إيلاف من لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية القضاء العراقي اليوم بتجاهل شكاوى التعذيب في قضايا الارهاب وانتزاع اعترافات بالقوة وحذرت من أن المعتقلين يواجهون مخاطر كبيرة ودعت الى عدم نقل الدواعش من سوريا الى العراق كما طالبت بالزام القضاة بالتحقيق في قضايا التعذيب.&

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها الاربعاء تابعته "إيلاف" إن دراسة دقيقة لقرارات محكمة التمييز العراقية في القضايا المتعلقة بالإرهاب أظهرت على ما يبدو أن القضاة تجاهلوا مزاعم التعذيب أو اعتمدوا على اعترافات غير مدعومة في 20 قضية تقريبا خلال 18 شهرا. أُثبتت بعض مزاعم التعذيب من خلال فحوصات الطب الشرعي، وكانت بعض الاعترافات لا تدعمها أي أدلة أخرى، ويبدو أنها انتُزعت بالقوة، بما في ذلك عن طريق التعذيب.&

واشارت المنظمة في تقرير لها الاربعاء تابعته "إيلاف" الى انه في كل من هذه القضايا، كانت المحاكم الابتدائية قد أخذت مزاعم التعذيب على محمل الجد، ووجدتها موثوقة، وقيّمت الأدلة وأفرجت عن المتهمين.&

وقالت "تُبين هذه القضايا الثغرات في نظام العدالة الجنائية العراقي تمتد إلى أعلى مستوى حيث انه بموجب القانون الدولي، يجب ألا تعتمد المحاكم أبدا على الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب".&

دعوة الى عدم نقل الدواعش من سوريا الى العراق

ودعت الدول الأعضاء في "التحالف الدولي لهزيمة داعش التي ستجتمع غدا على هامش دورة "الجمعية العامة للأمم المتحدة" في نيويورك لمناقشة تدابير المسائلة عن جرائم داعش، أن تتفق على عدم نقل المشتبه بانتمائهم إلى داعش من سوريا إلى العراق إلى أن يتمكن النظام القضائي العراقي من ضمان امتثال المحاكمات الجنائية للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة وتفرض الحكومة وقفا على عقوبة الإعدام.

وقالت لما فقيه رئيسة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "خلُص تحقيقنا في عدد كبير من أحكام محكمة التمييز العراقية إلى ما يمكن أن يكون حالات متكررة لسوء المحاكمة في قضايا الإرهاب. كيف يمكن للمحامين وقضاة مكافحة الإرهاب العراقيين مشاهدة ما يحدث وهم مكتوفو الأيدي؟".

وراجعت هيومن رايتس ووتش ملفات قضايا التمييز في 27 قرارا صدر بين سبتمبر 2018 ومارس 2019 من قبل الهيئة الجزائية لـ"محكمة التمييز الاتحادية" وفي 21 من القضايا، نقضت المحكمة قرار الإفراج المحكمة الابتدائية وأمرت بإعادة المحاكمة، وفي قضيتين أيدت الإفراج، وأيدت في 4 قضايا إدانة المحكمة لكنها زادت الأحكام. هيومن واوضحت رايتس ووتش انها لم تتأكد من التأكد من أحكام القضايا التي أعقبت إعادة المحاكمة.

وبينت انه من أصل 27 قضية إرهاب، تمت المحاكمة في 23 قضية بموجب قانون مكافحة الإرهاب العراقي، و3 قضايا بموجب قانون العقوبات، وواحدة بموجب قانون الأسلحة رقم 51 لسنة 2017. أكد خبير قانوني عراقي مستقل صحة وثائق المحكمة.

وتنقسم المحاكم الجنائية في العراق إلى المحاكم الجزائية للجرائم الكبيرة، ومحاكم الجنح للنيابة العامة والمتهم والمشتكي الحق في الطعن في حكم الإفراج أو الإدانة أو الحكم في حكم المحكمة الجزائية وتنظر الهيئة الجزائية، التي تتألف من قاضٍ يرأس الهيئة وما لا يقل عن أربعة آخرين، في الطعون في محكمة التمييز الاتحادية في بغداد. تراجع الهيئة الجزائية تلقائيا جميع القضايا التي تصل أحكامها إلى السجن المؤبد (25 سنة) أو مدى الحياة أو الإعدام. يجوز للهيئة تأييد القرار، أو نقضه وإعادة القضية إلى المحكمة لإعادة المحاكمة أو إعادة التحقيق القضائي.

متهمون يدعون تعرضهم للتعذيب

وفي 6 قضايا، ادعى المتهمون في المحاكمات أن المحققين قاموا بتعذيبهم أو إكراههم بطرق أخرى على الاعتراف. ألغت الهيئة الجزائية أحكام الإفراج - وأمرت بإعادة المحاكمة، وبالاعتماد على الاعتراف الذي تم التراجع عنه، وذِكر أدلة إما لم يتم النظر فيها أثناء محاكمة المتهم أو رُفضت لأنها غير موثوق بها. في قضيتين، كان الاعتراف هو الدليل الوحيد. لم يكن واضحا من وثائق المحكمة ما إذا كان القضاة قد حققوا مع من زُعم أنهم قاموا بتعذيب المتهمين أو إكراههم، أو ما إذا كان المحققون القضائيون أو الشرطة أو النيابة العامة قد أجروا تحقيقات جنائية في مزاعم التعذيب وغيرها من الجرائم ضد المتهمين الذين تقدموا بشكاوى ضدهم.

وفي قضيتين، قدم المتهم تقريرا طبيا في الطب الشرعي وجد علامات على أن المتهم "تعرض لشدة خارجية"، لكن الهيئة الجزائية تجاهلت التقرير أو رفضته. في إحدى القضايا، ذكرت الهيئة الجزائية أنه "لا ينال من قيمة الأدلة المتوفرة في الدعوى ما جاء في التقرير الطبي الخاص بالمتهم"، على الرغم من أن الاعتراف المنتزع بالإكراه كان هو الدليل الوحيد المقدم في المحاكمة.

بينما لم تُثَر قضية التعذيب بشكل صريح في 7 قضايا، أفرجت محاكم الجنايات في الأنبار والكرخ وكركوك عن المتهمين لأنه لم يتم تقديم أدلة غير اعترافاتهم، حسب ما أظهرت ملفات القضية. في كل حالة، وجدت الهيئة الجزائية أن الاعتراف الخلافي كان دليلا كافيا لتوجيه التهم، وأمرت بإعادة المحاكمة.

قلق

&واكدت هيومن رايتس ووتش ان هذه القضايا تثير قلقا بشكل خاص في ضوء التعليقات التي أدلى بها خبير قضائي عراقي وخبيران في القانون العراقي وقضايا الإرهاب. قالوا جميعا إنه من خلال تجربتهم، عندما تُبطِل الهيئة الجزائية حكما بالإفراج وتأمر بإعادة المحاكمة، فهي ترسل رسالة واضحة مفادها أنه ينبغي على المحكمة الابتدائية تغيير قرارها. قالوا إنه لا يمكن اعتبار هذه المحاكمات بمثابة أمر قضائي محايد لإعادة تقييم وقائع القضية، بل بمثابة أمر ضمني لإدانة المتهم.

وقالت هيومن رايتس ووتش انها رسالة إلى رئيس "مجلس القضاء الأعلى" في العراق في 10 يونيو 2019 مرفقة النتائج. ردّ مجلس القضاء الأعلى، الذي يدير شؤون القضاء الاتحادي ويشرف عليها، في 20 يونيو، وطلب تفاصيل القضايا التي تمت مراجعتها، والتي قدمتها هيومن رايتس ووتش في 26 يونيو. ذكر أيضا أن "محكمة التمييز هي الهيئة القضائية العليا التي تتكون من مجموعة من القضاة المتميزين في عملهم لذا لا يمكن الاعتماد على رأي بعنوان (خبير قانوني) وترجيحه على عمل محكمة التمييز لأن هذا الخبير مهما كان عمله لا يمكن أن يصل في المهنية والدقة في العمل القضائي للقضاة". وفي 18 يوليو، شارك مجلس القضاء الأعلى مع هيومن رايتس ووتش أمرا صادرا عن رئيس المجلس يقضي بدراسة القضايا التي أشارت إليها المنظمة دون أن يقدم معلومات إضافية حتى نشر هذا التقرير.

دعوة لإلزام القضاة بالتحقيق في قضايا التعذيب

واشارت المنظمة الى انه تماشيا مع المعايير القانونية الدولية والإجراءات الجنائية العراقية، ينبغي لمجلس القضاء الاعلى ان يصدر مبادئ توجيهية تُلزم القضاة بالتحقيق في جميع مزاعم التعذيب الموثوقة ومع قوات الأمن المسؤولة، ونقل المحتجزين إلى أماكن مختلفة فور ادعائهم التعذيب أو سوء المعاملة، لحمايتهم من الانتقام. ينبغي أن يكرر المجلس للقضاة أنهم مُلزمون برفض أي دليل تم الحصول عليه عن طريق التعذيب. ينبغي للسلطات القضائية التحقيق وتحديد المسؤولين عن أي تعذيب، ومعاقبة الضباط والأفراد المسيئين، وتعويض الضحايا.

وشددت على&انه ينبغي فورا لمجلس القضاء الأعلى مراجعة جميع القرارات المتعلقة بالإرهاب التي أصدرتها الهيئة الجزائية منذ بداية 2018، ثم النظر بناء على النتيجة فيما إذا كانت المراجعة الكاملة منذ 2005 ضرورية، ومعالجة أي أخطاء قضائية يحددها.

ينبغي للسلطات أيضا ضمان وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وأن يتمكن جميع المحتجزين من الاتصال بمحام، بما في ذلك أثناء الاستجواب؛ وأن يمثلوا أمام القاضي في غضون الـ24 ساعة الأولى من اعتقالهم وعلى فترات منتظمة بعد ذلك، حيث يحدد القاضي مشروعية وضرورة استمرار احتجازهم؛ ونقل المحتجزين إلى مرافق يمكن تفتيشها من قبل الحكومة، وزيارتها بصورة منتظمة من قبل مراقبين مستقلين وأقارب المحتجزين.&

المعتقلون يواجهون خطرا كبيرا

كما ينبغي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والدول الأخرى التي لديها مواطنون يواجهون محاكمات إرهاب محتملة في العراق، الضغط على مجلس القضاء الأعلى لمشاركة نتائج أي مراجعة يجريها في محكمة التمييز الاتحادية العراقية، وضمان تنفيذ الإصلاحات لمعالجة العيوب الخطيرة التي أثيرت في هذا التقرير.

وقالت فقيه إن "هذا التحقيق يظهر أن المعتقلين في العراق يواجهون خطرا كبيرا من أن تكون محاكماتهم جائرة في كل مرحلة من مراحل العدالة الجنائية، لذلك ينبغي لمجلس القضاء الأعلى النظر مليّا في القرارات المتعلقة بالإرهاب الصادرة عن الهيئة الجزائية".
&