بيروت: حققت قوات النظام السوري الاثنين تقدمًا ميدانيًا في منطقة وادي بردى، خزان المياه الرئيسي لدمشق، في تصعيد اعتبرته الفصائل المعارضة خرقًا للهدنة الهشة السارية منذ اربعة ايام، وردت عليه بتجميد المحادثات المتعلقة بمفاوضات السلام المرتقبة في كازاخستان.
وقالت الفصائل في بيان مشترك انه "نظرًا لتفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات، فإن الفصائل (...) تعلن تجميد أية محادثات لها علاقة بمفاوضات الاستانة أو أي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف اطلاق النار حتى تنفيذه بالكامل".
ونص اتفاق رعته روسيا وتركيا على وقف اطلاق النار في سوريا واجراء مفاوضات في يناير في كازاخستان، في محاولة لانهاء النزاع السوري الذي خلف اكثر من 310 آلاف قتيل وملايين النازحين منذ 2011.
واكدت الفصائل المعارضة في بيانها أنها "التزمت بوقف إطلاق النار في عموم الاراضي السورية (...) لكنّ النظام وحلفاءه استمروا باطلاق النار وقاموا بخروقات كثيرة وكبيرة وخصوصًا في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية وريف حماة ودرعا".
واضاف البيان أنه "بالرغم من تكرار الطلب من (روسيا) الطرف الضامن للنظام وحلفائه لوقف هذه الخروقات الكبيرة الا ان هذه الخروقات ما زالت مستمرة وهي تهدد حياة مئات الآلاف من السكان".
بحكم المنتهي
وشددت الفصائل على ان "إحداث النظام وحلفائه لأي تغييرات في السيطرة على الأرض هو إخلال ببند جوهري في الاتفاق (وقف النار)، ويعتبر الاتفاق بحكم المنتهي ما لم تحدث إعادة الأمور الى وضعها قبل توقيع الاتفاق فورًا، وهذا على مسؤولية الطرف الضامن".
كما حذرت الفصائل من أن "عدم إلزام الطرف الضامن ببنود وقف إطلاق النار يجعل الضامن محلّ تساؤل حول قدرته في إلزام النظام وحلفائه بأي التزامات أخرى مبنيّة على هذا الاتفاق".
وحققت قوات النظام السوري الاثنين تقدمًا ميدانيًا في منطقة وادي بردى، خزان المياه الرئيسي لدمشق، في تصعيد اعتبرته الفصائل المقاتلة خرقًا للهدنة الهشة التي تخلل يومها الرابع مقتل اربعة مدنيين، وفقًا لما ذكرته منظمة حقوقية.
ودخلت الهدنة التي اعلنتها روسيا الخميس ووافقت عليها قوات النظام والفصائل المعارضة، يومها الرابع في سوريا مع استمرار الهدوء على الجبهات الرئيسية رغم تكرار الخروقات.
وتم التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في ضوء التقارب الاخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل اليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
ويستثني اتفاق وقف اطلاق النار التنظيمات المصنفة "ارهابية"، وبشكل رئيسي تنظيم الدولة الاسلامية. كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق، جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، الامر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.&
ومن الفصائل الموقعة على البيان "جيش الاسلام" و"فيلق الرحمن"، وهما فصيلان نافذان في دمشق، و"فرقة السلطان مراد" المدعومة من تركيا، و"جيش العزة" الناشط في محافظة حماة (وسط).
تقدم ميداني
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان، الاثنين، "بقصف جوي ومدفعي لقوات النظام على محاور عدة في منطقة وادي بردى، تزامنًا مع معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة، والفصائل المقاتلة وعناصر من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)".
واشار الى مقتل "مدنيين اثنين برصاص قناصة من قوات النظام في قرية دير قانون تزامنًا مع غارات جوية مكثفة استهدفت القرية وقرى مجاورة في وادي بردى".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "قوات النظام ومقاتلين من حزب الله اللبناني احرزوا تقدمًا في المنطقة وباتوا على اطراف عين الفيجة، نبع المياه الرئيسي في المنطقة ويخوضون مواجهات عنيفة مع الفصائل لتأمين محيطه".
واضاف أن "هذا التصعيد العسكري يعد خرقًا للهدنة، رغم أن قوات النظام بدأت هجومها قبل اسبوعين بهدف السيطرة على منابع المياه، التي تغذي معظم مناطق العاصمة".
وافاد المرصد بتسجيل خرق رئيسي في مدينة الرستن في محافظة حمص (وسط)، حيث قتل الاثنين مدنيان اثنان جراء قصف لقوات النظام على المدينة الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة موقعة على الاتفاق، كما تعرضت مناطق في حماة ودرعا (جنوب) للقصف مساء الاثنين.
دمشق بلا مياه&
وتعد المنطقة مصدر المياه الرئيسي للعاصمة التي تعاني منذ نحو اسبوعين من انقطاع هذه الخدمة، ما دفع الامم المتحدة الى ابداء خشيتها الخميس من "انقطاع إمدادات المياه الرئيسية منذ 22 ديسمبر عن أربعة ملايين نسمة" من سكان دمشق وضواحيها.
وتحاصر قوات النظام وحلفاؤها المنطقة منذ منتصف العام 2015، وغالبًا ما كانت تلجأ الفصائل الى قطع المياه عن دمشق عند تشديد قوات النظام حصارها، ثم تعود الامور الى طبيعتها مع سماح النظام بدخول المواد الغذائية، وفق المرصد.
ومنذ 20 ديسمبر، بدأت قوات النظام هجومًا عسكريًا على المنطقة بهدف السيطرة عليها أو الضغط للتوصل الى اتفاق مصالحة، ينهي العمل العسكري للفصائل، على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية، وفق المرصد أيضًا.&
محادثات استانا
ومن شأن استمرار وقف اطلاق النار في سوريا أن يسهل محادثات سلام تعمل روسيا وتركيا الى جانب ايران على عقدها الشهر الحالي في استانا، عاصمة كازاخستان.
واصدر مجلس الامن الدولي السبت قرارًا بالاجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار في سوريا والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو ست سنوات، من دون أن يصادق على تفاصيل الخطة.
وحرصت كل من تركيا وروسيا على التأكيد أن محادثات استانا لا تشكل بديلاً من مفاوضات جنيف التي أملت الأمم المتحدة باستئنافها في الثامن من فبراير.
وافاد قرار مجلس الامن بأن المفاوضات المرتقبة في استانا تعد "مرحلة اساسية استعدادًا لاستئناف المفاوضات برعاية الامم المتحدة".
وتشهد سوريا منذ مارس 2011 نزاعًا داميًا تسبب بمقتل اكثر من 310 آلاف شخص، وبدمار هائل في البنى التحتية، ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
التعليقات