كشف النقاب عن قيام هيئة مكافحة الجريمة في بريطانيا بالتحقيق مع منشق معارض سعودي بتهمة تلقي أموال من نظام العقيد الليبي معمّر القذافي لاغتيال العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز.

لندن: قالت تقرير لصحيفة (أندبندنت) اللندنية، اليوم السبت، إنه تم استجواب المنشق السعودي المقيم في بريطانيا منذ العام 1994، بتهمة التهرب الضريبي، في سعي إلى حرمانه من 600 ألف جنيه، يشتبه في &أنه تلقاها من الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، مقابل مشاركته في مخطط لاغتيال الملك عبد الله، قبل اعتلاء الأخير عرش السعودية رسميًا، وذلك بالتعاون مع المنشق الآخر سعد الفقيه.

وبحسب الصحيفة، فإن شرطة سكوتلانديارد كانت فتحت تحقيقًا في العام 2014 مع محمد المسعري (69 عامًا) بتهمه حصوله على أموال من نظام القذافي في العام 2004 لتنفيذ محاولة اغتيال الملك عبد الله، الذي كان يشغل منصب ولي العهد آنذاك، وهي الاتهامات التي ينفيها المسعري.

وكان المخطط تمثل في إطلاق صاروخ على سيارة ولي العهد السعودي آنذاك عبد الله بن عبد العزيز، في العام 2003. وهو كان أثار صدامًا كلاميًا بين الملك الراحل والرئيس الليبي الراحل خلال قمة شرم الشيخ العام 2003، حيث اتهم ولي العهد السعودي القذافي حينها بالكذب.

تهرب ضريبي
وتقول الصحيفة البريطانية إنه رغم أن شرطة سكوتلانديارد أسقطت الاتهامات بحق المسعري، إلا أن هيئة مكافحة الجريمة تحقق مع المسعري بتهمة التهرب الضريبي.

وكانت السلطات البريطانية ألقت القبض على أميركي يدعى عبد الرحمن العمودي، وهو كان شغل منصب مستشار الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، قبل اتهامه بتمويل تنظيم (القاعدة) الإرهابي، في مطار هيثرو الدولي، في العام 2003، وبحوزته 336 ألف دولار.

ويقول تقرير (إندبندنت) إن العمودي قال للمحققين في حينه إنه كان شاهدًا على الاتصالات التي جمعت بين محمد المسعري، الذي يحاضر في الفيزياء في (كينغز كوليدج) وجراح سعودي يحمل اسم سعد الفقيه بعدد من رجال الاستخبارات الليبية. وتنقل الصحيفة عن المسعري نفيه للاتهامات، ووصفه إياها بالسخيفة.

العمودي يعترف
يضيف التقرير إن العمودي اعترف حينذاك بتورطه في خطة اغتيال الملك عبد الله، فحكم عليه بالسجن لمدة 23 عامًا. وكشف العمودي للمحققين أن المسعري والفقيه متورطان أيضًا في القضية، مشيرًا إلى أنه كان اجتمع معهما في لندن، وسلمهما حوالى مليون دولار، مقابل قيامهما بإيجاد أشخاص لتنفيذ الهجوم على سيارة الملك عبد الله.

كما ذكر العمودي أنه عرف المسعري على رئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، موسى كوسا، الذي قدم الأسلحة إلى المسعري، وأكد له أن ولي العهد السعودي عبد الله كان هو الهدف الأساس. وأكد العمودي أن "المسعري كان سعيدًا لطلب القذافي اغتيال ولي العهد عبد الله، وقال إنه أمر ممكن تحقيقه، لكن بصعوبة".

اعتقال محمد اسماعيل&
وحسب العمودي، فإن العقيد محمد إسماعيل، الضابط السابق في المخابرات الليبية، كان سافر إلى مكة المكرمة، في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2003، لدفع مليوني دولار لمن اختيروا لتنفيذ المهمة، إلا أن السلطات السعودية ألقت القبض عليهم. أما إسماعيل، فهرب إلى مصر، ثم تم توقيفه وترحيله إلى السعودية، حيث اعترف بدوره في مخطط الاغتيال، لكنه حصل على عفو ملكي في العام 2005، وهو يعيش حاليًا في قطر.

المسعري ينفي&
إلى ذلك، قالت (إندبندنت) إن المسعري نفى نفيًا قطعًا تورطه في القضية، واصفًا الاتهامات بالهراء، وقال: "إعتقدت أن ما يريدونه هو إغلاق القضية، لكن الآن أظن أن لديهم (لدى المحققين) دوافع سياسية".

من جانبه، قال الفقيه تعليقًا على الأمر: "أنا على علم بأن السعوديين قد أبلغوهم (الشرطة البريطانية) بتلك الشبهات، لكنهم تجاهلوا المعلومات أو غضوا النظر عنها طوال عشرة أعوام"، وأعرب عن تأكده من قناعة الشرطة البريطانية بأن تلك الشبهات غير صحيحة.

يشار إلى أنه بعد تفجيرات لندن في تموز (يوليو) 2005 طالب أعضاء في البرلمان البريطاني بإيقاف بث إذاعة التجديد الإسلامي التي يشرف عليها المسعري، والتي كانت تحضّ على قتل الجنود البريطانيين في العراق، والتي أذاعت كلمة مسجلة لأبي مصعب الزرقاوي.&

بينما طالب آخرون بترحيله، لكن غياب القوانين، التي تمنع ممارسات المسعري، أعاقت أي إجراء عملي، وفي وقت لاحق أغلق المسعري الأجزاء التي سببت الجدل من موقعه، وقال إن الموقع كان ضحية "اغتيال حرية التعبير".&

دور بريطانيا
يذكر أن بريطانيا كانت كشفت في العام 2008 عن دورها في إحباط مخطط اغتيال الأمير (الملك) عبدالله بن عبد العزيز العام 2003، وجاء الكشف على لسان أحد كبار الضباط في قسم مكافحة "الإرهاب"، وهو المحقق مارك هولمز، رئيس وحدة التحقيقات المالية للجماعات "الإرهابية" في بريطانيا.&

وكان هولمز قال إن مسؤولين في وحدته تمكنوا من القبض على رجل في السادس عشر من آب (أغسطس) العام 2003، بينما كان يحاول تهريب أكثر من 330 ألف دولار أميركي نقدًا في مطار هيثرو الدولي في لندن أثناء التوقف به خلال رحلته من الولايات المتحدة إلى سوريا.

إطلاق سراح العمودي
وقال هولمز إن الشرطة صادرت الأموال، ولكنها أطلقت سراح الرجل، وهو عبدالرحمن العمودي، وهو أريتري المولد، يحمل الجنسية الأميركية، ويبلغ من العمر 52 عامًا.&

وكانت وكالة (آسوشيتد برس) قالت في تقرير لها آنذاك إن الشرطة البريطانية عرفت أن العمودي كان ينوي إعطاء الأموال إلى أحد السعوديين المنشقين للمساعدة على تمويل مخططات اغتيال ولي العهد السعودي آنذاك.&

وكشف المسؤول الأمني البريطاني أن العمودي قدم مبلغًا آخر من المال يقدر بنحو 70 ألف دولار إلى أحد الأشخاص في لندن، غير أن هذا الشخص لم يكن يعرف ماذا يفعل بهذه الأموال.

تورط ليبيا&
وأشار هولمز إلى أن المسؤولين البريطانيين كانوا قدموا معلومات إلى المسؤولين الأميركيين ساعدت في القبض على العمودي، الذي أسس ما يسمى "المجلس الإسلامي الأميركي".

أضاف الضابط الأمني: وأثناء محاكمة العمودي برز مخطط اغتيال الملك عبدالله، وعلاقة ليبيا بذلك، حيث اعترف بتلقيه مئات الآلاف من الدولارات من كبار المسؤولين الليبيين أثناء قيامه بدور الوسيط بينهم وبين منشقين سعوديين.

وتوصل العمودي إلى اتفاق مع السلطات القضائية، وافق بموجبها على الإقرار بالذنب في ثلاثة اتهامات تتعلق بانتهاكات ضريبية، وأخرى مرتبطة بقانون الهجرة.&

وكان العمودي قال إنه دعي إلى العاصمة الليبية، حيث طلب منه مسؤولون ليبيون، لا يعرف هويتهم، تعريفهم بالمعارضين السعوديين، القادرين على خلق "المتاعب" للسلطات السعودية.

بيان البنتاغون&
وكان بيان سابق لوزارة الدفاع الأميركية (البتاغون) العام 2004 ورصدته "إيلاف" في حينه، قال: "إن عبدالرحمن العمودي - الحاصل على الجنسية الأميركية - اعترف أمام محمكة فيدرالية أميركية في الكسندريا (فيرجينيا - شرق) بثلاث تهم جنائية، لها علاقة بأنشطته في الولايات المتحدة، وبلدان ومنظمات مرتبطة بالإرهاب، وتكشف مشاركته في مؤامرة تهدف إلى اغتيال حليف في الحرب ضد "الإرهاب".
&
وأضاف البيان: "إن الاتهامات تتناول رحلات وأنشطة تجارية غير مشروعة مع ليبيا، وتصريحات كاذبة في استمارة للهجرة، ومخالفات ضريبية؛ بغية إخفاء علاقاته التجارية مع ليبيا".

وجاء في البيان: "وقد قام العمودي بعشر رحلات - على الأقل - إلى ليبيا، حيث التقى مسؤولين حكوميين، وأثناء أحد هذه اللقاءات في آذار/مارس 2003، تناول الحديث الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى "أعمال تزعزع الوضع في المملكة العربية السعودية"، وذلك بحسب ما ورد في البيان. وأكد البيان: "أن العمودي علم - في ما كان وضع الخطة يتواصل - أن الهدف الحقيقي منها، هو اغتيال ولي العهد السعودي عبدالله بن عبد العزيز".
&