منذ بداية الانتخابات الأميركية، بدا واضحًا جدًا أن نظام الرئيس السيسي يميل إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، على حساب منافسته هيلاري كلينتون، وكان العداء لجماعة الإخوان المسلمين والحرب على الإرهاب نقطتي الالتقاء بين الطرفين.

إيلاف من القاهرة: ليس أدل على ذلك من أن السيسي كان أول رئيس يتصل بترامب لتقديم التهنئة إليه بعد إعلان فوزه بالرئاسة الأميركية، وأبدت الحكومة ومسؤولون مصريون وبرلمانيون تفاؤلًا كبيرًا بالرئيس الجديد، على العكس من غالبية الحكومات العربية والغربية.

لن تستفيد
غير أن قراء "إيلاف" لا يتوقعون حصول مصر على أية امتيازات أو مكاسب خلال رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأميركية. وأظهرت نتائج استفتاء "إيلاف" الأسبوعي، أن القرّاء لا يتوقعون حصول مصر على أية مكاسب أو امتيازات خلال تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية.

وكانت "إيلاف" طرحت السؤال الآتي على القرّاء: "هل تتوقع حصول مصر على امتيازات في عهد ترامب؟، نعم أم لا". شارك 1395 قارئًا في الاستفتاء، وقالت الغالبية، وتقدر بـ803 قرّاء، بنسبة 58 بالمائة من المشاركين، إن مصر لن تحصل على أية امتيازات من الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب.

وتوقعت أقلية تقدر بـ592 قارئًا، بنسبة 42 بالمائة من إجمالي المشاركين، أن تستفيد مصر من رئاسة ترامب، اعتمادًا على الإشادة المتبادلة بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووجود نقاط التقاء في ما يخص الحرب على الإرهاب وحظر جماعة الإخوان المسلمين.

مواقفهما من الإرهاب
أثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أميركا في شهر سبتمبر الماضي، عقد لقاءين منفصلين مع المرشحين للإنتخابات الرئاسية، هما دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، وبدا واضحًا أن هناك ميلًا مصريًا نحو ترامب، ونفور من كلينتون، على خلفية إظهار الأول عداءه لجماعة الإخوان وإشادته بالسيسي، وميل الأخرى إلى الجماعة، وإبدائها ملاحظات حول ملف حقوق الإنسان والحريات في مصر.

على عكس موقفه المتشدد من الأنظمة العربية، لاسيما الخليجية منها، أشاد ترامب بنظام حكم السيسي، واعتبره شريكًا في الحرب على الإرهاب، وتعهد بالتعاون معه، بل وأشاد بشخصية الرئيس المصري نفسه، وتعهد بإقرار قانون لحظر جماعة الإخوان المسلمين.

لم يكن غريبًا أن يكون السيسي أول المهنئين لترامب، وقال بيان رئاسي: "تتوجّه جمهورية مصر العربية بالتهنئة إلى الشعب الأميركي الصديق بمناسبة استكمال الاستحقاق الانتخابي الرئاسي بنجاح، متمنية دوام الرخاء والاستقرار والتقدم لشعب الولايات المتحدة الأميركية".

أضاف أنه "انطلاقًا من العلاقة الاستراتيجية الخاصة التي جمعت بين مصر والولايات المتحدة الأميركية على مدار عقود كبيرة مضت، وإيمانًا بالدور المهم والأهداف المشتركة التي تحققها وتصونها تلك العلاقة في دعم استقرار منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحماية مصالح شعوب هاتين المنطقتين، فإن جمهورية مصر العربية تتطلع إلى أن تشهد فترة رئاسة الرئيس دونالد ترامب ضخ روح جديدة في مسار العلاقات المصرية - الأميركية، والمزيد من التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الشعبين المصري والأميركي، وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما فى ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها".

حظر الإخوان
بينما يرى خبراء سياسيون أن مصر قد تحصل على مكاسب عدة، أهمها حظر جماعة الإخوان المسلمين، وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا في أميركا، والدعم في الحرب ضد الإرهاب.

ووفقًا لرأي الدكتور محمد عبد السلام الخبير السياسي، فإن السياسة الخارجية الأميركية يتحكم فيها بالأساس أربع مؤسسات هي البيت الأبيض، ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، إضافة إلى الكونغرس.

أضاف لـ"إيلاف" أن تصريحات ترامب أثناء الحملة الإنتخابية حملت الكثير من الإعجاب بالرئيس عبد الفتاح السيسي، لاسيما في ما يخص طريقة التعامل مع التنظيمات الإرهابية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن هذه النقطة ساهمت في تقارب الطرفين في وجهات النظر.

ولفت إلى أن الاستفادة التي قد تحصل مصر عليها أثناء رئاسة ترامب، تتمثل في إصدار قانون يحظر عمل جماعة الإخوان المسلمين في أميركا، وتصنيفها جماعة إرهابية، متوقعًا أنه في حال إصدار مثل هذا القانون، أن تسير دول غربية أخرى على النهج الأميركي، وتحظر الإخوان.

العهد الأسوأ
وأشار إلى أن العلاقات المصرية الأميركية شهدت أسوأ حالاتها في عهد الرئيس باراك أوباما، لاسيما في أعقاب تدخل الجيش بقيادة السيسي، لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 يوليو 2013، ما اعتبرته الإدارة الأميركية انقلابًا عسكريًا، وجمدت المساعدات العسكرية لمصر، منوهًا بأن العلاقات في ظل إدارة ترامب سوف تشهد تحسنًا وحيوية، مما يسهل العمل على غالبية الملفات بين البلدين، ومنها الحرب على الإرهاب، والملف الاقتصادي، والمساعدات المالية والاستثمارات الأميركية في مصر.

ووفقًا للسفير مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية السابق، فإن العلاقات الجيدة بين رؤساء الدول تفتح الكثير من المجالات أمام التعاون المشترك. وأضاف لـ"إيلاف" أن العلاقات بين السيسي وترامب جيدة، وتبشّر بالخير في الكثير من المجالات، مشيرًا إلى أن مصر لديها الكثير من الملفات المشتركة مع أميركا، منها عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومكافحة الإرهاب في المنطقة، والاقتصاد والمساعدات العسكرية والمالية.

ولفت إلى أن هذه الملفات تعاني من حالة جمود منذ شهر يوليو 2013، بعد عزل جماعة الإخوان من الحكم، وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا، متوقعاً أن تتحسن تلك العلاقات، ويتم ضخ استثمارات أميركية في مصر، ودعمها في مجال الحرب على الإرهاب، وحظر جماعة الإخوان دوليًا، مما يسهم في تقليم أظافرها والقضاء عليها تمامًا في مصر.

نسف.. لا احتواء
وفي أول تصريح له، بعد إعلان نتائج الإنتخابات، قال وليد فارس، مستشار ترامب، إن "الرئيس الجديد سيمرر مشروع اعتبار تنظيم الإخوان المسلمين جماعة إرهابية".

وأضاف فارس أن "المشروع ظل معلقًا داخل الكونغرس لأعوام عدة بسبب عدم تصديق البيت الأبيض عليه، نظرًا إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان يدعمهم"، على حد قوله. وذكر فارس أن "ترامب يرى أن الإخوان المسلمين من أخطر الجماعات التي تغذّي الفكر المتطرف. لذا، فهو يريد توجيه ضربة عسكرية إلى التنظيم الإخواني، وليس احتواءه سياسيًا، مثلما فعل أوباما وهيلاري كلينتون".

على الجانب الآخر، ترى جماعة الإخوان أن تهديدات ترامب قد لا ترى النور. وقال نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، إن "إقدام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على اتخاذ قرار بتصنيف الجماعة على "قوائم الإرهاب" الأميركية، قرار لا نرجوه ولا نخشاه".

وأضاف منير أن "أي رئيس أميركي محكوم بسلطات ونظم وأجهزة أخرى تعمل وتكون مساهمة في إصدار أي قرار"، مشيرًا إلى أن "قرار وضع الجماعة على قوائم الإرهاب محاولة تخويف تصدر غالبًا ممّن يتمنونه، ولكن أتصور أن سياسة دولة كأميركا ليست من السهل على أي رئيس لها أيًا كان أن ينفرد بقراراتها"، على حد قوله.