غزة: في مواجهة الفقر المتزايد في قطاع غزة، شرع فلسطينيون هذه السنة باحياء تقليد "التكية" لاطعام المحتاجين في شهر رمضان اقتداء بتكية النبي ابراهيم.

وتتردد سحر (40 عاما) على "تكية غزة هاشم" (اسم قديم يطلق على غزة نسبة الى وجود قبر جد النبي محمد هاشم بن عبد مناف فيها) لاطعام اولادها واحفادها كل مساء عند الافطار.

وتقول لوكالة فرانس برس "عندي ثلاث بنات وولدان، والوضع عندي سيء جدا. اسكن في الايجار وعاجزة عن دفع البدل. بناتي مطلقات، تطلقن بسبب الفقر.. وابناي مشردان، لا يقدران على توفير لقمة العيش لنا".

وتضيف سحر المطلقة ايضا "في شهر رمضان، نأكل في الافطار مرة وفي السحور ما تبقى من الاكل. اما في غير شهر رمضان (...)، شاي وخبز... أي شيء".

وتتابع "لا نأكل الا من لجنة التكية.. من دونها، أعد الشاي مع حبيتي بندورة وينتهي الامر. نعيش من قلة الموت (...) ولا أحد يهتم بنا، لا الحكومة ولا غيرها".

وكانت سحر تنتظر دورها مع عشرات النساء والرجال قبل الافطار للحصول على وجبة، كل منهم بحسب عدد افراد اسرته.

وتقول سحر "لو تعرف كيف نوفر الاكل في الايام العادية. لا يمكن التصديق ان هناك اشخاصا يعيشون هكذا في غزة. عندما نأكل من التكية نشعر اننا استعدنا بعضا من القوة. عندما نبقى من دون طعام، نشعر بالدوار باستمرار".

وانطلقت "تكية غزة هاشم" تحت شعار "لا جائع في غزة".

ويقول مسؤول التكية حسن الخطيب "هذا مشروع نشأ للذين لا يجدون قوت يومهم ولا يجدون ما يأكلون الا الفتات. نسد بعض رمق الناس خصوصا الاسر التي فقدت معيلها" الذي قد يكون "هاربا او مسجونا او في ازمة مالية او سافر ولم يرجع".

ويقوم متطوعون آخرون بالامر نفسه في القدس والخليل ونابلس وبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.

حصار ومساعدات

ويخضع قطاع غزة لحصار اسرائيلي خانق منذ اكثر من عشر سنوات، تاريخ سيطرة حركة حماس عليه. واقفلت السلطات المصرية معبر رفح، الطريق الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم، بسبب المخاوف من تسلل ارهابيين.

ويعيش 39 في المئة من سكان قطاع غزة تحت خط الفقر، بحسب تقرير للبنك الدولي.

ويعيش حوالى ثمانين في المئة من السكان على المساعدات من المؤسسات الانسانية العاملة في القطاع، بينما تصل نسبة البطالة الى 45 في المئة، وهي من الاعلى في العالم.

ويشير الخطيب الى ان "150 الى مئتي عائلة تقصد التكية يوميا، فيما يتجه آخرون الى تكية خان يونس" الى جنوب مدينة غزة.

ويضيف "عندما يفتقد الناس اللقمة، يشعرون بالحسرة"، مشيرا الى ان عددا كبيرا من الذين يقصدون التكية "فقدوا معيلهم، وفقدوا من يدعمهم، انها اسر غاب عنها زوجها اشهر او سنوات ولا تجد من يعيلها والام تحاول اطعامهم أي شيء".

ويقول المتطوع في التكية ديب عبد الحليم (24 عاما) "ازداد الفقر بسبب الحصار وعدم وجود فرص عمل وعدم فتح المعابر وعدم توفير معاشات"، موضحا ان حتى الموظفين في قطاع غزة "يطلبون مساعدات. فما بالك بحال الشخص الفقير الذي لا يعمل ولا يوجد لديه مصدر دخل، مثل الذين كانوا يعملون في اسرائيل في السابق واغلقت اسرائيل ولا يوجد امامهم فرصة عمل اخرى".

وتتبع التكية وزارة الاوقاف في غزة (التي تديرها حركة حماس).

ويقول القيمون عليها انها تعاني من تأخر وصول الاموال بسبب عوائق "تضعها اسرائيل".

ويوضح الخطيب ان التكية مشروع "حضاري وتراثي وتاريخي"، مشيرا الى ان "سيدنا ابراهيم عليه السلام صنعها في الخليل"، مضيفا ان تقديم "الطعام سنة في ديننا. لا نحتاج الى تراخيص ولا شيء من هذا، نحتاج فقط رقابة على المال ولا يوجد لدينا مانع في ذلك من أي جهة كانت".