بعدما صدمت "مؤسسة موناليزا" في سويسرا العالم بكشفها عن وجود نسخة قديمة من لوحة موناليزا، نشب نزاع قانوني حول ملكية هذه النسخة التي رسمها الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافينشي.
&
"إيلاف" من بيروت: في عام 2012، كشفت "مؤسسة موناليزا" في سويسرا النقاب عن الإصدار القديم من لوحة موناليزا بريشة ليوناردو دافينشي، وأشار الخبراء حينها إلى عقد تشابه لا شك فيه، وأن التشابه في رسم الشفة العليا على وجه الخصوص يشير إلى ذلك. وتظهر اللوحة امرأة أصغر سنًا من اللوحة الموجودة في متحف اللوفـر في باريس منذ أكثر من ثلاثة قرون.

التحاليل الدقيقة التي أجريت على اللوحة بنسختها القديمة في مخابر مركز ترميم الآثار الفنية التابع للمتاحف الفرنسية تدحض الرأي الذي كان سائدًا، ومفاده أن صاحب "موناليزا" بنسختها القديمة هو رسام من منطقة الفلاندر التابعة لبلجيكا. وتؤكد التحاليل أن اللوحة رُسمت في الوقت الذي رسمت فيه شقيقتها الموجودة في متحف اللوفر، أي خلال الفترة الممتدة بين عامي 1503 و1506.

بريشة دافينشي
يقول المخرج والكاتب جان بيير إيسبوتس أنه كانت تنتابه الشكوك عندما سمع بوجود نسخة ثانية من موناليزا، وهذا ما دفعه إلى السفر إلى سويسرا لمشاهدة اللوحة. وبعدما أمضى ساعتين في تفحصها، أدرك أنها بالفعل كانت بريشة دافينشي.

لوحة الموناليزا السابقة التي كشفت عنها مؤسسة الموناليزا في جنيف في سويسرا

يشير إيسبوتس أيضًا إلى أن السجلات التاريخية تشير إلى أن ليوناردو رسم لوحة "موناليزا"، وقدمها إلى شخصين مختلفين، ما يثير احتمال أن يكون قد أكمل صورتين منفصلتين.

يذكر الفنان والمورخ الفني الإيطاليّ جورجيو فاساري، المعروف بكتاباته الشهيرة لسير الفنانين الإيطاليين، بوضوح، أن دافينشي عمل على لوحة موناليزا مدة أربع سنوات، ثم تركها غير مكتملة. يتطابق هذا الأمر مع ظهور النسخة القديمة من اللوحة التي تتمتع بخلفية غير مكتملة، على عكس الصورة الشهيرة المعلقة في متحف اللوفر.

تظهر اللوحة التي عُرضت على الخبراء ووسائل الإعلام امرأة تبدو في مطلع العشرينيات من العمر، وليس الثلاثينيات، كما في اللوحة المعروضة في اللوفر، تأخذ الوضعية ونظرة العينين نفسيهما كما في لوحة اللوفر. وأكد ستانلي فيلدمان المولود في إيرلندا وأخوه ديفيد اللذان عملا فترة طويلة في مجال فن اللوحات، أن أدلة تاريخية ومقارنة حاسمة وفحصًا علميًا باستخدام أحدث التقنيات تدعم رأيهما بأن اللوحة أصلية.

كيف ظهرت؟
يقول خبير الهندسة الإيطالي ألفونسو روبينو أنه قام بدراسات موسعة لهندسة لوحة "رجل فيتروفيان" التي رسمها دافينشي، وهي لوحة لشاب يبسط ذراعيه وساقيه، وكان استنتاجه أن لوحة موناليزا القديمة المعروفة بـ "إيزلورث" التي سُميت باسم إحدى ضواحي لندن، حيث كان يحتفظ بها البريطاني هيو بلاكر قبل ثمانين إلى تسعين عامًا، مطابقة لهندسة دافينشي، ولا بد أنها اللوحة التي رسمها.

كتب الكاتب والرسام جورجيو فاساري عن ليوناردو دافنشي والموناليزا في القرن السادس عشر

ظهرت النسخة الأصلية فجأةً في عام 1913، عندما اشتراها تاجر اللوحات الفنية هيو بلاكر من منزل مانور في سومرست. واعتقد حينها أنه حصل على شيئ ثمين وحاول بيعها.

على الرغم من النجاح في تعقب اللوحات الأصلية لفنانين، مثل روبنز وفيلازك وإيل جريكو ومانيت وكونستابل وتيرنر، إلا أن التعاملات التجارية لبلاكر غالبًا ما كانت سيئة، ولم يتمكن أبدًا من بيع نسخة لوحة موناليزا القديمة.

رسم بياني يعرض أوجه تشابه اللون بين اللوحتين في عرض مؤسسة الموناليزا في جنيف

بعد وفاة بليكر، انتهى الأمر باللوحة في يد تاجر للوحات الفنية غريب الأطوار يُدعى هنري بوليتزر، وكان يعتقد أن الموناليزا بنسختها القديمة أكثر إثارة للإعجاب من نظيرتها الأكثر شهرة في متحف اللوفر. لكنه كان بحاجة إلى بعض المساعدة لإقناع العالم بأن ليوناردو دافينشي رسم كلتيهما.

نزاع قانوني
يدعي البريطاني أندرو جيلبرت أن عائلته كانت تعرف بوليتزر، واشترت بعض اللوحات منه. وقد عرض لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بعض الوثائق التي تشير إلى أن عائلته اشترت 25 في المئة من اللوحة في عام 1964.

لا توافق "مؤسسة موناليزا" على ادّعاءات جيلبرت. وتعليقًا على الموضوع، قال رئيس المؤسسة للصحافة في يوليو الماضي إن هذه القضية ليست قائمة على أسس متينة، ولا أساس لها من الصحة.

طلبت عائلة جيلبرت المساعدة من كريستوفر مارينيلو، الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ "أرت ريكوفوري إنترناشيونال"، الذي استرد ما قيمته نحو 510 ملايين دولار من الأعمال الفنية على مر السنين، وبدأوا بإجراءات قانونية ضد "مؤسسة موناليزا: في إيطاليا في أثناء عرض اللوحة في فلورنسا.
&
هوية المالك
قبل جلسة المحكمة خلال هذا الأسبوع، قال محامي عائلة جيلبرت، جيوفاني بروتي، إن هذه هي القضية الأكثر صعوبة وإثارة للاهتمام التي عمل عليها على الإطلاق.

البروفيسور مارتن كيمب هو أحد الرائدين في العالم بشأن فن ليوناردو دافنشي

بعد جلسة استماع في المحكمة يوم الثلاثاء الماضي، قالت كارين جيلبرت إن "مؤسسة موناليزا" كشفت أمام القاضي أن شركة موناليزا في جزيرة أنغيلا، إقليم ما وراء البحار البريطانية، هي صاحبة اللوحة.

هذا لا يثبت بطبيعة الحال أن عائلة جيلبرت تمتلك حصة في الصورة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها "مؤسسة موناليزا" عن هوية المالك.
&
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "بي بي سي". الأصل منشور على الرابط:
https://www.bbc.co.uk/news/entertainment-arts-50046133
&