إعداد عبد الاله مجيد: أعلن الرئيس باراك أوباما بعد الاتفاق النووي مع إيران انه سيركز خلال ما تبقى من ولايته الثانية على اهداف كبيرة يريد تحقيقها قبل أن يسلم مفتاح البيت الأبيض الى خلفه الجديد.

ولخص هذه الأهداف في وضع الولايات المتحدة وحلفائها "على سكة الحاق الهزيمة" بتنظيم داعش و"اطلاق عملية لانهاء الحرب في سوريا" بمشاركة إيران والدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة ضد أي عدوان ترتكبه إيران أو وكلاؤها.

تناقض

ولاحظ مراقبون ان حل الأزمة السورية بمشاركة إيران والدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة هدفان يناقض احدهما الآخر مشيرين الى ان الرئيس الأميركي نفسه اعترف خلال مؤتمر صحفي عقب الاتفاق النووي بأن إيران يمكن ان تستخدم المليارات التي ستتلقاها قريبا للاستمرار في دعم نظام بشار الأسد وتسليح حزب الله بل وزيادته.

كما وصف أوباما الحل في سوريا بأنه يتطلب "اتفاقاً بين القوى الرئيسية التي لها مصلحة في سوريا" واضاف "ان إيران هي احد هؤلاء اللاعبين واعتقد ان من المهم ان يكونوا طرفاً في هذا الحديث".

وبذلك يكون أوباما تراجع عن سياسته السابقة في استبعاد إيران عن محادثات السلام في سوريا. فان طهران استُبعدت عن جنيف 1 وجنيف 2 في 2012 و2014 بإصرار من الولايات المتحدة نفسها.

والأهم من ذلك ان اعطاء إيران كلمة بشأن سوريا يناقض هدف أوباما المعلن في العمل على منع طهران من استمرارها في تسليح حزب الله حين قال ان منعها هو "من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة". فان دعم إيران الذي لا يتزعزع لنظام الأسد مدفوع اساساً باستخدامها سوريا جسراً برياً للامدادات التي ترسلها الى حزب الله.

حاملة طائرات إيرانية

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن روبرت فورد سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا قوله ان حزب الله "حاملة طائرات إيرانية في شرق البحر المتوسط" وهو يقف حائلا دون تشكيل أي حكومة في لبنان دون موافقة طهران. وفي سوريا يقاتل آلاف من عناصر حزب الله لإبقاء الأسد في دمشق ليس من أجل سواد عيونه بل لإبقاء خط امداد الحزب من إيران عبر سوريا مفتوحاً.

وإذ لا تستطيع إيران استخدام المنافذ البحرية اللبنانية لإيصال امداداتها الى حزب الله فانها تحتاج الى السيطرة على مطار دمشق والحدود بين سوريا ولبنان لتأمين هذه الامدادات. ولهذا السبب يرى محللون ان جيش الأسد الذي اصبح هو نفسه أداة إيرانية بدأ يركز على الدفاع عن الشريط الضيق من الأرض بين دمشق والحدود اللبنانية.

ويرى فورد وخبراء مختصون بالشؤون السورية ان إيران لن توافق ابداً على تسوية للنزاع في سوريا تقطع الجسر الذي يتلقى حزب الله امداداته عبره. فان قبولها بتسوية كهذه يعني تخلي إيران عن طموحاتها الاقليمية.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية والباحث حالياً في مجلس الأطلنطي فريدريك هوف قوله "ان السياسة الإيرانية العامة (في سوريا) تركز بثبات الآن على حزب الله".

صيغة تسوية

كما تراهن ادارة أوباما على استمالة روسيا بوصفها الطرف الدولي الآخر الذي يدعم الأسد. وقال مسؤولون أميركيون ان أوباما اجرى احاديث واعدة مع الرئيس فلاديمير بوتين بشأن سوريا في الأسابيع الأخيرة.
فهناك في الادارة الأميركية من يعتقد ان بالامكان التوصل الى صيغة تسوية أميركية روسية في سوريا تتمثل بتنحية الأسد ومشاركة المعارضة المعتدلة في حكومة جديدة تواصل الحرب ضد داعش.

ولكن هوف يلفت الى ان روسيا لا تمتلك أدوات الضغط الكافية لإحداث تغيير في قيادة النظام السوري. فان نظام الأسد مدعوم دعماً يكاد ان يكون كاملا بالمال الإيراني والسلاح الإيراني والمقاتلين الذين يحاربون مع الأسد بإيعاز من إيران.

ويؤكد فورد ان طهران "ليست مستعدة للتخلي عن الأسد". ومن وجهة النظر الإيرانية ليس هناك سبب لنفض اليد من الأسد إلا إذا عجز عن الاحتفاظ بدمشق والسيطرة على المنطقة الحدودية مع لبنان. اما في انحاء سوريا الأخرى فان إيران سعيدة برؤية قوات المعارضة تستنزف قواها في معارك مع داعش.

إزاء هذا الحقائق يرى محللون ان أي تحرك جاد لانهاء الحرب السورية يتطلب من أوباما ان يختار بين قطع جسر إيران السوري الى حزب الله بزيادة الدعم الأميركي لقوات المعارضة السورية أو القبول بتسوية تقر ضمناً ببقاء الجسر مفتوحاً الى حزب الله. وإزاء ما استثمره أوباما في الاتفاق النووي مع إيران فان المحللين لا يستبعدون ان يعزف أوباما عن الخيارين ويترك كابوساً اسمه سوريا الى مَنْ يخلفه في البيت الأبيض.