يزور الملك سلمان بن عبد العزيز مصر، يوم الاثنين المقبل، وتستغرق الزيارة أيّامًا عدّة، وتشهد توقيع اتفاقيّات اقتصاديّة ومنح ومساعدات سعوديّة لمصر، إضافة إلى تنسيق الجهود السّياسيّة والعسكريّة، في سبيل حفظ الأمن القوميّ&العربيّ وصيانته.&

القاهرة: تستعدّ العاصمة المصريّة القاهرة، لاستقبال خادم الحرمين الشريف الملك سلمان بن عبد العزيز، في زيارة رسمية إلى&مصر، تستغرق أيّامًا عدّة. وتبدي الأوساط السياسية في مصر اهتمامًا بالغًا بالزيارة، ومن المتوقع أن تشهد توقيع اتفاقيات اقتصادية وعقد شراكة سياسية، وتعميق التعاون في مختلف المجالات، ولا سيما العسكري.

ووفقًا لتصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، فإنّ الزيارة تاريخية بكل المعايير"، وقال في تصريحات صحافية: "لا شكّ أن زيارة خادم الحرمين لمصر تعد زيارة تاريخية بكل المعايير؛ ﻷنها اﻷولى منذ توليه الحكم، والكل ينتظرها على المستوى الشعبي؛ لكونها تمثّل رمزًا للعلاقة الخاصة التي تربط البلدين".

توقيع اتفاقيات
أضاف شكري: "ستشهد الزيارة استعراضًا لكل القضايا التي تهمّ البلدين، وكل ما يتعلق بتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات القائمة، وهناك طموحات كبيرة وقيادات واعية تدرك حاجات المنطقة في هذه اللحظة الحرجة، وهي لحظة غير مسبوقة في تاريخ العالم العربيّ بما تشهده من تحديات كثيرة والاضطرابات التي تواجهها والتشاحن الإقليمي، وهي تحديات لا يمكن التّعامل معها، إلاّ إذا وقفت الدولتان، مصر والمملكة، صفًّا&واحدًا وفي خندق واحد".

القاهرة تستعد لاستقبال الملك سلمان الاثنين

وتشهد الزيارة توقيع نحو 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات الطاقة والبترول والتعليم والزراعة والإعلام والثقافة والسياحة والقوى العاملة والتدريب والاستثمار.

وفي اطار تنفيذ توجيهات الملك سلمان بتوفير المنتجات البترولية لمصر خلال السنوات الخمس المقبلة، تم توقيع عقد الاتفاق التجاري بين شركة أرامكو السعودية وهيئة البترول المصرية لتوريد تلك المنتجات.&

تعاون نفطي
وقال وزير البترول المصري طارق الملا، إنّ الاتفاق سيسهم في توفير جانب من احتياجات البلاد من المنتجات البترولية، وتحقيق الاستقرار في السوق المصرية، موجّهًا الشكر إلى المملكة العربية السعودية على دعمها المستمر، فيما قال الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" إنّ الجهود المشتركة تصب في خدمة البلدين.

في سياق الاستعداد للزيارة التاريخية، عقد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري، عصام الأمير، اجتماعًا مع مدير التليفزيون السعودي الدكتور ظافر الشهري، لترتيب تفاصيل الزيارة والتغطية الإعلامية لها. واتفق الجانبان على تبادل البث الحي وبث نشرات أخبار مشتركة من التليفزيون المصري والسعودي من خلال قناة النيل للأخبار والقناة الإخبارية السعودية.

تنسيق إعلامي
وسيتم تقديم سهرة يومية لمدة ساعتين، تبث على القناة الفضائية المصرية في الساعة العاشرة والربع مساء، والقناة السعودية في الساعة الحادية عشر والربع مساء أثناء زيارة الملك سلمان لمصر.

على أن تجري لقاءات إعلامية مع كبار المسؤولين والسادة الوزراء من البلدين خلال فترة الزيارة ولقاءات مع رموز سياسية وثقافية وفكرية، وبث لقطات حية من مصر والسعودية ومواد وثائقية مصورة حول تاريخ العلاقة الوطيدة بين البلدين الشقيقين وإحصاءات اقتصادية وأغان وطنية على مدار فترة الزيارة.

ووفقًا للسفير محمد يوسف، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، فإن الزيارة تكتسب أهمية خاصة، واصفًا إياها بـ"التاريخية". وقال لـ"إيلاف" إن مصر والسعودية تمثلان ضمانة استقرار المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن استقرار البلدين هو استقرار للعرب والمسلمين.

إحباط تهديدات&
وأوضح أن الزيارة تأتي في ظروف دقيقة وخطيرة تمر بها المنطقة، ولفت إلى أن الزيارة تكتسب أهميتها من كون المنطقة تمر بأخطار عدة، وتشهد تربص من القوى الإقليمية والدولية بها.

ولفت إلى أن مصر والسعودية تقفان في خندق واحد ضد التهديدات الغربية، ومخططات تفتيت دول المنطقة وإعادة رسمه على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، مشيرًا إلى أن هناك خمس قوى أساسية تهدد استقرار المنطقة، الأولى إيران، والثانية إسرائيل، والثالثة تركيا والرابعة الدول الغربية ممثلة في أميركا، إضافة إلى روسيا.

ونبّه إلى أن هناك أخطارًا أخرى تهدد المنطقة، تتمثل في الأزمات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن مصر تعاني من أزمة طاحنة في أعقاب ثورتين، بينما السعودية مقبلة على أزمة اقتصادية أيضًا، بسبب انخفاض أسعار النفط، ودخول مرحلة ما بعد النفط.

الأمن القومي
وأشار إلى أنّ الزيارة سوف تشهد أعلى درجات التنسيق والتعاون بين البلدين في المجالين السياسي والاقتصادي والعسكري، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار البلدين والمنطقة العربية كلها.

وتشهد مصر والسعودية تعاونًا عسكريًا واضحًا في أعقاب ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، وتشارك مصر إلى جانب السعودية في الحرب ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، كما شاركت في مناورات "رعد الشمال". وقال اللواء عبد المنعم سعيد، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن التعاون السياسي والعسكري بين مصر والمملكة، يأتي في سياق الحفاظ على الأمن القومي للبلدين والأمن القومي العربي عامة.

وأضاف أن المملكة العربية السعودية ومصر تمثلان أهم ركيزة في الأمن القومي العربي، مشيرًا&إلى أنّ التعاون العسكري وبحث قضية القوة العربية المشتركة والتحالف الإسلامي سيكون على رأس القضايا التي يبحثها الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والمسؤولين المصريين خلال زيارته المرتقبة لمصر.

لن تؤجّل
وذكر أن التاريخ يشهد أن قوة ومتانة العلاقة بين البلدين أسهمت في قهر الأعداء ورد مكائدهم، مشيرًا إلى أن التعاون بين مصر والسعودية أسهم في انتصار حرب أكتوبر 1973، كما أسهم في تحرير الكويت من غزو صدام حسين لها في بداية التسعينيات.

وأفاد أنه من المتوقع أن تشهد الزيارة تبادل وجهات النظر والتنسيق في ما يخص القضايا العربية، ولا سيّما الأزمة السورية، والأوضاع في اليمن والعراق وليبيا.

وكانت ترددت أنباء في وسائل إعلام مصرية حول تأجيل الزيارة، وهو ما نفاه المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، مؤكدًا أن الزيارة ستتم في موعدها وأنه يتم التنسيق لها بشكل متكامل بين الجانبين المصري والسعودي.

وقال في تصريحات صحافية، إن زيارة خادم الحرمين المرتقبة إلى مصر تؤكد على خصوصية العلاقة بين مصر والسعودية، مؤكّدًا أنّ الزيارة تزيد من عمق العلاقات بين الجانبين، وتردّ على المشكّكين في قوة العلاقات بين القاهرة والرياض، كما إنها تتوّج أعمال المجلس التنسيقي المصري السعودي.
&