رحبت صحف عربية عدة بفشل محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، وقالت إن ذلك قد عكس "انتصاراً" لإرادة الشعب التركي. بينما رأى بعض الكُتّاب أن تلك المحاولة أظهرت "مدى هلهلة النظام التركي والانقسامات الدفينة التي تمزق مؤسساته". وكانت مجموعة من الجيش قد قامت مساء الجمعة 15 يوليو/تموز بمحاولة انقلاب على سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان، لكن محاولتهم باءت بالفشل. وبدأت محاولة الانقلاب عندما سيطرت تلك المجموعة على جسور مهمة في اسطنبول وهاجموا مبنى البرلمان في أنقرة، وانتشرت قوات عسكرية في الشوارع. وشهدت البلاد اشتباكات أدت إلى مقتل 161 من المدنيين وأفراد الشرطة، وجُرح أكثر من 1440 آخرين. كما قُتل 104 ممن خططوا للانقلاب. كان الشعب التركي عند حسن الظن، بدفاعه عن إرادته وشرعية حكومته ونظامه الذي اختاره عبر انتخابات حرة وشفافة، فكان له ما أراد من الانتصار على الانقلابيين ودحرهم. صحيفة الوطن القطرية تحت عنوان "انتصرت إرادة الشعب التركي"، تقول صحيفة الوطن القطرية في افتتاحيتها: "كان الشعب التركي عند حسن الظن، بدفاعه عن إرادته وشرعية حكومته ونظامه الذي اختاره عبر انتخابات حرة وشفافة، فكان له ما أراد من الانتصار على الانقلابيين ودحرهم". كذلك تقول افتتاحية عكاظ السعودية إن الأتراك قد أبهروا العالم برفضهم الانقلاب. تقول الصحيفة: "لا شك أن تلك الإرادة الوطنية لقوى الأمن الداخلي والشعب التركي، برهنت حرصهم على المحافظة على تراث وحضارة بلادهم من الانقلابيين، وأثبتوا أنهم القوة الحقيقية، بصمودهم ووقفتهم جنبا إلى جنب الشرعية". وعن الدروس المستفادة من محاولة الانقلاب الفاشلة، تقول الصحيفة إن في "التفاف الشعب التركي بكل مكوناته درس بالغ الأهمية في الديموقراطية، ورسالة وجهوها لكل من حاول ويحاول المساس بإرادتهم وحرياتهم، فهم من اختاروا رئيسهم وهم من يملكون عزله". في السياق ذاته، يقول صالح بن عفصان في الراية القطرية إن من أهم الدروس المستفادة من هذه الأحداث هو أن "الشعب التركي قد سئم من الانقلابات العسكرية التي وصلت لنحو أربعة انقلابات كان أولها عام 1960 ولم تجلب له سوى الدمار والخراب وانهيار الدولة". الجيش التركي يتململ لأن الهدف الذي صيغ من أجله تاريخيا وهو حماية الدستور صار في خطر عظيم جراء دكتاتورية أردوغان. عمرو عبد السميع، في صحيفة الأهرام وفي البيان الإماراتية، تخاطب عائشة سلطان أولئك الذين رحبوا بمحاولة الانقلاب، قائلة إن أمن واستقرار تركيا هما الغاية التي لا يفهمها أو يقدرها هؤلاء "المصفقون للانقلاب والمرحبون به باعتباره إزاحة لشخص أردوغان عن السلطة... دون أن ينتبهوا إلى أن تداول السلطة في المجتمعات الديمقراطية لم يعد يعترف بطريقة الانقلابات المتخلفة، لما تعنيه سلطة الانقلاب العسكري من اعتقالات وإعدامات وأحكام عرفية". وفي رأي مغاير، يقول عمرو عبد السميع في الأهرام المصرية إن محاولة الانقلاب في تركيا أظهرت "مدى هلهلة النظام التركي والانقسامات الدفينة التي تمزق مؤسساته". وأضاف الكاتب أن "الجيش التركي يتململ لأن الهدف الذي صيغ من أجله تاريخيا وهو حماية الدستور صار في خطر عظيم جراء دكتاتورية أردوغان". في صحيفة السياسة الكويتية يقول أحمد عبد العزيز الجارالله إنه "بات من شبه المؤكد أن زمنا جديدا بدأ في تركيا لأن صوت جرس الانذار كان عاليا جدا، وهو سيفرض على الحكومة الحالية حسم خياراتها، وإعادة النظر في سياسة السير في حقل ألغام مشكلات المنطقة". في السياق ذاته، تقول ريم خليفة في الوسط البحرينية إن "ما حدث في المشهد التركي يعتبر من الآن نهاية لمرحلة في المشهد السياسي بالدولة التركية التي ظلت نموذجاً يحتذى به في المنطقة لفترة طويلة، وبداية لمرحلة أخرى قد تجرُّ معها المنطقة برمَّتها إلى تقلبات واضحة، وتحول البلد من مستقر إلى بلد مضطرب سياسيّاً واقتصاديّاً". وفي نفس الصحيفة، يقول قاسم حسين إن أردوغان قد تجاوز الانقلاب، "لكن هذه العاصفة التي ضربت تركيا... ستترك آثارها، سلباً أكثر منها إيجاباً، على سياساته في الداخل والخارج". ما حدث في المشهد التركي يعتبر من الآن نهاية لمرحلة في المشهد السياسي بالدولة التركية التي ظلت نموذجاً يحتذى به في المنطقة لفترة طويلة، وبداية لمرحلة أخرى قد تجرُّ معها المنطقة برمَّتها إلى تقلبات واضحة، وتحول البلد من مستقر إلى بلد مضطرب سياسيّاً واقتصاديّاً. ريم خليفة في صحيفة الوسط البحرينية و تقول نور نعمة في الديار اللبنانية إن محاولة الانقلاب على أردوغان قد "أتت لمصلحته وعززت نفوذه وحررته من كل القيود التي كانت تعرقل حملة التطهير الممنهجة ضد معارضيه وتحديداً المؤسسة العسكرية التي لطالما أراد أردوغان تحجيم نفوذها في الحكم والتخفيف من صلاحياتها في التأثير بالقرار السياسي في البلاد". وفي السبيل الأردنية، يرى عبدالله المجالي أن محاولة الانقلاب قد فضحت الغرب، حيث يقول: "يدرك الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة أن الإدانة الفورية للمحاولة الانقلابية وإعلان التضامن والوقوف مع الحكومة المنتخبة سيَفُتُّ في عضد الانقلابيين وأنصارهم، وسيرفع معنويات رافضي الانقلاب، وربما يكون هذا الموقف سببا في إفشال المحاولة الانقلابية، ولهذا تأخرت بيانات الاستنكار للانقلاب والتأييد للحكومة المنتخبة، وهذا ما يعزز فرضية أنهم كانوا يأملون بنجاح الانقلاب". ويضيف الكاتب قائلاً: "يجب أن نعترف أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية يرفض وسيرفض أي ديمقراطية في بلد عربي وإسلامي لا تُؤمِّن له مصالحَه".
- آخر تحديث :
التعليقات