الرباط: قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية وأمين عام حزب العدالة والتنمية، إن بلاده تسعى وراء بناء نموذج تنموي جديد يستجيب لمتطلبات المغاربة واحتياجاتهم، مؤكدا أن انخراط المجتمع المدني في هذا الورش الوطني شرط أساسي لإنجاحه.

وأضاف العثماني في افتتاح أشغال الندوة الأولى حول "النموذج التنموي بالمغرب"، التي نظمهل منتدى التنمية للأطر والخبراء التابع لحزبه، اليوم الأحد، في الرباط، "ليس هناك نموذج تنموي يحتدى به في جميع الدول، كل دولة تختار نموذجها التنموي حسب سياقاتها وحاجياتها الحقيقية وخصوصيتها ورغبة مواطنيها".&

وشدد العثماني على القول ان المغرب "لا يريد أن ينقل أو ينسخ نموذج أي بلد في التنمية وإن كانت الاستفادة من التجارب الأخرى شيء مهم وضروري"، وأكد أنه لا يمكن بناء نموذج تنموي ناجح "من دون إشراك المجتمع".

وأفاد رئيس الحكومة المغربية &بأن حزبه يسعى من خلال هذه الندوة إلى الإسهام في تلمس "معالم مغرب أفضل والاتفاق حول كيفية تطوير بلادنا في المستقبل انطلاقا من النموذج التنموي الجديد" ، الذي دعا إليه العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وسجل بأن الحوار الذي أطلق في البلاد "تساهم فيه الأحزاب والمؤسسات والمجتمع المدني من أجل صياغة نموذجنا التنموي الخاص".

وأشار العثماني إلى أن هناك فرقا بين النموذج التنموي والنموذج الاقتصادي، مبرزا أن المغرب ليس بصدد صوغ نموذج اقتصادي وإنما "نحاول صياغة نموذج تنموي، والتنمية أوسع بكثير من التفاعلات الاقتصادية وإنتاج الثروة التي تمثل جزء من التنمية فقط"، وأضاف "التنمية فيها بعد إنساني واجتماعي وأبعاد متعددة منها الحكامة وغيرها".

وزاد رئيس الحكومة المغربية موضحا أنه "لا يمكن أن يكون هناك نموذج تنموي ناجح إذا لم نجعل المواطن والإنسان المغربي في عمق هذه السياسات ومحورها، ليس فقط من حيث استهدافه من خلالها لتوفير الرفاهية، ولكن تأخذ منه لترى انتظاراته ومطالبه"، معتبرا أن هذه الانتظارات تتباين من منطقة لأخرى ومن بلد لآخر.

وأوضح العثماني أن بلاده تعيش "تحولات اجتماعية عميقة كما يعيشها العالم الذي نتابع ما يجري في بلدان من حولنا"، وأرجع هذه التحولات لأسباب كثيرة من بينها "وسائل التواصل الاجتماعي التي رفعت من انتظارات المواطنين ومطالبهم للحكومات ولمسؤولين وغيرت العالم"، حسب تعبيره.

وحث رئيس الحكومة المغربية على ضرورة العمل على التمكين لقيم النهوض والتقدم في المجتمع من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من النموذج التنموي، و قال: "هناك مجموعة من القيم تسمى قيم النهوض وقيم التنمية وقيم التحديث، ومن دونها لا يمكن تحقيق التنمية"، معتبرا أن قيمة العمل من "القيمة الأساسية للنهضة والتنمية".

لكن العثماني سجل بهذا الخصوص أن شعوب دول الجنوب بصفة عامة وشعوب المنطقة العربية والإسلامية والأفريقية على وجه الخصوص "تعاني من قلة قيمة العمل ونجدها محدودة جدا بالمقارنة مع الدول التي حققت النهضة والتقدم"، ودعا الإعلام والمدرسة والإدارة إلى الانخراط في الترويج لقيم العمل واحترام &القانون والالتزام بالوقت والمواعيد.

و دعا رئيس الحكومة إلى خلق دينامية اجتماعية تزرع الأمل في المجتمع وتواجه "التيئيس والتبخيس الذي يطغى في الكثير من الخطابات"، وأكد حاجة البلاد إلى "دينامية اجتماعية إيجابية عكس الدينامية السلبية التي تبخس كل شيء".&

وأكد العثماني على ضرورة الوقوف ضد "أي تبخيس للأعمال التي نقوم بها والتدليس وتحويل الإيجابي إلى سلبي"، معتبرا ان البلد في حاجة إلى "دينامية تزرع الأمل وتدفع الإنسان للمساهمة في إنجاح التنمية"، مشيرا إلى أهمية الجانب النفسي لدى المواطنين والمستثمرين في التأثير على الاقتصاد "يمكن أن يبطئه ويمكن أن ينشطه".&

وأبرز العثماني بأن المغرب يمثل "واحة أمن في محيطه المضطرب وينبغي أن نحافظ عليه ولن نسمح بالمس به نهائيا"، مطالبا المغاربة بضرورة التمسك بالثوابت الوطنية والالتفاف عليها وحمايتها، حيث اعتبرها "حصن الوطن وضمان استقراره".