أبقى الأردن حدوده مع سوريا مفتوحة لسنوات طويلة أمام مئات آلاف اللاجئين، لكن جيش هذا البلد، الذي يواجه خطر التطرف المتصاعد قرب حدوده، بات يركز على أمن المملكة قبل البعد الإنساني.


إيلاف - متابعة: قال قائد قوات حرس الحدود العميد الركن صابر المهايرة للصحافيين انه "منذ اندلاع الازمة السورية ولغاية ظهور الجماعات التكفيرية المتطرفة كان اهتمام القوات المسلحة إيلاء البعد الانساني على البعد الأمني".

تسلل أو تهريب
اضاف "بعد ظهور الجماعات المتطرفة، بدأ التوازن بين البعد الانساني والبعد الأمني، لكن بعد تمدد الجماعات المتطرفة واتساع رقعتها وتنفيذها عمليات ارهابية في دول عدة، تم التركيز على البعد الأمني من دون نسيان البعد الانساني".

مازح المهايرة الصحافيين في مركز القيادة في الزرقاء على بعد نحو 23 كلم شرق عمّان، قائلًا "رأيتم ماذا حدث لأوروبا، بسبب بضعة آلاف من اللاجئين، ماذا نقول نحن الذين استقبلنا مئات الآلاف". واعرب عن مخاوف المملكة من احتمال "تسلل" بعض الارهابيين بين اللاجئين السوريين او استغلالهم ازمة اللاجئين لتهريب الاسلحة. وتعكس اعداد اللاجئين الذين استقبلتهم المملكة طبيعة ما تحدث عنه المهايرة.

تظهر ارقام حرس الحدود ان العدد الكلي للاجئين السوريين، الذين عبروا الحدود من معابر شرعية، وسجلوا لدى الجيش منذ عام 2012 وحتى يوم الاربعاء الماضي، بلغ 536.788 الف سوري. فقد استقبلت المملكة نحو 400 الف لاجئ سوري عامي 2012 و2013، ودخلها 90 الف لاجئ عام 2014، بينما هناك 10.323 لاجئا فقط عبروا الحدود الى الاردن خلال عام 2015.

إغلاق الحدود
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، فان عدد المسجلين لديها في الاردن نحو 600 الف سوري، بينما تقول المملكة انها تستضيف 1.4 مليون سوري يشكلون 20% من عدد سكانها. ويعيش نحو 80% من اللاجئين السوريين في مدن وقرى الاردن خارج المخيمات، فيما يستقبل اكبرها، وهو مخيم الزعتري في المفرق، على بعد 85 كلم شمال-شرق عمان، نحو 80 الف لاجئ. ويعود تراجع اعداد اللاجئين السوريين الفارين الى الاردن بشكل رئيس خلال 2015 الى اغلاق عدد من نقاط العبور.

واوضح المهايرة انه في عامي 2011 و2012 كان هناك 45 نقطة عبور مفتوحة امام اللاجئين السوريين على حدود المملكة مع سوريا، والتي تمتد لنحو 378 كلم. اما الآن فهناك ثلاث فقط شرق المملكة. وخصصت نقاط عبور في شمال غرب المملكة قريبة جدا من المدن السورية، كدرعا، لنقل الجرحى، بحسب الجيش الاردني.

ونقاط العبور الثلاث المفتوحة تقع في الصحراء بعيدا جدا عن شبكة الطرق، ما يجعل رحلة اللاجئين السوريين اصعب، لكنها تتيح القول ان "حدود الاردن مفتوحة دائما" امام السوريين، وهو ما أكده المهايرة.

تفتيش دقيق
ويبدو ان هناك حدًا أقصى متفقًا عليه وغير معلن لعدد اللاجئين، الذين يسمح لهم بالعبور يوميا، وقبل ان ينقل من عبروا الحدود الى مخيمات اللجوء، يجري الجيش عملية تدقيق أمني لهم وبحرص شديد.

ويقول قائد لواء حرس الحدود الأول العميد الركن محمد السحيم للصحافيين في منطقة الرويشد (شرق المملكة) "نتحقق من هويتهم، ونفتش ما يحملون، ولدينا لجنة امنية تنفذ عملية التسجيل. ولا يمكننا ان ننجز ذلك لأكثر من 200 لاجئ في اليوم الواحد".

من جهته، يقول ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن آندرو هاربر، لوكالة فرانس برس "من الواضح ان المملكة تولي الأهمية القصوى لأمنها، ونتفهم ذلك لان الاردن في منطقة صعبة، وهناك متطرفون شمالا ومتطرفون شرقا". اضاف "نتفهم مخاوف الحكومة، وما نريده هو فقط ان يستطيع الأكثر حاجة الدخول الى المملكة (...) وان نضمن ألا يعاني اللاجئون على الحدود".

انتظار طويل
ويشير هاربر الى ان "عددا كبيرا من اللاجئين عالقون قرب الحدود الشرقية، ومعظم هؤلاء من الاطفال والنساء"، لكنه اوضح انه ليس هناك رقم محدد. ولم يكن بامكان الصحافيين خلال جولتهم، التي نظمها الجيش قرب الحدود، التحقق في ما اذا كان هناك لاجئون سوريون عالقين في الجانب السوري. لكن احد اللاجئين الواصلين للتو قال لوكالة فرانس برس انه اضطر للانتظار لثلاثة ايام قبل الدخول الى الاردن.

ويضيف علي الآتي من حلب مع زوجته وابنه، انه على الجانب السوري من الحدود "الوضع صعب جدا، لكن لدى وصولنا استقبلنا الجيش الاردني أفضل استقبال". وقتل ما يزيد على 240 الف شخص في النزاع في سوريا، الذي بدأ بتظاهرات احتجاجية سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في 15 اذار/مارس 2011 قبل ان يتحول الى حرب دامية ومتشعبة.
&