القاهرة: قال الناشط السياسي محمود عفيفي، القيادي السابق بحركة 6 إبريل، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكل اجهزة الدولة غير مؤمنين بثورة يناير، أو مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، مشيراً إلى أن السيسي حاكم فرد يرى هذه المبادئ مجرد "شكليات".

وحمل عفيفي في الحلقة الأخيرة من مقابلته لـ"إيلاف" الرئيس المصري مسؤولية ما وصفه عن السلبيات التي وقعت بعد ثورة 30 يونيو 2013، ومنها سجن شباب الثورة، ودعم الثورة المضادة، وقتل شباب عزّل وتقييد الحريات. وذكر أن النظام الحالي يحاول "استدعاء الخوف واصطناعه، لتبرير أساليب قمعية جديدة مع الشباب المعارض للنظام، على حد قوله. واتهم عفيفي جماعة الإخوان المسلمين باستغلال الثورة، من أجل الوصول إلى السلطة، لافتاً إلى أن الجماعة عندما حكمت مصر من خلال الرئيس السابق محمد مرسي، لم تحقق أهداف الثورة، بل سعت لتحقيق أهداف خاصة.

في ما يلي نص الحوار كاملا:

هل ركبت جماعة الإخوان المسلمين ثورة يناير واستغلتها لمصلحتها؟
الإخوان حاولوا بكل الطرق أن يستغلوا الثورة من أجل مصلحتهم الشخصية، فقاموا بمفاوضة نظام مبارك عن طريق عمر سليمان، خلال الـ 18 يوماً، وقادوا فض ميدان التحرير يوم 11 فبراير، عقب تنحي مبارك، وتحالفوا مع المجلس العسكري في الفترة الانتقالية ضد شباب الثورة،& من اجل أن يضمنوا الوصول للسلطة بشكل سلس، وعندما وصلوا للسلطة لم يفعلوا أي شيء لنصرة الثورة، بل عملوا من أجل مصلحتهم الشخصية فقط.

تدفع جماعة الإخوان أنصارها نحو ثورة جديدة، ويروجون لها، ويحاولون استمالة تيارات أخرى إليها لتحقيق الهدف نفسه، لماذا تتباعد التيارات السياسية عن الإخوان، رغم الإجماع على تدهور الأوضاع حقوقياً وسياسيًا واقتصادياً؟&

جماعه الاخوان تعمل من أجل مصلحتها الشخصية فقط،&ولم تأخذ بالاً للأوضاع السياسية أو الاقتصادية. وأعتقد أنهم أبعد ما يكونون عن الخط الثوري النقي، الذي يأمل في تحقيق شعارات وأهداف ومبادئ الثورة وكفى دون أي اهداف شخصية، كالحديث عن عودة مرسي وهذا من درب الخيال.

هل أخطأت الجماعة في ادارة البلاد، أم وقعت ضحية مؤامرة، على حد مزاعمها؟
أخطأت بالطبع منذ التحاقها بالثورة، وهى تخطئ فى حق الثورة والوطن كثيرًا، منها محاولة التفاوض مع نظام مبارك ولقاؤهم بعمرو سليمان، وما فعلوه بعد التنحي بالتحالف مع المجلس العسكري ضد الثورة، والتفكير في الاستحقاقات الانتخابية قبل السعي لتحقيق اهداف الثورة وغيرها، مروراً بحكم مرسي والأخطاء الكارثية التي ارتكبوها وهم في قمة الحكم.

كيف ترى حالة الذعر لدى الأجهزة لأمنية والنظام السياسي من الذكرى الخامسة للثورة؟
أعتقد أنها محاولات لاستدعاء الخوف واصطناعه، وهذه أداة من ادوات الانظمة، التي ليس لديها ما تقدمه لشعبها ولتثبيت حكمها، سواء اصطناع الخوف لكي تعطي رسالة مفادها أن الوطن دائمًا مهدد، ووجودنا هو الأمل في حمايته، كما أنها مقدمات، لتبرير أساليب قمعية جديدة مع الشباب المعارض للنظام.

هل تعتقد أن النظام في قرارة نفسه متأكد من أنه لم يحقق اهداف الثورة، ويخشى خروج المصريين عليه؟ أم الخوف من انتقام الاخوان؟
هو بالطبع متأكد أنه بعيد تماما عن الثورة وأهدافها، ويعلم دائمًا أن الثورة مازالت تشغل وجدان وعقل الشعب المصري، ولكنه يحاول أن يروضها ويعمل على نشر الخوف والهلع في نفوس المصريين.

هل تعتقد أنهم تعرضوا للظلم بعد 3 يوليو 2013، وحتى الآن؟ أم أن ما يحصل لهم جزاء من جنس العمل؟
المبادئ لا تتجزأ، وبالتالي أنا ضد القتل على الهوية والسجن لمجرد الانتماء لفكر، وأنا ضد أي دم سال منهم من دون وجه حق، فموت كل من كان أعزل منهم ولم يحمل السلاح أو يتورط في عنف أو ارهاب، هو ظلم شديد، وكذلك من سجن منهم لمجرد إنه إخواني، أنا ضد الظلم بشكل عام.

هل بدأت الثورة نقية ثم تحولت إلى مؤامرة كما يروج البعض؟
الثورة ثورة شعب ناضل طوال السنين السابقة ضد مبارك ونظامه وحزبه، الثورة كانت ولا تزال أنقى وأعظم حدث قام به الشعب المصري في العصر الحديث، المؤامرة كانت ولا تزال ضد الثورة، وليس العكس وستظل ثورة يناير أمل كل مصري حر في التغيير وفي الحرية وفي العدالة الاجتماعية وستظل أيضا تؤرق كل فاسد وظالم ومستبد.

في الذكرى الخامسة للثورة، كيف ترى ثورة 30 يونيو، هل هي انقلاب على يناير، لاسيما أنك كنت واحدًا ممن دعوا إليها؟
الخروج على جماعة الاخوان كان مشروعًا من قبل الشعب المصري، ولا أندم على ذلك أبدًا، ولكن الأزمة كانت في ادارة ما بعد 30 يونيو، التي أعادت رموز النظام الأسبق للمشهد، وسجنت شباب الثورة، ودعمت الثورة المضادة، وقامت&بقتل شباب عزّل وقيّدت الحريات، كل تلك الأفعال بالطبع مسؤول عنها السيسي وادارة ما بعد 30 يونيو وليست 30 يونيو نفسها.

هل تعتقد أن ما حصل منذ 11 فبراير 2011، ليلة تنحي مبارك، وحتى الآن مخطط له في أروقة المخابرات والأجهزة الأمنية، كما يعتقد البعض؟&&
من الوارد جدًا أن يكون حقيقيًا، لكن لا أملك معلومة مؤكدة، إلا أنه لا يخفى على أحد أن الاجهزة الامنية تلعب دوراً كبيراً في إدارة الاحداث والدولة منذ تنحي مبارك.

لماذا الإصرار على غسيل سمعة مبارك ونظامه، رغم أن القضاء أدانه بالفساد؟
&لأن أصحاب المصالح من الفاسدين الذين قامت الثورة ضدهم يسيطرون على المشهد حاليًا بمساعدة النظام الحاكم، وبالتالي من مصلحتهم تشويه الثورة بكل الطرق.

هل تعتقد أن الحكومة غير جادة في استعادة الأموال المهربة، لاسيما أن النائب العام السويسري بادر بالحضور إلى القاهرة، رغم أنه من المفترض أن يذهب إلى هناك النائب العام المصري؟
طبعًا غير جادة، وهناك مماطلات واضحة لأسباب خفية، ولو كانوا جادين لكانت أولى أن تكون تلك التحركات اقوى من ذلك بكثير.

أيهما أولى للمصريين الآن، الأمن والاستقرار أم الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير؟
النظام والاعلام حاولا كثيرًا أن يقنعا الشعب بأن الأمن والاستقرار متضادان مع فكر الحرية والديموقراطية، وهذا غير صحيح على الاطلاق، فمشروع الثورة كان قائمًا على ضرورة وجود الحرية والديموقراطية فى مناخ آمن مستقر، وبالتالي الأفضل لمصر هو تحقيقهما معًا، فالثورة ليست ضد الأمن والاستقرار، بالعكس وجود الأمن والاستقرار ضروري، لتحقيق الحرية والديموقراطية، ولكن المستفيد هو من يحاول أن يجعلهما متضادين.

برأيك، هل الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً لا يؤمن بثورة يناير، رغم أنها نقلته من جنرال مغمور إلى رئيس أكبر دولة عربية، وزعيم معروف دولياً؟
أعتقد طبعًا أن السيسي وكل اجهزة الدولة غير مؤمنة بثورة يناير، لأنهم يميلون إلى الفكر المحافظ، وبالتالي لا يريدون التغيير الجذري، الى جانب أن الحديث عن الثورة شيء وما يتم فعله على أرض الواقع شيء آخر، وأرى أن ما يتم فعله على أرض الواقع مضاد تمامًا لفكر الثورة.

ماذا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، هل تراه غير مؤمن بها أيضاً؟
السيسى مثله مثل كل الرؤساء السابقين لمصر يفضل حكم الفرد، وبالتالي لا يؤمن بالديموقراطية ولا حقوق الانسان هي بالنسبة له شكليات لا أكثر.

كيف ترى أداء البرلمان الحالي؟
برلمان يمثل المرحلة، فهو أشبه بالسيرك ولا يليق أبدًا بثورات الشعب المصري ولا بطموحه، وحتى نوابه لا يعبرون عن الشعب المصري بفئاته المختلفة، وللأسف هذا هدف النظام الحالي والسابق والأسبق أن يكون البرلمان جزءًا من السلطة التنفيذية وأداة من أدواته، وليس سلطة مستقلة تعمل على مراقبة أداء الحكومة وتشريع القوانين التي ترتقي بالشعب المصري وتحقق أهدافه وطموحاته.

يحذر الرئيس ومؤيدوه المصريين من مصير سوريا والعراق وليبيا، في اعتقادك، هل الاستبداد هو ما أوصل هذه البلاد إلى هذا المصير أم الثورات؟
&بالطبع من تشبث بالسلطة على جثث الآلاف من شعبه وبحور الدماء ومن حوّل بلاده إلى مليشيات طائفية ومن أغلق المجال العام وسجن وعذب واعتقل هو سبب رئيسي في كل ما حدث، ولكنني لا أتمنى على الاطلاق أن تصل مصر لهذه المرحلة، وأعتقد إننا بإمكاننا تفادي كل ذلك مع ضرورة التمسك بثورة يناير ومبادئها وسلميتها التي اشاد العالم كله بها. كما إنني اتمنى أن تخرج سوريا وليبيا والعراق واليمن من ازماتها واوضاعها المحزنة حالياً، لتفوق على تحقيق العدل والحرية وسيادة كلمة الشعب وأن يعودوا من جديد بلاداً موحدة وتخرج المنطقة كلها من أزماتها.

المتشائمون يرون أن مصر تسير نحو المصير نفسه، بسبب ما يعتقدون أنه شروخ في البنيان الاجتماعي للبلاد، وحالة الانقسام والاحتقان بين بعض فئاته، بينما يرى المتفائلون أن مصر مقبلة على عصر من التنمية والاستقرار، أي مصير تتوقع لمصر؟
لدينا جميعًا مخرج رائع نتمسك به وهو العودة لمبادئ وأهداف ثورة يناير، والتمسك بها وخروج المعتقلين وكل المظلومين الذين تكتظ بهم السجون، ومحاسبة الفاسدين، وكل من تسبب فى عنف أو دماء والبدء من جديد على أرضية الثورة. ورغم كل شيء أنا متفائل بالقادم، وأثق أن ثورة يناير ستنتصر وتحقق أهدافها من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية. كما أن النظام يجب عليه الحفاظ على القنوات السلمية في التعبير عن الرأي، حتى لا تنزلق البلاد للعنف، وهو ما قد يؤدي لمصير سوريا والعراق. واجب النظام حماية أي تظاهرة سلمية وليس قمعها.