اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية اليوم ثلاث "ميليشيات" عراقية تقاتل ضمن قوات الحشد الشعبي بارتكاب جرائم حرب وقالت إنها استخدمت الأسلحة الإيرانية والأميركية المقدمة للعراق في جرائمها.. فيما أكدت أن تنظيم داعش ارتكب العديد من الأعمال الوحشية بينها عمليات إعدام جماعية وتفجيرات عشوائية.

لندن: قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في التقرير العالمي لعام 2016 إن قوات الأمن العراقية والميليشيات الموالية للحكومة ارتكبت جرائم حرب محتملة خلال عام 2015 في حربها ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" المتطرف المعروف أيضا باسم داعش من خلال هدم المباني بطريقة غير شرعية في المناطق التي أعادت السيطرة عليها وتنفيذ عمليات إخفاء قسري ضد السكان.

وأشارت المنظمة في تقريرها الذي اطلعت على نصه (إيلاف) الاربعاء ان إيران والولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، وغيرها من البلدان قدمت دعما عسكريا للحكومة العراقية على الرغم من استمرار غياب مساءلة ذات مصداقية للمسؤولين عن هذه الجرائم. واكدت ان تنظيم داعش ارتكب العديد من الأعمال الوحشية بما في ذلك عمليات إعدام جماعية وتفجيرات عشوائية.

نظام العدالة العراقي لايتوفر على مساءلة

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ترتكب كل من الميليشيات التابعة للحكومة العراقية وداعش فظائع ضد المدنيين بدعم واضح من قادتهم ولكن ما يجعل الأمور تسوء أكثر هو أن نظام العدالة العراقي لا يتوفر على أي شكل من أشكال المساءلة".

وفي هذا التقرير العالمي الصادر في 659 صفحة في سنته السادسة والعشرين تستعرض هيومن رايتس ووتش ممارسات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة وفي مقدمه يتناول المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث انتشار الهجمات الإرهابية خارج الشرق الأوسط وتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة بسبب القمع والنزاعات ما نتج منه تضييق على الحقوق من قبل عديد من الحكومات في جهود مغلوطة يُعتقد أنها ستحمي أمنها.

وأشار إلى أنّه في الوقت نفسه فقد شنت حكومات استبدادية في شتى أنحاء العالم بسبب خوفها من المعارضة السلمية التي كثيرا ما تضخمها وسائل التواصل الاجتماعي أشرس حملة ضدّ المنظمات المستقلة في الآونة الأخيرة.

جرائم داعش وميليشيات الحشد

وأضافت المنظمة ان تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن تفجيرات عدة في مناطق متفرقة من العراق وأشارت إلى أنّه كثيرا ما أعدم التنظيم أشخاصا بأساليب قاسية ومؤلمة للغاية مثل الحرق والاغراق والصعق بالكهرباء والرجم..وقالت إن داعش يُجند الأطفال لتنفيذ عمليات انتحارية وإعدامات.

وأضافت هيومان رايتس ووتش ان ميليشيات، أغلبها شيعية تقاتل داعش بدعم من الحكومة العراقية، مثل "فيلق بدر"، و"عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله" قد ارتكبت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لا سيما من خلال هدم المنازل والمحلات التجارية في المناطق السنية المستعادة.

وأوضحت انه بعد استعادة تكريت في آذار (مارس) عام 2015، أحرقت وفجرت قوات الميليشيا مئات المباني ودمرت أجزاء كبيرة من أحياء الدور، وأبو عجيل، وجنوب العلم كما اختطفت قسريا نحو 200 رجل وطفل... فيما جندت هذه الميليشيات الشيعية أيضا، ودربت، واستخدمت أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما.

وجرائم لقوات البيشمركة أيضا

واتهمت هيومن رايتس ووتش قوات البيشمركة في حكومة اقليم كردستان ايضا بتنفيذ أو الفشل في منع عمليات هدم لمنازل سكان عرب، ونهبت المتاجر في المناطق التي استعادتها من داعش. وأشارت إلى أنّ المحاكم العراقية لم تحقق سوى قدر ضعيف من المساءلة، بل وفرت حصانة لأشخاص مسؤولين عن عمليات اغتيال واختفاء وانتهاكات جسيمة لقوانين الحرب.

وقالت انه في تموز (يوليو) عام 2015 حاكمت المحكمة الجنائية المركزية في العراق 28 شخصا لمشاركتهم في مجزرة داعش في حزيران (يونيو) عام 2014 ضد 1700 طالب عسكري شيعي وبعد المحاكمة، التي استمرت بضع ساعات فقط، حكمت المحكمة على 24 منهم بالإعدام، على الرغم من أن المتهمين قالوا إن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت التعذيب وأنهم لم يستطيعوا اختيار محامي الدفاع.

واوضحت انه في حالة واحدة حاسبت المحاكم ميليشيات شيعية وحكمت على عدد غير معلوم من المتهمين بالإعدام بسبب مذبحة 30 مصليا سنيا في اب (أغسطس) الماضي.

الميليشيات استخدمت أسلحة إيرانية وأميركية

وأضافت المنظمة الحقوقية الدولية ان إيران قدمت للعراق مستشارين وأسلحة للقتال في العراق فيما ظلت الولايات المتحدة أكبر مزود للمعدات العسكرية للعراق، كما دعمت بغداد بالتدريب والاستخبارات والمستشارين.

وقد استخدمت الميليشيات العراقية المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان أسلحة الولايات المتحدة وإيران في عملياتها. وحذرت من ان قانون إقرار الدفاع الوطني الأميركي يشدد "FY16" على التزامات وزارة الدفاع بأن تقدم تقارير عن المساعدات الأمنية للحكومة العراقية.

وقالت المنظمة ان الاتحاد الأوروبي قد أشار في تقريره السنوي حول الرقابة على الصادرات لعام 2014 إلى 3 حالات رُفض فيها منح تراخيص للعراق على أساس قلق بشأن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دون تقديم مزيد من المعلومات.

وقال جو ستورك "من واجب الحكومات التأكد من أن لا يتسبب الدعم العسكري الذي تقدمه في انتهاكات لحقوق الإنسان. وعلى الحكومة أن تكون شفافة في ضمان عدم استخدام هذا الدعم في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في العراق".

يذكر أنّ تحالف القوى العراقية قدم مطلع الاسبوع الحالي طلبا رسميا إلى بعثة الأمم المتحدة لتوفير الحماية الدولية للمكون السني في محافظة ديإلى شمال شرق بغداد. وأعلن التحالف أن الطلب بالحماية الدولية جاء بعد فشل الحكومة العراقية في توفير الحماية للمواطنين من أبناء المكون السني في المحافظة واستمرار جرائم وانتهاكات الميليشيات المتنفذة ضدهم.