بروكسل: يسعى قادة الاتحاد الاوروبي خلال قمتهم الخميس في بروكسل الى تجاوز انقساماتهم واعتماد استراتيجية مشددة اكثر للتعامل مع روسيا مع تلويح بفرض عقوبات عليها على خلفية دورها في سوريا.

وفيما دخلت الهدنة الانسانية التي اعلنت عنها روسيا في مدينة حلب في شمال سوريا حيز التنفيذ عند الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (05,00 ت غ)، يتوقع أن يعمد الاتحاد الاوروبي الى "التنديد بشدة" بموسكو والدعوة الى وقف دائم للاعمال القتالية التي تحاصر قوات النظام السوري احياءها الشرقية.

وجاء في مسودة اتفاق حصلت عليها وكالة فرانس برس ان كل الخيارات ممكنة "بما يشمل عقوبات اضافية تستهدف الجهات الداعمة لنظام" الرئيس السوري بشار الاسد.

وتطرق نص سابق اعتمده وزراء خارجية الدول الاعضاء مساء الاثنين الى عقوبات جديدة محتملة ضد "سوريين" يدعمون نظام بشار الاسد. ولم تعد الاشارة الى الجنسية السورية موجودة في مسودة الاتفاق، ما يعني عمليا عدم استبعاد القمة فرض عقوبات على الروسن الداعمين الاساسيين لنظام الرئيس بشار الاسد.

وذكر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بعد محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الخميس في برلين عشية القمة انهما لا يستبعدان عقوبات على روسيا.

وقال هولاند "كل ما يمكن ان يكون بمثابة تهديد يمكن ان يكون مفيدا"، في حين اعتبرت ميركل انه "لا يمكننا ان نحرم نفسنا من هذا الخيار".

في المقابل، أشار هولاند وميركل الى حصول تقدم في الازمة الاوكرانية التي كانت وراء تدهور العلاقات بين روسيا والغرب الى ادنى مستوياتها قبل سنتين والتي استدعت فرض عقوبات اوروبية على موسكو.

وسيبحث قادة الدول ال28 سياستهم الطويلة المدى حول روسيا الى طاولة عشاء خلال القمة لكن الانقسامات حول مدى التشدد مع روسيا تبقى واضحة.

كما ستطرح خلال القمة مسألة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي مع حضور رئيسة الوزراء تيريزا ماي للمرة الاولى، فيما يبحث القادة ايضا مواضيع تثير انقساما مثل ازمة الهجرة والاتفاقية التجارية المثيرة للجدل مع كندا.

وقال رئيس الاتحاد الاوروبي دونالد توسك الاربعاء "حتى الان وبغض النظر عن خلافاتنا، بقينا متحدين ويجب ان نبقى كذلك" بالنسبة للتعامل مع روسيا.

"كارثة" في حلب

وتزامن توقيت دخول الهدنة في حلب حيز التنفيذ مع القمة الاوروبية، ما يعكس ربما كيف يلعب الكرملين على ورقة الانقسامات في اوروبا. ويظهر الانقسام خصوصا بين دول شرق اوروبا التي تتخوف من وجود روسيا قرب حدودها ودول بقيادة ايطاليا واليونان التي تتخوف من خسارة شريك تجاري مهم.

وسيصدر قادة الاتحاد الاوروبي بيانا يدينون فيه "بشدة الهجمات التي يشنها النظام السوري وحلفاؤه وخصوصا روسيا على المدنيين في حلب"، داعيا الى "وقف فوري للاعمال القتالية" للسماح بايصال المساعدات الانسانية الى المدنيين "من دون عائق".

وقال مسؤول حكومي ألماني "هذه القمة، وكما قال توسك، لن تتخذ قرارات، ما يعني انها لن تستبعد اي خيارات عن الطاولة". ويفرض الاتحاد الاوروبي حاليا عقوبات اقتصادية واسعة على روسيا بسبب النزاع الاوكراني اتخذت بعد اسقاط الطائرة الماليزية فوق الاراضي الخاضعة للمتمردين الموالين لروسيا في شرق اوكرانيا عام 2014.

وسيبحث القادة الاوروبيون تمديدها لستة اشهر إضافية خلال القمة المقبلة في ديسمبر.

وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الاوروبي ان الغضب من دور روسيا في "الكارثة" الجارية في حلب يعني "ان اي اتجاه للعودة الى العقوبات الاوكرانية قد تبدد الى حد ما".

وسيبحث قادة الاتحاد الاوروبي ايضا مع رئيسة الوزراء البريطانية خططها بالنسبة لتفعيل آلية خروج بريطانيا من الاتحاد، وكذلك اتفاقات مساعدة دول افريقية على مواجهة اسوأ ازمة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية.

خطة حوار اقليمي

وعرضت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على دول الاتحاد الأوروبي الـ28 خطة لفتح "حوار" مع القوى الاقليمية والتمهيد لعملية انتقال سياسي وإعادة البناء في سوريا.

وجاء في وثيقة عمل وزعتها موغيريني على الدول الـ28 وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها الأربعاء أنها "تقترح في سياق المجموعة الدولية لدعم سوريا بدء حوار مع الشركاء الإقليميين الأساسيين" من أجل مباشرة درس العواقب التي ستترتب عن عملية انتقال سياسي.

ويجب أن يشمل هذا الحوار وفق الوثيقة السعودية وإيران وتركيا، و"ربما أطرافا اقليميين لديهم مصلحة مباشرة و/أو نفوذ بالنسبة لمستقبل سوريا".

كما دعت إلى أن تشمل المحادثات استطلاع ما يمكن لمختلف الأطراف الاقليميين رغم خلافاتهم "القيام به للشروع في التحضير لعمليتي مصالحة ما بعد النزاع وإعادة إعمار ناجحتين في سوريا".

وتشدد الوثيقة على "ضرورة تفادي تفكك سوريا الى دويلات نتيجة الحرب الأهلية، وذلك للسماح بهزيمة داعش والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة السورية مع درجة من المركزية الإدارية إذا أمكن".

ويندرج هذا النص في سياق الاستخلاصات التي تم إقرارها خلال الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الدول الـ28 في 17 اكتوبر في لوكسمبورغ.