بالأرقام والإحصائيات والمعطيات التاريخية نشرت أسبوعية "الأيام" ملفا عن التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب، منذ بداية الستينيات، سعيا منها &للإجابة على بعض التساؤلات: كيف كان "مغرب زمان"، في الماضي، وكيف أصبح اليوم؟ ما هي التغييرات التي طرأت عليه في الحاضر؟ وهل يرتقي ذلك إلى مستوى الطموحات؟ أم أن هناك المزيد من التحديات؟

إيلاف المغرب من الرباط: في &مدخل تقديمها للملف، أوردت " الأيام" قولة للباحث السوسيولوجي والأنثربولوجي محمد الصغير جنجار، يؤكد فيها أن أكبر انتقال ديمغرافي عرفه المغرب كان في أواسط القرن الماضي، لقد أنتج بنية شابة، مع ارتفاع معدل الحياة من 42 سنة إلى ما يفوق 75 سنة اليوم، وهو ما كانت له انعكاسات كبرى على مستوى القيم، حيث تراجعت الأسرة الممتدة أمام الأسرة النووية، نتيجة تغيير في العقليات.

وفي ظل هذا المعطى، لم تعد هناك الأسرة الممتدة التي كانت تأوي المسنين في حضنها، إذ تصل نسبة الأسر النووية في المغرب إلى أكثر من 60 في المائة.

وطرح النمو الديمغرافي المتزايد العديد من المشاكل الاجتماعية الضاغطة، &وتتمثل أساسا في بلوغ أجيال جديدة سن النشاط، مع ثبات نسبة نمو اقتصادي جد منخفضة، تجعل سوق الشغل عاجزا عن استقبال الآلاف من الفئات النشيطة.

ومن الظواهر الملفتة للنظر في المجال الاجتماعي، ظاهرة العزوف عن الزواج التي عرفت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، بفعل العديد من الأسباب، ومن بينها غلاء المعيشة، وتفشي البطالة، وأزمة السكن، وتخوف بعض الشباب من تحمل المسؤولية العائلية، وصعوبات الاندماج الاجتماعي.

في الجانب السياسي، وبعد استقراء تاريخي لتجربة الأحزاب السياسية في المغرب، في ظل الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، والملك الحالي محمد السادس، بدءا من مراحل نشأتها، ومرورا بوصولها إلى تدبير الشأن العام، أو ممارستها للمعارضة، وما رافق ذلك من تطورات في المشهد السياسي، تشير الصحيفة إلى أنه "مع نهاية التسعينيات مباشرة، ستتعرض الأحزاب السياسية إلى نوع من العياء والاختراق. لقد بدأ سؤال الديمقراطية الداخلية يفرض نفسه بقوة".

والخلاصة هي أن الأحزاب السياسية بدل تأثيرها في المجتمع، انتقلت القيم الدنيا من فساد وانتهازية واغتناء غير مشروع إلى قلب التنظيمات السياسية التي أصبحت ساحات للحروب الداخلية من أجل المغانم، " ولأن الملك الجديد رفع ذات الشعارات، وأصبح أكبر معارض من المعارضة ذاتها،" حسب تعبير الصحيفة، فقد فقدت الأحزاب السياسية لسانها ومرجعياتها، وساهم نمط الاقتراع في تبئيس السياسة التي تحولت إلى وكالة تجارية للحرايفية &السياسيين(المحترفون)، ولم ينج حتى الفاعل الجديد من الإسلاميين من ذات الأمراض، وإن أبدى حتى الآن مقاومة أكبر للحفاظ على مقومات وجوده.

تصريحات مضيان تورط نزار البركة

رغم مرور عدة أيام على انتخاب حكيم بنشماس، رئيسا لمجلس المستشارين، (الغرفة الثانية للبرلمان)، فإن هذا الموضوع لا يزال يلقي بانعكاساته على بعض الأحزاب السياسية، ومن بينها حزب الاستقلال، المتموقع في المعارضة.

صحيفة "الأسبوع الصحفي" نسبت لمصدر استقلالي قوله إن تصريحات نور الدين مضيان، رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، بأن هناك تعليمات لدعم بنشماس، جلبت على الحزب متاعب كبيرة، وجعلت نزار بركة، الأمين العام للحزب، يواجه سيلا من الاتصالات الهاتفية تستفسره عن طبيعة تصريح مضيان، هل هو شخصي، أم تصريح الحزب ككل؟

وأكد المصدر ذاته أن البركة اتصل بمضيان لاستفساره بخصوص تصريحه الذي جاء يومين فقط على خطاب الملك الافتتاحي للبرلمان، قبل أن تدخل على الخط قيادات أخرى من اللجنة التنفيذية، وتهاجم مضيان، وينشب سجال ساخن وصراخ وصل صداه خارج المقر &المركزي للحزب، بساحة باب الأحد بالرباط، وهو الاختلاف الذي انعكس على الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية للحزب، إذ سجل غياب بيان رسمي يدعم أو يناصر ما ذهب إليه مضيان إلى حدود اليوم.

وكان مضيان قد قال، حسب الصحيفة، :"إن السلطة الوحيدة التي يمكن أن تتصل بنا ونقبل طلبها بسحب ترشيحنا لنيل مقعد في الغرفة الثانية، هو الله، أما غيره، فمهما علت سلطته، لا يمكنه إجبارنا على عدم تقديم ترشيحنا".

بعد واقعة الحلوى..مهازل وزراء وبرلمانيين في قلب البرلمان

خصصت صحيفة "المشعل" موضوع غلافها لما سمته "فضيحة &حلوى البرلمان"، التي وثقتها عدسات صحفيين مغاربة، وتناقلتها وسائل إعلام دولية، بمناسبة افتتاح البرلمان، لدرجة أن صحيفة إسبانية شبهتها بحفل "بابا نويل".

وفي تطرقها للموضوع، ومن خلال خلفية تاريخية، استعرضت الصحيفة مجموعة من الحالات، التي تشكل "فضائح كبرى ومهازل مدوية أبطالها برلمانيون ووزراء عاشها البرلمان في السنوات الأخيرة، وأثارت جدلا واسعا على الصعيدين الوطني والدولي".

وذكرت الصحيفة أنه قبل الجدل الذي أثارته "واقعة الحلوى"، وما أعقبها لحظة اقتحام النائبة أسماء الشعبي، ابنة الملياردير الراحل ميلود الشعبي لقبة البرلمان، وهي ترتدي لباسا رياضيا ونظارات شمسية، عاش البرلمان مهازل كثيرة لم تستثن وزراء في حكومة العدالة والتنمية حضروا للقبة التشريعية من أجل الإجابة على أسئلة نواب الأمة.

من بين هذه الحالات، الحسين الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الشؤون العامة والحكامة، الذي شارك في وقفة احتجاجية لمستخدمي شركة لإنتاج الحليب أمام البرلمان، ضد الحكومة التي هو عضو فيها، وقبله حضر عبد الواحد سهيل، وزير التشغيل والتكوين المهني السابق في حكومة عبد الإله إبن كيران، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، في حالة غير طبيعية رصدتها عدسة الكاميرا، وهو يجيب على الأسئلة الشفوية.

كما أن عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية سابقا، "سقط في المحظور"، وفق تعبير الصحيفة، حين خاطب ميلودة حازب، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، بكلمات اعتبرها مراقبون غير لائقة، بالنظر لانطوائها على إيحاءات جنسية.

بالإضافة إلى ذلك، ثمة حوادث أخرى أساءت لصورة البرلمان، ومن بينها إقدام البرلماني محمد قوبة عن حزب الاتحاد الدستوري، على رمي "رسالة استعطافية" في وجه الملك محمد السادس لحظة مروره بجانب البرلمانيين.

هذا الحادث الغريب، تلته سنة بعد ذلك، مهزلة الشجار الحامي والتشابك بالأيدي في بهو البرلمان، بين حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، والمستشار البرلماني عزيز اللبار، من حزب الأصالة والمعاصرة، بسبب اتهام الأخير لعمدة العاصمة العلمية آنذاك ب" الشفار، (السارق)، الذي نهب مدينة فاس".
إلى جانب هاتين المهزلتين، أقدم إدريس الراضي، رئيس فريق حزب الاتحاد الدستوري بمجلس النواب، على كشف بطنه للمغاربة، ردا على اتهام ابن كيران له في جلسة عمومية لمساءلة رئيس الحكومة السابق ،بأن في بطنه "العجينة".

هذه الحالات المعدودة لمهازل كثيرة داخل البرلمان، كشفت عن ضعف درجة المقاومة لدى عدد من ممثلي الأمة، وبعض الوزراء، في سلوكات تعكس في نظر الدكتور عبد الجبار شكري، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع وعلم النفس، معاناة عدد من مسؤولي المؤسستين التشريعية والتنفيذية من "هشاشة بسيكولوجية" حسب تصريحه لصحيفة " المشعل".

خمس إجازات جامعية لنزيل محكوم بالمؤبد

اهتمت صحيفة " الوطن الآن" بتجربة إنسانية، بطلها نزيل مغربي &محكوم بالمؤبد، استطاع أن ينتزع خمس إجازات جامعية، بفضل إرادته وقدرته على قهر ظلام الزنزانة، والتطلع من وراء القضبان إلى المزيد من نور المعرفة.

يحكي عبد الجليل، الإسم الشخصي للنزيل، قصة دخوله السجن، فيقول إن لحظة غضب تسببت في تحطيم مسار حياته، مشيرا إلى أنه ليس مجرما، وأول مرة وضع فيها قدمه في السجن جاء ذلك بناء على حكم بالمؤبد.
يعترف عبد الجليل في حديثه للصحيفة بأنه أخطأ في حق نفس بشرية، بعد أن كانت حياته عادية، ويمارس عمله كخبير بميناء مدينة الدار البيضاء، إلى أن وقعت الواقعة، وتمت إدانته بحكم قضائي هو المؤبد.

لا يعطي عبد الجليل الذي قضى لحد الساعة 20 سنة سجنا تفاصيل أوفى عن سبب دخوله للسجن، وعمره الآن 56 سنة، فذاك أصبح من الماضي مكتفيا بطلب السماح من أسرة المقتول ومن أسرته الصغيرة، ومن المجتمع ككل.

في شهر مارس من سنة 1999 انقلبت حياته رأسا على عقب، من الحرية المطلقة إلى السجن المؤبد، من اللاتحكم إلى التحكم، ومن &الاستمتاع بالسفر إلى التحرك المحدد.

من سجن عكاشة بالدار البيضاء، تم تنقيله إلى السجن المركزي بمدينة القنيطرة، بعد أن عاش مرحلة نفسية متدهورة، فكانت المحاولة الأولى لانتحاره بالسجن المحلي عين السبع بالعاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية، حيث تم إنقاذه في آخر لحظة من طرف نزلاء كانوا معه، بعد أن حاول شنق نفسه بالمرحاض.

يواصل عبد الجليل الحكي للصحيفة:" بعد أن تم إنقاذي من موت محقق شنقا، عندها ظهر شخص ما زلت أتذكره، يشتغل مشرفا اجتماعيا بإدارة سجن القنيطرة، دعاني لمكتبه، ومدني بأوراق مكتوب عليها أسماء صلاح الوديع، وعبد الناصر بنو هاشم، وابراهيم السرفاتي، (سجناء سياسيون سابقون في سنوات الرصاص)، ووجه لي سؤالا واحدا،" واش هذ الناس أحسن منك؟"، (هل هؤلاء الناس أحسن منك؟)."

في تلك اللحظة توقف حبل تفكيره، ولم يعرف مغزى سؤال المشرف الاجتماعي، ليكمل حديثه. لقد كان هؤلاء الأشخاص وغيرهم محكومين بالإعدام والمؤبد هنا بهذا السجن، ومع ذلك تجاوزوا محنهم، ولم يفقدوا الأمل في الإفراج عنهم.

هكذا بدأت مرحلة جديدة في حياته، تغلب فيها، كما يقول على "الزمن القاتل"، فحصل على شهادة البكالوريا، في السنة الموالية للسجن، وهو ما خول له الحصول على إجازة في القانون الخاص سنة 2004، وإجازة في علم الاجتماع سنة 2009، وإجازة في القانون العام &سنة 2011، وإجازة في علم النفس الاجتماعي سنة 2015، وإجازة في اللغة الفرنسية سنة 2016، ويتابع دراسته حاليا في شعبة التاريخ والحضارة، متطلعا في كل مناسبة إلى عفو ملكي، خاصة بعد استفادته من تقليص لعقوبته من المؤبد إلى المحدد، وأصبحت خمس سنوات هي المتبقية من فترة عقوبته.