بغداد: لن تكون المهمة سهلة أمام محمد توفيق علاوي، الذي تم تكليفه السبت تشكيل حكومة جديدة في العراق، مع شارع منتفض منذ أربعة أشهر في وجه السلطة، ودعوات لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وانقسام حاد بين الأفرقاء السياسيين.

جاء تكليف علاوي في الوقت "بدل الضائع" للمهلة التي حددها رئيس الجمهورية برهم صالح للكتل السياسية لتسمية شخصية ترأس الحكومة بدلاً من المستقيل عادل عبد المهدي، قبل أن يتخذ الرئيس نفسه قراراً أحادي الجانب.

بدأ علاوي مشواره السياسي في العام 2003، حين انتخب نائباً في برلمان ما بعد سقوط نظام الديكتاتور الراحل صدام حسين، عقب الغزو الأميركي للبلاد.

عيّن وزيراً للاتصالات في العام 2006 واستقال في العام 2007، وعاد نائباً في العام 2008 ليخلف نائبة متوفاة، وفاز أيضاً بعضوية المجلس في العام 2010.

في العام نفسه، عيّن مجدداً وزيراً للاتصالات في حكومة نوري المالكي، لكن تلك الفترة لم تكتمل، وطبعت سيرته السياسية باستقالته من الحكومة في آب/أغسطس العام 2012.

يومها اتهم علاوي المالكي بغضّ النظر عن عمليات فساد يقوم بها مقربون منه.

وقال حينها في مقابلة مع وكالة فرانس برس في لندن مقر إقامته "أنا واثق بأن الأشخاص المحيطين بالمالكي فاسدون"، متهماً رئيس الوزراء الأسبق بأنه لا يتخذ أي إجراء ضد المقربين منه".

واوضح علاوي حينذاك أنه يملك وثائق تؤكد وجود عمليات كسب غير مشروع داخل الحكومة، وأنه سيكشف عنها في الوقت المناسب.

ويمكن لرئيس الوزراء المكلف، إذا كان يمتلك هذه الوثائق، أن يستخدمها اليوم لكسب رضى الشارع الذي انتفض ضد الطبقة الحاكمة للبلاد منذ 17 عاماً.

ويشهد العراق منذ أربعة أشهر تظاهرات غير مسبوقة ضد الحكومة أسفر رد السلطات عليها عن سقوط نحو 480 قتيلاً معظمهم من المتظاهرين نتيجة أعمال عنف في العاصمة بغداد ومناطق الجنوب الشيعية.

مستقل؟

علاوي الشيعي كان ينتمي إلى قائمة "العراقية" التي تقدم نفسها على أنها ائتلاف علماني، علماً أنها تمثل غالبية السنة في البلاد، ويتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، قريب الوزير السابق.

لكن علاوي، الذي عمل في إنتاج الأسلاك والكابلات الكهربائية وبعدها في مجال التصميم المعماري والمقاولات والتجارة بين بريطانيا ولبنان، يقدم نفسه اليوم على أنه مستقل.

لكن هذه الاستقلالية المعلنة تثير قلق الشارع، اذ سبق أن خاض تجربة المستقلين مع عبد المهدي، الذي وصل إلى المنصب بالتوافق نفسه بين كتلتي "الفتح" التي يتزعمها هادي العامري، و"سائرون" التي يتزعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

ويرى معارضو علاوي، الذي تخرج بالهندسة المعمارية من الجامعة الأميركية في بيروت في العام 1980، أن هناك تشابهاً بينه وبين عبد المهدي.

ويلفت بعض هؤلاء إلى أنه شخصية لا تحمل برنامجاً في إدارة الدولة ولا خطة لاستقرار البلاد.

وقال أحد المسؤولين السياسيين العراقيين لوكالة فرانس برس إن علاوي "سيعمل على إرضاء الأحزاب التي أتت به إلى السلطة، بسبب شخصيته الضعيفة".

ومن هنا يحاول البعض المقارنة بينه وبين سلفه، إذ إن عبد المهدي سقط في امتحان تشكيل حكومة لم تكتمل إلا بعد عام من تكليفه بسبب الانقسام السياسي، وحين اكتملت، أسقطه الشارع.

ويحمل عليه البعض، كعبد المهدي أيضاً، تقلباته في الانتماءات، بين الإسلاميين من آل الصدر أولاً ثم حزب الدعوة، وصولاً إلى التوجه العلماني واختلافه مع الأحزاب الإسلامية.

لكن كل ذلك يتوقف على قدرة الرئيس المكلف على إدارة إرث ثقيل من الحكومة السابقة، وبلد يرزح، إضافة إلى ضغط الشارع، تحت ضغط التوتر القائم بين إيران والولايات المتحدة، على وقع دخول الصين كقوة جديدة إلى البلاد.