إيلاف من واشنطن: أصبح إجبار الفتيات، الهاربات من جحيم "داعش"، على ممارسة الدعارة في العراق، ظاهرة لافتة في البلد الذي استطاع بمساعدة دولية انتزاع مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، من سيطرة التنظيم المتطرف في 2017.
ووفقاً لتقارير حكومية وحقوقية، فإن مسؤولين عراقيين مورطون في عمليات الإتجار الجنسي هذه، أو على الأقل يوفرون الحماية لمن يقومون بها، وفقاً لتحقيق مطول نشرته محطة السي إن إن الأربعاء.
وقالت نادية، وهو اسم مستعار اختير لها لحمايتها، وكانت واحدة من الالاف النساء الأزيديات الذين حولهم “داعش” إلى سبايا، أنها بعد فرارها من التنظيم المتطرف، تلقت رسالة من منظمة غير حكومية تدعم طلبها للحصول على لجوء في الولايات المتحدة.
وذكرت "اتصلت بصديق ليوصولني إلى السفارة الأميركية في بغداد، فوافق، وحينما ركبت معه السيارة شعرت بالريبة فأخذني إلى حي تكثر فيه الجريمة وتجارة المخدرات، حيث رأيت رجلا عجوزا في بيت مهجور يزعم أنه نائب في البرلمان".
بعد حديث قصير، اكتشفت نادية أنها "بيعت إلى العجوز، وبعدما لم تتجاوب معه بدأ رجال بضربها وتم تخديرها، ونقلت إلى مكان آخر حيث تناوب نحو عشرة على اغتصابها”.
وذكرت “في أحد المرات وبعد ممارسة عدة رجال الجنس معها، أصيبت بعنف، واستيقظت وهي في مستشفى والرجل العجوز بجانبها ويمسح رأسها ويقول للمرضات أنها ابنته ومصابة بمرض عقلي، وسمحن له بأخذها”.
وبعد معاناة طويلة، أنقذها "رجال لا تعرفهم وهربوها إلى فندق يملكه آزيدي، حيث أوصلها الأخير إلى عائلتها".
وتضيف: "فشلت كل المساعي التي بذلتها لجلب الجناة إلى العدالة، حيث دفن القضاء العراقي والكردستاني قضيتها".
ويعتقد علي البياتي وهو مسؤول مكافحة الإتجار في البشر في المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، وهي لجنة مستقلة ظاهريا أن "قضية نادية واحدة من أخرى كثيرة يتابعونها، تم دفنها، لأن مسؤوليين كبار، متورطون في عمليات الإتجار"، على حدّ تعبيره.
ويضيف: "تسمية المسؤوليين المتورطين قد تشكل تهديدا لحياتنا، فهم أقوياء للغاية، ونحن ضعفاء للغاية، وليس لدينا الدعم والتمويل لنلاحق المتهمين بهذه الجرائم قضائيا".
ولاحظ البياتي أنه إطلع على حوالي 150 حالة إتجار جنسي في جميع أنحاء العراق عام 2018، ومن هؤلاء لم ينقل إلا أربع أو خمس إلى ملاجئ الحكومة.
وأوضح أنه اعتقل 426 شخصًا لتورطهم المزعوم في جرائم الاتجار بالبشر، تم إرسال 53 منهم فقط إلى السجن.
وذكر تحقيق "سي إن إن"، إن الإتجار في البشر "بات ظاهرة في مخيمات اللاجئين في العراق، وفي مدن خصوصاً مثل بغداد والبصرة، حيث تفشى الإتجار بالبشر، والدعارة القسرية".
ونقلت عن تقارير أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية، أن لاجئات بدلاً من نقلهن إلى مخيمات، وضعن في بيوت دعارة في فنادق في العاصمة ومدن عراقية أخرى، وأن الحكومة العراقية لم تقدم دليلاً على أنها اتخذت أي إجراء ضد مسؤوليين بعضهم في الأجهزة الأمنية يحمون “المتجارين جنسيا بالنساء”.
وتقول أحلام، وهو اسم مستعار، اختير لها لحمايتها، "بدأت مأساتنا حينما أجبرني أخي الأكبر وهو أمير في داعش بالزواج من مقاتل في التنظيم في ديالى".
لكنها تمكنت من الفرار بعد مدة إلى بغداد، حيث "استقليت سيارة أجرة وحينما سألني أين سأذهب قلت لا أعرف، وبكيت وأخبرت السائق بقصتي، فأبدى تعاطفه وعرض المساعدة، وظننت أنه منقذي".
وتتابع "لكنه أخذني إلى كازينو ومن ثم باعني إلى بيت دعارة، حيث رأيت فتيات جميعهن يعملن عاهرات، وأجبرت على ممارسة الجنس لأشهر مع غرباء، قبل أن تتمكن &من الهرب".
ونقلت سي إن إن عن محيطين ببعض ضحايا الدعارة القسرية، قولهم "إن استغلالهن يتم أمام الملأ وفي أماكن عامة، فمثلا &يترصد سائقو سيارات أجرة النساء اللواتي بلا ملجأ في الشوارع".
وقالت إيمان السيلاوي وهي رئيسة منظمة غير حكومية تقدم الرعاية لأحلام "إنهم يحاولون رصد الضحايا المحتملين للإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي مثل النازحيين واللاجئين، عبر فرق تنتشر في أماكن مختلفة من العراق، "لكن هناك أحياء لا نجرؤ على الذهاب إليها لدواع أمنية".
&
التعليقات