تطلق الأمم المتحدة الاثنين في الكويت مفاوضات سلام صعبة حول اليمن، الذي يشهد هدنة هشة في المعارك، التي لم تتوقف خلال 13 شهرًا.

الكويت: منذ البدء بتطبيقه الاثنين، شهد وقف اطلاق النار انتهاكات مرات عدة. لكنّ المتمردين الحوثيين، المدعومين من ايران، والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والامم المتحدة، والذين توصلوا الى هذه الهدنة، يتجنبون التحدث عن انهيارها، كما كانت الحال بالنسبة إلى المرات الثلاث السابقة.

وتهدد المعارك على الأرض ودوي المدفعية وإطلاق الصواريخ والغارات الجوية استمرار وقف اطلاق النار، في المقابل، فإن اللجان التي شكلت لتطبيق الهدنة على الارض، لم تبدأ عمليًا عملها بعد. وسقط 35 جنديًا من القوات الموالية للحكومة خلال الايام الثلاثة الاولى من وقف اطلاق النار، حسب مصادر عسكرية.

خروقات وأمل
قال وسيط الامم المتحدة في النزاع الدائر في اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد أمام مجلس الامن الجمعة، "كان هناك ايضًا عدد مقلق من الانتهاكات الخطرة" للهدنة، ولا سيما في مأرب (شرق) والجوف (شمال) وتعز (جنوب غرب) "حيث لا تزال المعارك توقع ضحايا مدنيين". لكنه اضاف أن "هناك انخفاضًا ملحوظًا في وتيرة اعمال العنف العسكرية في غالبية مناطق البلاد"، موضحًا انه "لم نكن يومًا قريبين الى هذا الحد من السلام".

وبعدما اشار الى "مفاوضات ستبدأ في 18 نيسان" في الكويت "بهدف التوصل الى اتفاق شامل ينهي النزاع، ويتيح استئناف الحوار السياسي الجامع، بما ينسجم والقرار الدولي رقم 2216" الذي أصدره مجلس الامن الدولي في العام الماضي، اكد ولد الشيخ احمد أن "السلام ليس ترفًا للشعب، بل امر حيوي لبقائه".

وحذر ولد الشيخ احمد من أن "نجاح (المفاوضات) سيتطلب تسويات صعبة من كل الاطراف ورغبة في التوصل الى اتفاق"، كما سيتطلب دعمًا اقليميًا ودوليًا. من ناحيتها، قالت المحللة في معهد الازمات الدولية الاخصائية في اليمن ابريل لونغلي الاي، لوكالة فرانس برس، إن الجولة الاخيرة من المفاوضات اليمنية في كانون الاول/ديسمبر الماضي في سويسرا لم تسفر عن أي نتيجة ملموسة، وفي الكويت "نتوقع اوقاتًا صعبة".

واضافت "في أحسن الحالات، يتوجب على الطرفين أن يتفاهما على سلسلة تسويات تتيح اعادة بناء الثقة وترسيخ وقف اطلاق النار وتشجيع عودة حكومة تضم الجميع الى صنعاء واطلاق العملية السياسية".

مهمة صعبة
وحذرت ابريل لونغلاي الاي من ان "المهمة ستكون صعبة"، مذكرة بأن الطرفين ما زالا مختلفين في العمق حول "مسائل جوهرية". من جهة أخرى، تصر حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي على تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 2216.

واعتبرت المحللة أنه في حال تم تطبيق القرار الدولي "بحذافيره"، فهو يوازي "استسلامًا للحوثيين وحلفائهم من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو امر غير واقعي". وينص القرار 2216 على انسحاب المتمردين من كل المناطق التي احتلوها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، منذ أن اطلقوا حملتهم العسكرية عام 2014 واعادة الاسلحة الثقيلة الى الدولة واطلاق عملية سياسية.

وليس من المؤكد أن المتمردين سيقبلون تفكيك "مجالسهم الثورية"، والتسليم بعودة حكومة تضم جميع الاطراف الى صنعاء، حسب المحللة في معهد الازمات الدولية.

الاهم كما قالت، سيكون التوصل الى "ترتيبات أمنية مقبولة من الطرفين" من شأنها أن تفتح الطريق امام حكومة "تضم الجميع" في صنعاء والعمل على عملية نزع سلاح الحوثيين.

الامم المتحدة لن تتراجع
بالنسبة الى الامم المتحدة، من غير الوارد على الاطلاق التخلي عن مبدأ السلام في اليمن، البلد الاكثر فقرًا في الخليج العربي، وحيث دفع الشعب ثمنًا باهظًا في الحرب، والتي تشهد صعودًا متزايدًا للمجموعات "الجهادية".

ومنذ بدء التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية في اذار/مارس 2015، سقط في اليمن 6400 قتيل، نصفهم من المدنيين، واكثر من 30500 جريح، في حين نزح 2,8 مليون شخص، واكثر من 80% من السكان بحاجة الى مساعدة انسانية، حسب تقديرات الامم المتحدة.

وقالت مسؤولة في الامم المتحدة إن "ما معدله ستة اطفال قتلوا أو بترت اطرافهم يوميًا". وبالنسبة الى ابريل لونغلاي الاي، يبدو أن اطراف النزاع يبحثون عن "مخرج" لنزاع مكلف جدًا. واعتبرت أن "المحادثات بين الحوثيين والسعودية (من اجل هدنة على الحدود السعودية اليمنية) فتحت نافذة سياسية من اجل المفاوضات في الكويت".

وبما انه، كما قالت، لا يوجد حتى الآن لا رابح ولا خاسر، فإن "المسألة هي معرفة ما اذا كانت تسوية ما ترضي الطرفين معًا، ممكن تحقيقها" مشيرة الى أن استقرارًا ما في اليمن يتطلب "مشاركة مجموعة واسعة من الفاعلين السياسيين".