوليًا، إضافة الى قيادته وزارة الداخلية.
تنصيب الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد مثّل صعوداً طبيعياً لوجه يحظى بثقة لامتناهية عند السعوديين.
ويبلغ الأمير محمد نحو 57 عامًا، قضى منها 16 سنة متنقلاً في عدة مناصب في وزارة الداخلية، إذ تم تعيينه مساعدًا في العام 1999 ثم صار نائباً لوزيرها السابق الأمير أحمد بن عبدالعزيز، ومن ثم وزيرًا منذ العام 2012.
ويحمل الأمير محمد شهادة العلوم السياسية من الولايات المتحدة الأميركية، وهو حاصل على العديد من الدورات السياسية والعسكرية وخصوصًا في مجال مكافحة الإرهاب.
ويعتبر الأمير محمد من أهم المحاربين للتطرف والإرهاب، وتعتمد عليه بلاده في إدارة هذا الملف، الذي نجح فيه بصورة كبيرة، وتعرض لمحاولة اغتيال في العام 2009 من أحد أعضاء تنظيم القاعدة الذي ادّعى توبته، وأعلن عن تسليم نفسه، ولكنه كان قد زرع عبوة ناسفة في جسده وانفجرت، وتعرض الأمير محمد لإصابات طفيفة، فيما انتهى المهاجم إلى أشلاء في منزل الأمير في جدة.
تغييرات في وزارات الخارجية والصحة والاقتصاد والتخطيط السعودية.. أوامر ملكية تطال وزراء ونواباً |
وزير الخارجية برر طلبه بظروفه الصحية إعفاء الأميرين مقرن والفيصل من منصبيهما بطلب منهما |
&
محمد بن سلمان
سيرة ذاتية شابَّة مليئة بالخبرات والتفوق الدراسي، ومليئة بالمناصب المتعددة، حملها ولي ولي العهد الجديد ووزير الدفاع الشاب ورئيس الديوان الملكي، الأمير محمد بن سلمان، أحد أبناء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ومستشاره الخاص، حيث أكمل الأمير الشاب دراسته للمراحل الأساسية بتفوق، وكان ضمن العشرة الأوائل على مستوى السعودية، ثم التحق بجامعة الملك سعود في الرياض، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في القانون والعلوم السياسية، محرزًا الترتيب الثاني على دفعته.
وارتفعت أسهم الأمير محمد كثيرًا لدى السعوديين خلال الشهر الماضي بعد أن أثبت قيادةً ورؤية لعمليات عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل التي انطلقت الشهر الماضي ضد المتمردين الحوثيين والقوات الموالية لصالح في اليمن.
ويعتبر الأمير محمد بن سلمان، الابن البكر لوالدته الأميرة فهدة بنت فلاح بن حثلين، وجده من أمه هو راكان بن حثلين، شيخ قبيلة العجمان، ولدى الأمير محمد بن سلمان ثلاثة من الأبناء من زوجته الأميرة سارة بنت مشهور بن عبد العزيز آل سعود، كما إن للأمير محمد سلمان العديد من الإخوة الأشقاء وغير الأشقاء، من أبرزهم وزير السياحة ورائد الفضاء السابق الأمير سلطان بن سلمان، ونائب وزير النفط الأمير عبد العزيز بن سلمان.
نشاطات خيرية
انخرط الأمير الشاب، بعد تخرجه من الجامعة في مضامير العمل الخيري، حيث كان ناشطًا اجتماعيًا ومشاركًا ومؤسسًا للعديد من المؤسسات الخيرية والاجتماعية، فضلاً عن اطلاقه العديد من المبادرات، وكانت الوجهة الأولى هي مجلس أمناء جمعية ابن باز الخيرية، حيث شغل عضوية ادارتها، ثم عيّن نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري، كما شغل منصب الرئيس الفخري للجمعية السعودية للإدارة، وعضوية فخرية للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات، ورئاسته لجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لشباب الأعمال، فضلاً عن مناصب أخرى.
فتح العمل الاجتماعي المكثف للأمير الشاب، نوافذ متعددة للتواصل مع عامة الشعب، ورموز العمل الاجتماعي والخيري، ما وضعه في بيئة أعمال متشعبة مرتبطة باحتياجات الناس المختلفة، والتي ساهمت في تكوينه ثقافة عامة مصدرها قاعدة المجتمع الواسعة، حيث خرج الأمير الشاب من هذه التجربة بحصيلة واسعة من الفهم العميق لكثير من الأمور، ومكنته من رسم صورة واضحة من المعرفة الاجتماعية والإدارية والثقافية، لينعطف بعد ذلك نحو العمل الحكومي العام بكل ثقة.
العمل الحكومي
انتقل الأمير الشاب في العام 2007 من العمل الاجتماعي إلى العمل الحكومي الرسمي، عبر العمل في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء السعودي، متسلحًا بالكثير من الحقائق والمعرفة الواسعة بواقع المجتمع السعودي، ومكتسبًا خبرات عمل جديدة عبر تدرجه في المضمار الرسمي، لا سيما أن هيئة الخبراء جهة حكومية حساسة، يعمل فيها الكثير من العقول والخبرات والمؤهلات، حيث يمرّ عبرها الكثير من القرارات الحكومية المهمة، وبالتالي انفتحت أمام الأمير الشاب نوافذ الخبرة المكثفة، وكان هذا الوسط بمثابة مدرسة كبيرة& للاستزادة بالمعرفة الإدارية والقانونية.
استمر الأمير الشاب في هيئة الخبراء متدرجًا في الوظائف والمناصب، إلى أن تم تعيينه، مستشاراً خاصاً لأمير منطقة الرياض، مع احتفاظه بوظيفته في الهيئة، ثم أضيف إلى ذلك تعيينه في منصب أمين عام مركز الرياض للتنافسية، واستمر الأمير الشاب في التنقل بين المهام والمناصب حتى صدر أمر ملكي في آذار/مارس من العام 2013 بتعيينه رئيساً لديوان ولي العهد، ومستشاراً خاصاً للأمير سلمان بن عبد العزيز بمرتبة وزير، ثم صدر في نيسان/ابريل من العام 2014 أمرٌ ملكي يقضي بتعيينه وزيرًا للدولة وعضوًا في مجلس الوزراء، ما ضمن له مقعداً في الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكم السعودي.
وفي وقت مبكر من يوم الجمعة الموافق 23 كانون الثاني/يناير 2015، صدر أمر ملكي من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، يقضي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيسًا للديوان الملكي ومستشارًا خاصا لخادم الحرمين الشريفين، كما تم تعيينه وزيرًا للدفاع إضافة إلى عمله، وبذلك يكون الأمير الشاب أول وزير دفاع سعودي من جيل أحفاد مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
التعليقات