استطاعت القمة الدولية للجمعية العامة للأمم المتحدة، جمع القادة والزعماء الدوليين، ومنهم الرؤساء والقادة العرب، وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لقاءات عدة في مدينة نيويورك الأميركية مع نظرائه العرب، ومنهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وحيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، ومحمود عباس الرئيس الفلسطيني، كما عقد أيضاً لقاءات مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيس بنما.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال دبلوماسيون مصريون، إن المؤتمرات والاجتماعات الدولية، توفر فرصاً جيدة لعقد لقاءات بين مختلف الزعماء، حتى الذين لا ترتبط بلادهم بعلاقات وفاق، معتبرين أنها تسهم في تقريب وجهات النظر والتباحث في مختلف القضايا.

وفي محاولة منه لاستثمار القمة الدولية، للتغير المناخي في الأمم المتحدة لتعزيز علاقات بلاده بالدول الأخرى، ولاسيما الدول العربية الشقيقة، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقاءات عدة مع زعماء دوليين، ومنهم: رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.&

مصر والعراق

وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي نوّه إلى متابعة مصر باِهتمام التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة العراقية، معرباً عن الأمل في أن تساعد الإصلاحات التي اِتخذتها الحكومة على إعادة اللُحمة بين أبناء الشعب العراقي الشقيق، والمضي قدماً على طريق المصالحة الوطنية واستعادة أمن واستقرار العراق.

وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد استعراضاً لتطورات الأوضاع الاقليمية في عدد من دول المنطقة، ولاسيما في ما يتعلق بمكافحة تنظيم داعش الإرهابي. وفي هذا الصدد، أكد السيسي على دعم مصر للحكومة العراقية في جهودها المبذولة لمكافحة الإرهاب، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار ووحدة وسلامة العراق وسيادته على كامل أراضيه. كما شدد على أهمية دعم المؤسسات الشرعية للدولة العراقية، بما يساهم في تعزيز دورها للحفاظ على وحدة العراق والدفاع عن أراضيه، في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف النيل من شعبه ووحدته.

لقاء مع الملك عبدالله الثاني

كما التقى السيسي في نيويورك العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وقال المتحدث الرسمي باِسم الرئاسة بأن رؤى الزعيمين قد توافقت حول أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بما يضمن السلامة الإقليمية لسوريا ووحدة أراضيها ويصون مقدرات شعبها، كما يكفل مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.

وعلى الصعيد الفلسطيني، ندد الزعيمان بالانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى الشريف، معربين عن أهمية احترام المقدسات الدينية. وفي هذا الصدد، أشاد السيسي بالجهود المُقدرة التي يبذلها الأردن من أجل حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس الشريف. واتفق الجانبان على مواصلة جهودهما من أجل التوصل إلى سلام شامل ودائم في المنطقة، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

فرصة للتواصل

وتوفر المؤتمرات والاجتماعات الدولية فرصاً مهمة للتواصل بين الزعماء والرؤساء في العالم، والتباحث حول مختلف القضايا، وقال السفير محمود مصطفى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ "إيلاف" إن الرئيس السيسي حرص على لقاء أكبر عدد من الزعماء الدوليين ورؤساء الشركات والمنظمات الدولية، خلال حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً إلى أن هذه اللقاءات تعتبر أفضل أنواع الدبلوماسية وتوفر على الدول الكثير من النفقات التي يمكن أن تصرف على الزيارات المتبادلة.

ولفت إلى أن لقاء السيسي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أهم اللقاءات، لاسيما أن مصر حريصة على استقرار وأمن العراق، فضلاً عن اشتراك البلدين في الحرب ضد الإرهاب، ونوه بأن مصر تساهم بشكل جدي في حرب العراق ضد تنظيم داعش الإرهابي، موضحاً أنها تساعد العراق بالأسلحة والتدريب لعناصر الجيش العراقي، فضلاً عن الخبرات المصرية في هذا المجال. واعتبر أيضاً أن لقاءات السيسي مع العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني من اللقاءات العربية المهمة، لاسيما في ظل تعقد الأزمة الفلسطينية، واستمرار الإنتهاكات الإسرائيلية في القدس وبحق الفلسطينيين.

الإرهاب الخطر الأكبر

وبينما قال السفير عمر الحسيني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك ازمات لها صبغة دولية، تحتاج إلى تباحث بين مختلف الأطراف والإستماع إلى كل وجهات النظر، وهو ما يحرص عليه السيسي، أوضح لـ "إيلاف" أن الإرهاب يعتبر من أخطر وأكبر التحديات التي تواجه مختلف دول العالم، ويحاول السيسي بناء جبهة دولية ضد الإرهاب في أي مكان، ويحرص على نقل وجهة النظر المصرية إلى مختلف الزعماء الدوليين، والتنسيق معهم. وأشار إلى أن الأزمة السورية لها صبغة دولية أيضاً لإرتباطها بملف محاربة الإرهاب، لاسيما أنها تحولت إلى بؤرة ومنطلق للتنظيمات الإرهابية، فضلاً عن أزمة اللاجئين، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية.

واعتبر أن لقاءات السيسي مع الرؤساء والزعماء مهمة، وتظهر نتائجها بسرعة أكبر على جميع الأصعدة، ولاسيما الصعيد الاقتصادي.

والتقى هولاند

وعلى الصعيد الدولي، وفي اطار العلاقات المتنامية مع فرنسا، عقد السيسي في نيويورك لقاءً مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ووجه السيسي الشكر للرئيس الفرنسي على تيسير إتمام صفقة شراء مصر لحاملتيّ طائرات الهليكوبتر، من طراز "ميسترال".&

مشاريع تنمية مصر

واستعرض السيسي بعض ملامح البرنامج الاقتصادي لمصر، وما يتضمنه من مشروعات تنموية يجري تنفيذها، وما تتيحه من فرص استثمارية، وفي مقدمتها مشروع تنمية قناة السويس الذي يشمل إنشاء وتطوير عدة موانئ وإقامة منطقتين صناعيتين في شرق بورسعيد والعين السخنة، منوهاً إلى أن الاستثمار في هذا المشروع يوفر فرصاً واعدة للإنتاج والتصدير من مصر إلى الأسواق العربية والأفريقية. وأضاف السيسي أن مصر بصدد إنشاء العديد من المدن الجديدة، ومن بينها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين ومدينة الجلالة، مشيراً إلى رغبة مصر في إمداد هذه المدن بالطاقة المتجددة، ومنوهاً إلى اهتمامها بتنفيذ هذه المشروعات بالتعاون مع الشركات الفرنسية والأوروبية، وهو ما رحب به الرئيس الفرنسي، مشيراً إلى اعتزامه تشجيع الشركات الفرنسية على مزيد من العمل والاستثمار في مصر.

الأزمة السورية

وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، أكد السيسي على أهمية الحل السياسي، بما يوفر أرضية مشتركة للسوريين جميعاً لبناء سوريا الديمقراطية ذات السيادة على كامل أراضيها، وبما يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها، ويحترم تنوع مكوناتها ويصون انتماءها القومي. كما أكد على ضرورة تدارك أزمة اللاجئين والحيلولة دون تفاقمها، حيث يتعين البدء في جهود إعادة الإعمار عقب التوصل إلى تسوية سياسية بما يسمح بعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم ويشجعهم على الاستقرار فيه.

وفي الشأن الليبي، أكد الرئيس الفرنسي على أهمية العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية شرعية، بما ييسر التعاون مع الجانب الليبي، والعمل على توفير احتياجاته في شتى المجالات. وفي هذا الصدد، أكد السيسي دعم مصر لجهود مبعوث الامم المتحدة برناردينو ليون، لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وذلك بالتوازي مع أهمية مكافحة التطرف والإرهاب والحيلولة دون تدفق المال والسلاح إلى الجماعات الإرهابية المتواجدة هناك، وضمان عدم تحقيقها لأي مكاسب جراء تردي الأوضاع الأمنية. وشدد السيسي على أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، محذراً من مغبة إضاعة الوقت إلى حين انتهاء ولاية البرلمان الليبي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ومنوهاً إلى أهمية تمديد ولايته إلى حين إجراء انتخابات جديدة نزيهة وشفافة، فضلاً عن أهمية دعم الجيش الوطني الليبي ورفع حظر توريد السلاح المفروض عليه، ليتمكن من الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والدفاع عن الدولة الليبية.

&