القدس: يلتزم المصلون والسياح الذين يتوجهون الى حائط المبكى (البراق) في البلدة القديمة في القدس، بقاعدة منع الاختلاط بين الرجال والنساء، عدا عن قسم صغير بات يسمح فيه بالاختلاط في خطوة يعارضها اليهود المتشددون بقوة.

وكانت الحكومة الاسرائيلية اعلنت في كانون الثاني/يناير عن اقامة فضاء ثالث للصلاة قرب الحائط المقدس عند اليهود، يضاف الى قسمين منفصلين للنساء والرجال ويديرهما يهود متزمتون. وتنطوي اقامة هذا القسم الثالث على معركة سياسية وتعتبر اختبارا للائتلاف الحكومي اليميني الهش الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

تقول باتيا كلاوس (59 عاما) الناشطة في مجموعة "نساء الحائط" ان "الاقصاء الذي يمارس بحق النساء رمزي هنا، هناك اشكال اخرى من الاقصاء أكثر خطورة ولكنها ليست ظاهرة بهذا الشكل".

"نساء الحائط" وهن مجموعة من النساء اليهوديات الليبراليات، كن الاكثر نشاطا في انهاء احتكار اليهود المتشددين للموقع. وجاء قرار اقامة فضاء صلاة مختلط لا يديره المتشددون، ثمرة كفاح استمر لسنوات لمجموعة من النساء من التيارات اليهودية الليبرالية والاصلاحية.

اثار القرار جدلا حادا في الدولة العبرية حيث يختلط الدين بالسياسة في مجالات عدة. ويعتبر اليهود حائط المبكى او الحائط الغربي (البراق) الواقع اسفل باحة حرم المسجد الاقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمره الرومان في العام 70، وهو اقدس الاماكن لديهم.

ويشرف على المكان اليهود المتشددون الذين يصرون على الفصل بين النساء والرجال ويفرضون على النساء تغطية الراس والكتفين والساقين قبل دخول المكان. ومنذ سنوات عديدة يرفض اليهود المتشددون السماح لليهوديات المنضويات في منظمة "نساء الحائط" بالصلاة امام الحائط في الساحة المخصصة للنساء بدعوى ان طريقة صلاتهن تخالف تعاليم الشريعة، الامر الذي تطور الى صدامات عنيفة في بعض الاحيان.

لن نقوم بتسوية
بعد سنوات من الخلافات السياسية والقانونية، بالاضافة الى المضايقات التي تعرضت لها النساء اللواتي اتهمن بكسر العادات والتقاليد، توصلت الحكومة الاسرائيلية الى حل وسط في كانون الثاني/يناير الماضي.

ووصف الاتفاق الذي وافقت عليه الحكومة بالتاريخي، وجاء نتيجة مفاوضات متأنية بدأت في عام 2013 وشملت الحكومة، وحركة "نساء الحائط" بالاضافة الى حاخام حائط المبكى. وزادت الضغوط على الاحزاب اليهودية المتشددة في الائتلاف الحكومي التي قبل انها لم تمنع التوصل الى الاتفاق، بينما اعرب اليهود المتشددون الذين يشكلون 7 الى 10% من سكان اسرائيل عن غضبهم من التسوية.

وطالب سياسيون من الحزبين اليهوديين المتشددين في الحكومة وهما يهودية التوراة الموحدة (يهود غربيون) وشاس (يهود شرقيون)، بالغاء الصفقة مهددين بامكانية الانسحاب من الائتلاف الحكومي الهش الذي يقوده نتانياهو.

واكد وزير الصحة الاسرائيلي من حزب يهودية التوراة الموحدة ياكوف ليتزمان "هناك وضع قائم استمر على مر السنين ونرغب بالحفاظ عليه". اضاف "لن نقوم بأية تسوية".

ويتجاوز الخلاف بين الحركات اليهودية الاصلاحية وتلك المتشددة موضوع الصلاة في حائط المبكى. وتعارض الاحزاب اليهودية الدينية المتشددة الاعتراف الديني باي تيار يهودي محافظ او اصلاحي. وتعد هذه الحركة اقلية في اسرائيل ولكنها منتشرة بكثرة بين يهود الولايات المتحدة.

وتعمل الحركتان المحافظة والاصلاحية من اجل تسهيل قضايا اعتناق اليهودية والزواج والطلاق التي يسيطر عليها التيار اليهودي المتشدد في اسرائيل.

وبسبب الضغوط من اليهود المتشددين، تبذل الحكومة المزيد من الجهود للتوصل الى تسوية جديدة. وامهل رئيس الوزراء مدير مكتبه دافيد ساران شهرين للتوصل الى حل لهذه المشكلة. وقال شوكي فريدمان، الذي يدير مركز الدين والامة والدولة في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية انه على الرغم من اظهار الاحزاب الدينية المتشددة الحزم، فان لديها مصلحة في التوصل الى اتفاق لتجنب الخوض في معركة قضائية اخرى.

وبحسب فريدمان فانه من المستبعد ان تتخلى الاحزاب الدينية المتشددة عن القوة التي تملكها والفوائد التي حصلت عليها بقيادة احدى اكثر الحكومات يمينية في تاريخ اسرائيل، عبر التسبب في انهيار الائتلاف الحكومي.

بينما اكدت منظمة نساء الحائط انهن غير مستعدات لاعادة التفاوض حول الاتفاق الذي تم التوصل اليه. وقالت كلاوس "حائط المبكى مكان رمزي للغاية للاسرائيليين ولليهود. وهو مكان استبعد النساء تماما من اي نوع من المشاركة الفعالة في اليهودية".

وتخطط المنظمة في 24 من نيسان/ابريل المقبل، لتحد جديد ضد اليهود المتشددين من خلال اقامة "مباركة نسائية" للمرة الاولى عند الجدار وهو تقليد دائما يشرف عليه الرجال.