أسامة مهدي: مع قرب انتهاء الفترة الدستورية المحددة لترشيح رئيس للحكومة العراقية الجديدة مساء غد الخميس فقد بدأ محتجو ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات ترشيح شخصيات يعتقدون ان واحدا منها يصلح لهذه المهمة الصعبة في أزمة العراق الحالية.

فقد رفع المحتجون في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية والشمالية والغربية الاربعاء يافطات حصلت "إيلاف" على صورها في ساحات التظاهر وشوارع المدن في العاصمة وتلك المحافظات تعلن ترشيح ثلاث شخصيات يمكن ان تتولى احداها مهمة رئاسة الحكومة للفترة الانتقالية المقبلة التي ستقود لتشكيل حكومة جديدة واجراء انتخابات مبكرة وتعديل الدستور العراقي.

وقال المحتجون في هذه اليافطات التي حملت صور هذه الشخصيات الثلاث "لا لمرشحي الاحزاب.. نعم لواحد من الوطنيين الشرفاء مثل عبد الوهاب الساعدي ورحيم العكيلي وسنان الشبيبي".

وأبلغ أحد ناشطي الاحتجاجات "إيلاف" ان المتظاهرين يرون ان المرحلة الحاسمة المقبلة تستدعي تولي الساعدي رئاسة الحكومة والشبيبي حقيبة المالية والعكيلي حقيبة العدل وهما من الوزارات السيادية المهمة في البلاد.

المحتجون العراقيون يرفضون مرشحي الاحزاب السياسية

والفريق الركن عبد الوهاب الساعدي هو نائب رئيس جهاز مكافحة الارهاب السابق والقاضي العكيلي رئيس هيئة النزاهة العامة سابقا والدكتور سنان الشبيبي الخبير الاقتصادي رئيس البنك المركزي العراقي سابقا والاثنان الاخيران اصطدما مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لوقوفهما بوجه اجراءاته غير القانونية للاستحواذ على اموال العراق لصالحه وحزبه حتى انه دفع القضاء الى اصدار احكام باعدام العكيلي والسجن سبع سنوات للشبيبي.

أيقونة النصر.. الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي

وعبد الوهاب عبدالزهرة الساعدي ولد في مدينة العمارة جنوب العراق وانتقل إلى بغداد ليسكن مدينة الصدر ويكمل دراسته الاولية والثانوية فيها ثم درس في جامعه الموصل ليحصل على شهادة البكالوريوس في الفيزياء.

دخل الكلية العسكرية الأولى بدورتها69 وتخرج برتبة ملازم وخدم في وحدات القوات الخاصة. ثم دخل كلية القيادة وبعدها الأركان دورة 61 برتبة نقيب وهو من بين العشرة الاوائل على دورته وتخرج برتبة رائد ركن من كلية الأركان بتقدير عالٍ&ومنح شهادة الماجستير في العلوم العسكرية.

وبعدها دخل كلية الحرب برتبة عقيد ركن وعمل استاذا محاضرا في كلية الأركان لكونه من المتفوقين عام 2000 وتخرج على يديه عدد من الضباط العراقيين والعرب.
ثم نقل الى جهاز مكافحة الإرهاب وأصبح رئيس أركان قواتها وأشرف علی تخريج الكثير من مقاتلي العمليات الخاصة.

ولعب الساعدي دورا بارزا في عمليات قتال داعش منذ معركة الرمادي مركز محافظة الأنبار في عام 2014 لحين تحرير مدينة الموصل منتصف عام 2017.

وللساعدي صولات وجولات على الجبهات خلال عمليات القضاء على تنظيم داعش، فقد قاد عمليات تحرير بيجي وتكريت في العام 2015 ثم معارك الفلوجة في عام 2016 حين سطع نجمه.

ويصف كثيرون الساعدي بأنه "أيقونة النصر".. وكان قد نجا من محاولات اغتيال عدة بسيارات مفخخة أو عبر عمليات قنص منفردة وذلك أثناء قيادته للمعارك ضد تنظيم داعش.

وقد أطلقت عليه إحدى الصحف الأميركية تسمية "رومل الجدبد " Rommel of lraq في اشارة الى ثعلب الصحراء القائد الألماني ارفين رومل لما يمتاز به من خطط عسكرية باهرة قادرة على صعق العدو بأسرع وقت.

لافتات المرشحين الثلاثة في محافظات عراقية

لم يخسر الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أي معركة خاضها من معارك التحرير التي قادها بأقل الخسائر وكانت توجيهاته تقضي بالحفاظ على البنى التحتية وأرواح المدنيين وممتلكاتهم.

القاضي عبد الرحيم العكيلي الذي حكمه المالكي بالاعدام

&اما الشخصية الثانية التي رشحها المحتجون فهو القاضي عبد الرحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة العامة سابقا.

والعكيلي ولد في بغداد عام 1966 حاصل على بكالوريوس قانون وماجستير قانون من كلية القانون بجامعة بغداد وجامعة سانت كليمنت بكالوريوس عام 1991 وماجستير 2007.&
وكان قد واجه اجراءات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المخالفة للقانون وقد قدم اتهامات للمالكي الى الادعاء العام الذي اهملها فاصر عليها داعيا الى محاكمته على جرائم اقترفها وسلطته وحاشيته.

والعكيلي رئيس المركز الوطني للدراسات القانونية والقضائية قاض عرف عنه جرأته وآراؤه الصريحة وقد حظي برضى القوى السياسية والسلطة التنفيذية العراقية في حينها وتم تكليفه برئاسة هيئة النزاهة العراقية وعندما يتقدم قاضي كان في مركزه وله خبرته الوسعة بشكوى كهذه ويطلب فيها محاكمة المالكي ويعرفه في الشكوى كمتهم فأنه كان مدركا لما هو مقبل عليه ولعواقبه التي قد تصل الى الاغتيال وتلفيق التهم ومحاكمته وفي ادنى الضرر التشهير بسمعته.

وتضمنت الشكوى بنودا كثيرة منها: الخيانة العظمي والتسبب في حصول تنظيم داعش على اسلحة عراقية متطورة تقدر قيمتها باكثر من خمسة عشر مليار دولار والمسؤولية التامة عن مجزرة سبايكروارتكابه المجزرة الكبرى في كربلاء ضد أنصار السيد الحسني عام2014.. مؤكدا ان الادلة على ذلك موجودة وهي دعاوى تلك المذابح في مراكز الشرطة والطب العدلي ودوائر الإدعاء العام بتلك المناطق.

&كما دعا الى فتح وادارة السجون السرية التي تجري فيها اسوأ وابشع انواع الانتهاكات في تاريخ العراق الحديث وفق الثابت في تقارير لمجلس النواب وتقارير منظمات دولية محترمة كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايس ووتش وارهاب وقمع المتظاهرين السلميين في بغداد والبصرة ومحافظات اخرى عام 2011 باستخدام القوى الامنية والمروحيات وتصفية بعض الناشطين اضافة الى تأسيس مليشيات خاصة به ودعمها باموال الدولة واسلحة واليات وحصانة الدولة لتنفيذ اجنداته غير المشروعة ، خلافا لاحكام الدستور.

كما اتهم العكيلي المالكي باستغلال اموال الدولة ومواردها وعقاراتها في دعايته الانتخابية ودعاية كتلته واساءة استخدام السلطة واستغلال نفوذه في تمكين اقاربه واصهاره وابنه من مقدرات الدولة وسرقة نصف النفط المباع للاردن عن طريق 14شركة مسجلة في لبنان و8 شركات مسجلة في الاردن.. وكذلك استغلاله وظيفته في اختلاس طائرة مهداة للدولة العراقية بتسجيلها باسمه خلافا للقانون وايضا انشاء سجون سرية وايداع الموقوفين فيها كسجن الشرف وغيره من عشرات السجون في وزارة الداخلية والالوية والثكنات العسكرية خلافا للقانون. وقد قدم العكيلي شكواه استنادا الى مواد القانون وضمنها خروقات عديدة منها تعطيلا لقوانين وتشريعات وهتكا للسيادة والكرامة واهانة للدستور ولمن وضعه وصادق عليه.&

وازاء ذلك فقد وجه له القضاء بدفع من المالكي حوالي 20 تهمة بينها التحريض على الارهاب التي توصل المدان بها الى حبل المشنقة وصدرت احكام ضده بالسجن والمصادرة ما اضطره الى المغادرة الى بلد مجاور حتى عودته الى العراق في &مارس الماضي بعد ان قرر مجلس القضاء الأعلى قبول اعتذاره عن مهاجمته للقضاء.

والعكيلي رجل مهني ولم يخضع للضغوط الحكومية بشأن مكافحة الفساد خلال عمله لأكثر من 3 سنوات رئيسا لهيئة النزاهة.

الخبير الاقتصادي سنان الشبيبي وقف بوجه نهب المالكي لاموال العراق

وسنان محمد رضا الشبيبي من مواليد الاول من&يوليو عام 1941 في بغداد وهو إقتصادي ومحافظ البنك المركزي العراقي من سبتمبر عام 2003 إلى أكتوبر 2012.

تخرج الشبيبي من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بغداد عام 1966 حاصلاً على شهادة بكالوريوس في الاقتصاد، كما حصل على دبلوم في الدراسات العليا في التنمية والاقتصاد وشهادة ماجستير بعلم الاقتصاد من جامعة مانشستر البريطانية وشهادة الدكتوراه بعلم الاقتصاد من جامعة برستل البريطانية عام 1975.&

وشغل في 1975 لعامين مهمة رئيس قسم الإستيراد والتسويق في وزارة النفط العراقية و بعدها لعامين رئيس قسم التخطيط و التنسيق في وزارة التخطيط العراقية. وبعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية عام 1980انتقل الشبيبي إلى جنيف بسويسرا وبقى هناك من كانون الاول ديسمبر 1980 حتى أكتوبر 2001 حيث عمل خبيرا أقتصاديا في مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية.

وبعد عودته للعراق بعد سقوط النظام السابق تولى منصب محافظ البنك المركزي العراقي فادخل انظمة الحسابات ونظم الدفع الحديثة للمؤسسة المالية واستبدل الطابعات اليدوية و الحاسبات بأنظمة حواسيب حديثة و ادوات المحاسبة كمزادات بيع العملة واستبدل العملة النقدية ماقبل عام 2003 إلى العملة الجديدة عام 2004 كما قام بإشراك البنك المركزي العراقي في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالاضافة لمفاوضات نادي باريس حيث وافقت 19 دولة على إعفاء العراق من 80% بالمئة من ديون ما قبل-2003 لمساعدة العراق التعافي من مرحلة ما بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في 2003.&

وقد استطاع الشبيبي الحفاظ على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي على 1190 دينار لكل دولار أميركي ( بينما كان سعر الصرف 2214 دينار لكل 1 دولار في عام 2002)، و قلل نسبة التضخم المالي (من 64% عام 2006، إلى 5.2% عام 2012) وضاعف احتياطي الذهب إلى 32 طن كما ظل مدافعاً قوياً على إستقلالية البنك المركزي.&
وقد ساعد إستعماله لهذه السياسات وارتفاع إيرادات النفط على رفع احتياطي النقد الاجنبي الى مايقارب 67 مليار دولار في&سبتمبر عام 2012 على ماكان في عام 2002 وهو 2.7 مليار دولار.&

لكن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ابعد الشبيبي عن منصبه محافظا للبنك المركزي بسبب رفضه تحويل اموال ضخمة من قبل المالكي وخاصة الى ايران اضافة الى عمليات&تهريب اموال وغسيلها في البنك المركزي العراقي حيث عين المالكي أربعة من أفراد حزبه الحاكم الدعوة بمناصب كبيرة داخل البنك وهم ليسوا من ذوي الاختصاص حتى تأثرالبنك واخذت العشوائية تضرب عمله وهم مدير دائرة غسيل الأموال ومدير الدائرة القانونية ومدير مراقبة المصارف ومدير الدائرة الاقتصادية.

وأخذ الفساد يستشري داخل البنك المركزي من قبل عناصرالمالكي في الحزب فمدير دائرة غسيل الأموال تخصص بغسيل أموال العراق لصالح تجار حزب الدعوة ومدير القانونية يتستر عليه ومدير مراقبة المصارف أخذ يبيع الدولار إلى المصارف الأهلية المرتبطة بالحزب ورئيس الوزراء بمبالغ أقل من السوق ما جعل العراق كما يؤكد مختصون عراقيون يخسر ملايين الدولارات يومياً بسبب هذا الفساد وتهريب أموال ميزانية الحكومة إلى الخارج.

وعندما قرر محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي تغييرهم من أجل المحافظة على أموال البلاد من السرقة وصله خطاب من رئيس الوزراء نوري المالكي انذاك يمنعه من إبعاد هؤلاء الفاسدين مهددا اياه بالعزل.

&وبعد إبعاد الشبيبي لهؤلاء الفاسدين غضب المالكي وضغط على رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود فأصدر مذكرة إلقاء قبض ضده في وقت كان في سويسرا يحاضر حول السياسة النقدية الجديدة ضمن ندوة عالمية لصندوق النقد العالمي.

وبعد ذلك عيّن المالكي احد قياديي حزبه علي العلاق محافظا للبنك المركزي ليسلم السلطة إلى حيدر العبادي وميزانية العراق خاوية واحتياطي البنك المركزي منهموبا ليدخل العراق&في أزمة مالية كبيرة لا يستطيع النهوض منها بعد عقد من الزمن حتى لو تحسنت أسعار النفط اليوم.

&ونقلا عن الشبيبي فإن المالكي تسلم أموالا أكثر من كُل حكام العراق مجتمعين ولم يحقق فيها أي مُنجز يذكر للشعب العراقي وللوطن وكانت تكفي لبناء وطن جديد وفق أحدث المواصفات العالمية يتسع لـ 30 مليون نسمة يعيشون فيه برفاهية واستقرار يكون أُمنية لكل البشر في العالم للعيش فيه.

&وبعد خروج المالكي من منصبه عام 2014 قررت محكمة الجنايات في بغداد تبرئة سنان الشبيبي من التهمة الباطلة التي حاكها ضده المالكي وحكَم جراءها بالسجن سبع سنوات وعدّتها المحكمة تُهمة سياسية خالصة وليس جناية لعدم وجود أي ملف إدانة ضده.

وتأتي هذه التطورات فيما تتصاعد منذ الاول من أكتوبر الماضي حركة شعبية غاضبة اندلعت احتجاجا على الفساد والبطالة وتردي الخدمات وللمطالبة بإسقاط النظام ورفع القبضة الإيرانية عن البلاد.